عون يؤكد الاستقرار المالي: موازنة لبنان لأول مرة من 2005

TT

عون يؤكد الاستقرار المالي: موازنة لبنان لأول مرة من 2005

رأى الرئيس اللبناني ميشال عون أن «الإجراءات التي أقرها مجلس الوزراء ستؤمن، متى وافق عليها مجلس النواب، إصدار الموازنة العامة للدولة ذلك للمرة الأولى منذ عام 2005، بالتزامن مع الالتزام بإنجاز قطع الحساب خلال الأشهر القليلة المقبلة»، مشدداً على أن الأولوية «لما يحقق المصلحة الوطنية ويحفظ الاستقرار العام والانتظام المالي ويوقف الاستنساب في التعاطي مع الاعتمادات المالية للدولة التي هي في وضع غير مثالي».
وأقرت الحكومة أول من أمس «مشروع قانون معجل مكرر يتضمن التعديلات الضريبية اللازمة لقانون الضرائب» الذي رده المجلس الدستوري لمجلس النواب الأسبوع الماضي، على أن ترسله الحكومة إلى المجلس النيابي لإقراره.
وأعرب عون عن أمله «في أن يقر مجلس النواب خلال الأيام القليلة المقبلة مشاريع القوانين التي أحالتها الحكومة وفقا للقرارات التي اتخذت خلال جلسة مجلس الوزراء في قصر بعبدا يوم الخميس الماضي»، متمنياً أن «يشكل إقرار المجلس النيابي لمشاريع القوانين، منطلقا لمعالجة الوضعين المالي والاقتصادي في البلاد، وفق ما تقتضيه المصلحة الوطنية العليا».
وقال عون أمام زواره أمس: «إن الإجراءات التي اتفق عليها خلال جلسة مجلس الوزراء الخميس الماضي، كان لا بد منها بعدما سدت كل الأبواب أمام الحلول المختلفة التي طرحت سواء بالنسبة إلى إقرار الموازنة وإصدارها وفقا للأصول الدستورية، أم بالنسبة إلى مقاربة القانون الضرائبي الذي أبطله المجلس الدستوري».
وأضاف: «إذا كانت معالجة قانون الضرائب تمت من خلال مشروع قانون جديد سيعرض على مجلس النواب، فإن إصدار الموازنة يحتم إقرار قطع الحسابات عن الأعوام الماضية، وهو أمر لم يكن في الإمكان إنجازه خلال مدة قصيرة ما يعني أن البلاد كانت ستبقى من دون موازنة، وسيستمر الخلل في المالية العامة للدولة». وتابع عون: «توجهنا تقديم المصلحة العامة على النصوص، خصوصا أننا في مرحلة استثنائية تحتاج إلى قرارات استثنائية وجريئة ووطنية يدفع رئيس الدولة في اتجاه اتخاذها مهما ترتبت عليها من نتائج، لأنها تبقى أفضل بكثير من تعريض البلاد لأزمة مالية واقتصادية يدفع ثمنها الباهظ، الشعب والدولة معا»، لافتاً إلى أن «الدولة واجهت في ملف الموازنة والقانون الضرائبي تداخلاً وتناقضاً في النصوص القانونية، فكان لا بد لرئيس الجمهورية انطلاقا من مسؤوليته الوطنية، من اعتماد خيارات تحمي الانتظام المالي العام من جهة، وتحافظ على المصلحة الوطنية العليا من جهة ثانية وتمنع إغراق البلاد في الفوضى التي تمس الكيان والنظام الاقتصادي والاستقرار المالي في الصميم».
ورأى أن «الإجراءات التي أقرها مجلس الوزراء سوف تؤمن، متى وافق عليها مجلس النواب، إصدار الموازنة العامة للدولة وذلك للمرة الأولى منذ عام 2005، بالتزامن مع الالتزام بإنجاز قطع الحساب خلال الأشهر القليلة المقبلة».
وأكد رئيس الجمهورية أن «التعاون القائم بين السلطتين التنفيذية والتشريعية كفيل بإحباط أي محاولة للنيل من مناعة الدولة، ونظامها المالي والاقتصادي وتأمين حقوق المواطنين، لأن النصوص القانونية وجدت في النهاية لحماية هذه الحقوق التي هي أمانة في أعناق المسؤولين وفي مقدمهم رئيس الدولة».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.