بحث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الوضع في سوريا، لا سيما في محافظة دير الزور مع أعضاء مجلس الأمن القومي الروسي، فور عودته من أنقرة حيث أجرى محادثات مع نظيره التركي رجب طيب إردوغان، ركزت على الوضع في سوريا والتعاون بين البلدين في هذا الشأن. وفي موسكو كان التعاون بين روسيا والولايات المتحدة موضوعاً رئيساً في تصريحات كبار المسؤولين من الخارجية الروسية، الذين واصلوا حملة الانتقادات للسياسة الأميركية في سوريا، لكنهم أكدوا في الوقت ذاته أهمية التعاون والتنسيق بين الجانبين للقضاء على الإرهاب والتوصل إلى تسوية سياسية للأزمة السورية، وأشاروا إلى أن العالم بأسره ينتظر هذا التعاون. وفي خلفية هذه التطورات السياسية برزت مجدداً المساعي الروسية لاستغلال العملية العسكرية في سوريا لأغراض تجارية حربية، وقال دميتري روغوزين، نائب رئيس الحكومة الروسية والمسؤول عن ملف الصناعات الحربية، إن العملية السورية تؤكد أن «روسيا تصنع السلاح للحرب وليس للعروض العسكرية».
بوتين كان قد ترأس صباح أمس، فور عودته من تركيا، اجتماعاً لمجلس الأمن القومي الروسي. وقال دميتري بيسكوف، المتحدث الرسمي باسم «الكرملين»، إن «الرئيس عقد اليوم اجتماعاً عملياتياً للأعضاء الدائمين في مجلس الأمن القومي»، وأشار إلى أن «المجتمعين بحثوا بالتفصيل المشكلة السورية، خصوصاً الوضع حول مدينة دير الزور، مع أخذ المحادثات التي أجراها بوتين أمس مع رجب طيب إردوغان في الحسبان». وكانت الأزمة السورية، والتعاون بين موسكو واشنطن فيها، ملفاً رئيسياً توقف عنده وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خلال استقباله، أمس، مجموعة من الخبراء السياسيين الأميركيين، الذين وصلوا موسكو للمشاركة في منتدى حول العلاقات بين البلدين.
وفي مستهل اللقاء وصف لافروف الوضع الراهن للعلاقات بين البلدين، لكنه أبعد الرئيس ترمب عن دائرة الاتهام، وحمّل المسؤولية عن هذا الوضع لخصوم الإدارة الحالية «الذين يتهمون روسيا بكل الذنوب ويحمّلونها مسؤولية كل ما يجري في الولايات المتحدة»، وانتقل بعد ذلك إلى نشاط البلدين حول الأزمة السورية، كمثال على التعاون الثنائي، وعبّر عن قناعته بأن ذلك التعاون «مثال على كيفية تحييد المشكلات والتركيز على المصالح المشتركة»، وذلك على الرغم من وجود مشكلات «لأننا لا نفهم الأمور بشكل متطابق». وأكد أن العالم بأسره بانتظار التعاون بين روسيا والولايات المتحدة وقال إن «المجتمع الدولي سيتنفس الصعداء، في حال انطلاق مثل هذا التعاون».
من جانب آخر، أكد أوليغ سيرومولوتوف، نائب وزير الخارجية الروسي، المسؤول عن ملف التعاون في الحرب ضد الإرهاب، أن موسكو مهتمة بالتنسيق والتعاون مع الولايات المتحدة في سوريا، وعدَّ رفض هذا التعاون والامتناع عنه مساعدة لـ«داعش». وقال في حديث، أمس، لوكالة «ريا نوفوستي» في هذا الصدد «نقول للزملاء الأميركيين: لقد اقترحنا عليكم التنسيق والتعاون في الحرب ضد الإرهاب في سوريا، لكنكم رفضتم». وتابع: لأن «داعش» الرابح الوحيد في هذه الحالة. ولفت سيرومولوتوف إلى أن التعاون مع الولايات المتحدة في هذا الشأن رهن صدق النيات الأميركية «في التصدي للإرهاب». وأردف «نحن مستعدّون لمواصلة العمل مع الأميركيين لمصلحة التسوية السياسية للنزاع السوري»، إلا أن الحوار بين روسيا والولايات المتحدة حول مواجهة الإرهاب في سوريا، يبقى رهناً بمدى صدق النيات الأميركية في التصدي لـ«داعش» و«القاعدة».
وانتقد المسؤول في الخارجية الروسية الممارسات الأميركية على الأراضي السورية، فقال إنه «وضع مثير للسخرية عندما تقوم قوة خارجية موجودة على الأراضي السورية بصورة غير شرعية بوضع حدود جغرافية لتحركات القوات الحكومية». غير أنه مع ذلك قال إن «الجانب الروسي أبلغ الأميركيين عبر القنوات العسكرية بالحدود الجغرافية للعملية ضد (داعش) في محافظة دير الزور»، واتهم الولايات المتحدة بعرقلة تلك العملية، حين قال: «أبعدنا بحزم وسنبعد محاولات الولايات المتحدة عرقلة القضاء العاجل والنهائي على بؤر الإرهاب في سوريا، وإبطاء هجوم القوات الحكومية» في دير الزور.
وفي شأن آخر قال دميتري روغوزين، المسؤول في الحكومة الروسية عن ملف الصناعات الحربية والتعاون التقني - العسكري، إن التقنيات الحربية يجري تصنيعها للحروب لا للعروض العسكرية. وأشار، خلال مشاركته، أمس، في احتفال بمناسبة يوبيلية واحدة من مؤسسات الصناعات الحربية في مدينة تولا، إلى أن «العملية الناجحة لقواتنا المسلحة في سوريا أظهرت أعلى مستويات الأداء لتقنياتنا الحربية، إن كانت المقاتلات الجوية وكذلك التقنيات التي يجري استخدامها على أرض المعركة بصورة مباشرة»، وأضاف: «التقنيات التي نصنعها ليست للعروض العسكرية، تقنياتنا هي التقنيات الضرورية للحرب». واستفادت روسيا من العملية في سوريا للترويج لمنتجات مجمع الصناعات الحربية ورفع صادراتها، كان الرئيس بوتين قد أكد في تصريحات في شهر أبريل (نيسان) الماضي، زيادة الاهتمام بالأسلحة الروسية، بفضل العملية في سوريا، وأكد نمو الصادرات الحربية الروسية عام 2016 نحو 3 في المائة، لتصل حتى 15 مليار دولار.
موسكو تؤكد تمسكها بالتعاون مع واشنطن في سوريا
موسكو تؤكد تمسكها بالتعاون مع واشنطن في سوريا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة