المستشارة أنجيلا ميركل تريد أن تحذو حذو المستشار الاشتراكي السابق جيرهارد شرودر، وأن تمدد فترات وجود القوات الألمانية في الخارج قبل تسلم الحكومة الجديدة مهماتها ببرلين. وتشير مجلة «دير شبيغل» إلى خشية الديمقراطيين المسيحيين أن تعرقل الاتفاقيات الحكومية المقبلة مع حزب الخضر والليبرالي إمكانية تمديد فترة عمل هذه القوات.
ومعروف أن الليبراليين ليسوا متحمسين لزيادة الأعباء العسكرية، وإرسال المزيد من الجنود إلى الخارج، كما يدعو حزب الخضر إلى تقليل الميزانية العسكرية، وسحب القوات الألمانية من الخارج، وحظر مبيعات الأسلحة إلى البلدان والمناطق المبتلية بالحروب.
وكان قد خسر المستشار الاشتراكي السابق جيرهارد شرودر الانتخابات النيابة سنة 2005، وصار على المستشارة الجديدة أن تشكل حكومة جديدة. وينص الدستور الألماني على أن تواصل الحكومة السابقة عملها إلى حين تشكيل الحكومة الجديدة. وفي هذه الفترة الفاصلة المؤقتة بالضبط وقع شرودر مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اتفاقية خط الغاز الروسي مع شركة «نوث ستريم»، التي يقال إنها أخضعت كامل الاتحاد الأوروبي للابتزاز الروسي. و«نورث ستريم» شركة تابعة لعملاق الطاقة الروسي «غازبروم»، وقيمة الصفقة 5 مليارات يورو، ويفترض بحسب بنود الاتفاقية، توسيع خط أنابيب الغاز إلى دول الاتحاد الأوروبي بما يضمن تدفق 55 مليار متر مكعب من الغاز سنوياً إلى الأسواق الأوروبية.
وذكرت «دير شبيغل» أن الحكومة المنتهية الصلاحيات تقدر أن الائتلاف الحكومي الجديد لن يتشكل قبل السنة المقبلة، وربما تمتد الفترة حتى أبريل (نيسان) المقبل. ومعروف أن الانتخابات السابقة جرت يوم 3 أكتوبر (تشرين الأول) 2013، وأن تشكيل حكومة التحالف الكبير السابقة مع الاشتراكيين استغرقت 30 يوماً انتهت في يناير (كانون الثاني) 2014. ويفترض أن يكون قرار تمديد القوات الألمانية في الخارج حكومياً في الفترة الحلية، بحسب «دير شبيغل»، على أن يطرح بعد ثلاثة أشهر على البرلمان الألماني لأخذ موافقته. ويشمل هذا القرار القوات الألمانية العاملة في أفغانستان على وجه الخصوص، بالعلاقة مع الحرب على الإرهاب التي تشارك فيها الحكومة الألمانية. كما يستحق القراران الخاصان بالإنزال في أفغانستان، وبالحرب على الإرهاب، التصويت عليهما في البرلمان في شهر ديسمبر (كانون الأول) المقبل، لكن المستشارة ميركل لا تتوقع أن تتمكن من إنجاز برنامج التحالف الحكومي قبل هذا الوقت.
وتخشى المستشارة أن يعترض الحليفان الجديدان، الخضر والليبراليون، على موقف حكومة السابقة من مطالبة الرئيس الأميركي ألمانيا رفع نسبة الخزينة العسكرية من إجمالي الإنتاج الوطني الألماني بنسبة 2 في المائة، ومن مطلبه الداعي إلى مشاركة أكبر من دول «الناتو» بالرجال والسلاح في بؤر النزاع.
وهناك نحو ألف عسكري ألماني في أفغانستان يشاركون في تدريب القوات الأفغانية وفي أعمال حفظ السلام والتنمية. كما تشارك ألمانيا في الحرب على الإرهاب في العراق وسوريا بسرب من طائرات «تورنادو»، وأكثر من 200 عسكري يدربون قوات البيشمركة في كردستان العراق.
ويقف الحزب الديمقراطي الاشتراكي، ووزير الخارجية زيغمار غابرييل، ضد توسيع الوجود العسكري الألماني في أفغانستان. ويبدو أن المباحثات بين الطرفين حول الموضوع جمدته الحملة الانتخابية ومن ثم نتائجها. واتفق غابرييل مع وزيرة الدفاع الألمانية أورسولا فون دير لاين (من الحزب الديمقراطي المسيحي) على تجميد الخلافات حول إنزال أفغانستان، وإعادة طرحه أمام الحكومة المقبلة. ولن تكون مهمة حكومة المستشارة الرابعة سهلة أبداً في الحوار مع الخضر حول زيادة عدد العسكريين في أفغانستان إلى 1400 بحسب طلب الرئيس الأميركي ترمب.
وطبيعي ينظر الاتحاد المسيحي، ورئيسته ميركل، بقلق إلى موقفي الخضر والليبراليين من الوجود العسكري في تركيا. ويبدي زعيم الخضر جيم أوزدمير حماسة بالغة تجاه فرض العقوبات على تركيا، وسحب طائرات «تورنادو» من قاعدة إنجرليك، وسحب طائرات الأواكس من كونيا.
أحزاب ذكورية وأخرى أنثوية في البوندستاغ
يتألف البرلمان المقبل من 709 نواب، وإذ يشكل الكهول النسبة العظمى من النواب أصبح الليبرالي فيلهلم فون غوتبورغ الأكبر سناً (77 سنة)، يليه وزير المالية والنائب (منذ 45 سنة في البرلمان) المخضرم فولغانغ شويبله (75) الذي سيتولى رئاسة البرلمان. ويتشكل البرلمان من 491 ذكراً و218 أنثى. ويمكن اعتبار حزبي الخضر واليسار الحزبين الأنثويين الوحيدين في البرلمان الألماني الجديد، لأن الإناث يشكلن 39 مقابل 28 ذكراً في الحزب الأول، و37 إلى 32 ذكراً في الحزب الثاني.
وكما هو متوقع تصدر حزب البديل لألمانيا الشعبوي قائمة الأحزاب الذكورية، لأن النساء فيه يشكلن 11 إلى83 ذكراً. يليه الاتحاد الاجتماعي المسيحي (البافاري) بنسبة 8 نساء إلى 38 رجلاً، والحزب الديمقراطي المسيحي بنسبة 41 إلى 159 ذكراً. وكانت هذه النسبة أفضل بين الاشتراكيين، لأن النساء هنا شكلن 64 مقابل 89 ذكراً. وشكلت النسوة في الحزب الليبرالي 18 مقابل 28 ذكراً. وبهذه النسبة المنخفضة للنساء في البرلمان الحالي لألمانيا تنخفض ألمانيا إلى أقل من مستوى نسبة النساء في برلمانات بعض البلدان النامية، إذ انخفضت هذه النسبة في ألمانيا من 36.7 في المائة سنة 2013 إلى 30.7 في المائة في السنة الحالية. وتشكل النسوة نسبة 61.3 في المائة في رواندا، و43.6 في المائة في السويد، و39.1 في المائة في إسبانيا.