عودة إلى سياحة ما قبل الطيران

رحلات أسطورية من القاهرة إلى كيب تاون بالحافلة

شايبل ماونتن في جنوب افريقيا
شايبل ماونتن في جنوب افريقيا
TT

عودة إلى سياحة ما قبل الطيران

شايبل ماونتن في جنوب افريقيا
شايبل ماونتن في جنوب افريقيا

إذا لم تعد تستهويك رحلات العصر الحديث التي تبدأ وتنتهي في أسبوع أو عدة أسابيع وتصل بك إلى موقع سياحية تقضي فيه بعض الوقت ثم تعود إلى موطنك مرة أخرى، فعليك أن تستكشف الكثير من الرحلات الأسطورية التي تقدمها بعض شركات السياحة المتخصصة وتماثل في مدتها وتنظيمها رحلات القرن التاسع عشر التي كان الارستقراطيون الأوروبيون يقومون بها.
وبدلا من السفر إلى المواقع السياحية، تشمل هذه الرحلات تغطية مساحات شاسعة تغطي قارات في حد ذاتها ويكون فيها السفر المتواصل هو المقصد السياحي فيها. فالمسافر يصل إلى موقع بداية الرحلة لكي يبدأ مغامرة أخرى هي الرحلة السياحية نفسها التي تأخذه عبر معالم مختلفة يشبه بعضها الخيال وتستمر أحيانا لمدة عدة شهور.
بعض هذه الرحلات مبتكر وفقا لرغبات السائح العصري وبعضها الآخر يقتفي أثر رحلات تاريخية كانت متاحة للسياح قبل بداية عصر الطيران النفاث، حيث كان من الطبيعي أن تستغرق الرحلات السياحية فترات طويلة من العام بحيث لم يكن يستطيع القيام بها سوى الأثرياء فقط. وهي ما زالت متاحة فقط للأثرياء الذي يتحملون تكاليف الرحلات الباهظة.
وفي الماضي كانت هذه الرحلات الأسطورية تعد رحلات العمر لأنها توفر مغامرات تستكشف مجاهل قارية غير معروفة ومحفوفة بالمخاطر لفئات تبحث عن المجهول ولم تعد تستهويها رحلات السياحة المعتادة في ذلك الوقت وكان معظمها لشواطئ جنوب أوروبا.
وما زالت هذه الرحلات تتحدى الكثير من المخاطر التي لم يتغير بعضها منذ الزمن القديم كالطقس المتجمد والإجهاد في تسلق الجبال، وأيضا أخطار حديثة مثل هجمات اللصوص والحيوانات البرية ومناطق الصراع القبلي والحروب الأهلية.
هناك أيضا من العوامل التي لم تتغير في هذه الرحلات هي أنها ما زالت للأثرياء فقط الذين يمكنهم تحمل تكاليف تصل إلى 25 ألف دولار في الرحلة الواحدة وأيضا تحمل فترات الرحلات الطويلة التي قد تصل إلى 150 يوما أي تقريبا نصف عام كامل.
هذه النماذج لرحلات أسطورية ما زالت متاحة لسياح العصر الحديث وتقدمها شركات سياحة متخصصة لمن يريد القيام بها وهي مناسبة لفئات خاصة من السياح تبحث عن المغامرات والرحلات الأسطورية بغض النظر على طول فترة الرحلة وتكاليف القيام بها:
القاهرة إلى كيب تاون بالباص: وهي من الرحلات التقليدية التي تقطع قارة أفريقيا من شمالها إلى جنوبها وتغطي 12 دولة عبر 17 أسبوعا. من الشركات التي تقدم هذه الرحلة «أواسيس أوفرلاند» وهي تشير إلى الكثير من التحديات والعقبات التي تعترض مثل هذه المغامرة والتي لا تقل عما كانت عليه منذ قرن كامل. وتستفيد الرحلة من معالم الطريق والوجهات السياحية المتاحة خلال الرحلة مثل بداية المغامرة من القاهرة التي يقضي فيها السياح يوماً كاملاً لزيارة الأهرامات وأبو الهول والمتحف المصري. ويقضي السياح داخل مصر ستة أيام يقومون خلالها بالسفر إلى شاطئ البحر الأحمر للاستجمام عدة أيام على شاطئ البحر ثم التوجه إلى الأقصر لزيارة وادي الملوك ومعبد الكرنك وبعض الآثار الفرعونية الأخرى.
وخلال الأسبوع الثاني يتوجه السياح جنوبا بالباص إلى أسوان، حيث يلاحظ السياح تغير وتيرة الحياة إلى أسلوب بطيء ومريح وتغير طبيعة الشعب إلى العرق النوبي. ويبقى السياح عدة أيام في أسوان من أجل تخليص التأشيرات السودانية بينما يختار بعض السياح ما بين القيام برحلات نيلية إلى إدفو وكوم أمبو أو الاستجمام في الفندق. ومن أسوان تبدأ رحلة أخرى إلى أبو سمبل حيث يمكن زيارة آثار وتماثيل رمسيس الثاني.
في الأسبوع الثالث يتم عبور الحدود المصرية إلى شمال السودان بعد المرور على بحيرة ناصر والوصول إلى مدينة وادي حلفا، حيث يكتشف السياح حفاوة حقيقية من الشعب السوداني إلى درجة دعوة السياح إلى تناول المشروب المحلي المفضل وهو أكواب الشاي. وتستمر الرحلة جنوبا بمحاذاة نهر النيل وخط السكك الحديدية باتجاه الخرطوم عبر صحراء شاسعة والكثير من القرى والأسواق على الطريق.
وفي الأسبوع الرابع يمر الباص على أهرامات مارو التي تقع شمال الخرطوم وفي المنطقة أيضا يشهد السياح لقاء النيل الأبيض بالنيل الأزرق. وفي الخرطوم يقضي السياح بعض الوقت في نادي النيل الأزرق للإبحار الشراعي ويقوم بعضهم بزيارة معالم المدينة وسوق الجمال.
وتنتقل الرحلة بعد ذلك إلى إثيوبيا التي تقضي في أرجائها أسبوعا كاملا، ثم يتوجه الباص في الأسبوع التالي إلى أوغندا ورواندا ثم كينيا حيث يقضي السياح عدة أيام بين محميات الغوريلا ومشاهدة الحيوانات البرية في بيئتها الطبيعية. وتستمر الرحلة بعد ذلك إلى تنزانيا ومالاوي وزيمبابوي وبوتسوانا وناميبيا قبل الوصول إلى جنوب أفريقيا.
ويدخل ضمن تكاليف الرحلة الإقامة وركوب قطارات ومعديات نيلية ورسوم دخول المناطق البيئية السياحية ولكنها لا تشمل الحصول على التأشيرات التي تصل تكلفتها إلى 600 دولار وتكاليف الوجبات والرحلات الإضافية وضرائب المطارات والتأمين ورحلات الطيران والبقشيش. وتصل تكاليف الرحلة إلى نحو 14 ألف دولار بخلاف رحلات الطيران. وتبدأ الرحلة التالية يوم 18 نوفمبر (تشرين الثاني) 2017.
وهناك رحلات أقصر لمن يريد مثل القاهرة إلى نيروبي (تسعة أسابيع) والقاهرة إلى أديس أبابا (38 يوما).
عبور جبال الهيمالايا مشيا على الأقدام: وهي رحلة تحتاج إلى قدر كبير من اللياقة البدنية والقدرة على التحمل حيث تقطع مسافة 1056 ميلا من المشي بين مرتفعات مجمدة من البرودة خلال 152 يوما. وهو طريق يقطع نيبال من الشرق إلى الغرب ويغطي كل سلسلة جبال الهيمالايا. وتضم المجموعة نحو 25 شخصا في المتوسط منهم نحو عشرة سياح و15 من طاقم الرحلة المحلي ما بين قادة الرحلة (شيربا) وحمالين وطباخين. وتستمر رحلات المشي يوميا من السابعة صباحا ولفترات تتراوح بين ثلاث ساعات و12 ساعة وصولا إلى المعسكر التالي للمجموعة. ولا تعتمد الرحلات اليومية على قطع مسافات معينة وإنما على الجهد المبذول خصوصا في التسلق الشاق في بعض مراحل الرحلة. وهي ليست من الرحلات السهلة حيث يتعرض بعض السياح إلى إصابات مختلفة بسبب البرد الشديد وبعض أنواع العدوى من البقاء طويلا في أجواء مجمدة تحت الصفر. ولكنها تبقى من الرحلات التي يتذكرها مدى الحياة من قام بها. ويمكن لمن يريد المشاركة أن يكتفي بمرحلة واحدة من المراحل الخمس التي تمر بها الرحلة. وتصل التكاليف الإجمالية إلى نحو 29 ألف دولار. وتبدأ الرحلة التالية يوم 26 فبراير (شباط) عام 2018.
ليما إلى لاباز: هذه الجولة اللاتينية تشمل دولتين غير معروفتين سياحيا هما بيرو وبوليفيا وتعرف الرحلة التي تستمر لمدة 30 يوما باسم «طريق الأنكا» وهي تغطي مناطق جبلية في جنوب قارة أميركا اللاتينية وتشمل زيارة بعض الجزر ومناجم فضة قديمة. وتبدأ الرحلة في ليما، عاصمة بيرو، التي يسميها البعض عاصمة المتناقضات حيث يوجد فيها الثراء الشديد جنبا إلى جنب مع الفقر المدقع. ويقضي السياح ليلتهم في فندق بوينا فيستا الذي يمكن منه مشاهدة غروب الشمس على المحيط الهادي. وبعدها تتجه الرحلة جنوبا إلى جزر بالايستاس في محمية باراكاس الطبيعية ويستقل السياح قوارب لزيارة محميات طبيعة غنية بالأحياء البحرية التي لا توجد في أي موقع آخر على الأرض. وتغطي الأيام التالية قيادة باصات عبر صحراء الأنكا وزيارة بعض الواحات فيها. وتشمل الرحلة داخل بيرو زيارة رسوم تاريخية منحوتة على مساحات شاسعة على الأرض يمكن رؤيتها من الطائرات فقط وبعض المقابر الأثرية التي تحتوي على موميات تشبه موميات الفراعنة. ويقضي السياح أربعة أيام في مدينة أريكويبا التاريخية ويوما في مدينة كوزكو التي تضم وادي الأنكا التاريخي. وتستمر الرحلة داخل بوليفيا التي يزور فيها السياح الكثير من المعالم التي تشمل بحيرات وقرى وجبالا وبراكين ومعالم تاريخية. وتصل تكاليف الرحلة إلى نحو خمسة آلاف دولار.
من الصين إلى سنغافورة في 73 يوماً: وهي رحلة تبدأ من مدينة سيان الصينية وتنتهي في سنغافورة وتشمل المرور على ست دول آسيوية هي لاوس وفيتنام وكامبوديا وتايلاند وماليزيا وإندونيسيا. وتبدأ الرحلة من مدينة سيان الصينية التي يمكن فيها مشاهدة الأثر التاريخي المسمى «جيش التاركوتا» وهو جيش كامل من تماثيل الفخار لجنود على خيولهم كان مدفونا منذ عام 246 قبل الميلاد حتى اكتشافه في القرن العشرين.
ويقضي السياح أسبوعا في الصين يزورون فيه مناطق تربية دببة الباندا ومعالم بعض المدن الصينية مثل شنغدو وكومنغ وشنغهونغ. وفي لاوس يمر السياح على غابات تحوي مئات الأفيال ويركبون زوارق في نهر ميكونغ. وتنتقل الرحلة بعد ذلك إلى فيتنام وكامبوديا حيث تشمل الزيارة تفقد معالم الدولتين وعاصمتهما هوشي منه سيتي وبنوم بن. وفي تايلاند تمر الرحلة على بانكوك وبعض المدن والجزر التايلاندية قبل الانتقال إلى ماليزيا وزيارة منطقة سومطرة وجزيرة بينانغ ومدن مالاكا وكوالالمبور قبل الوصول في نهاية الرحلة إلى سنغافورة. وتبدأ التكاليف من أربعة آلاف دولار لا تشمل الوجبات ولا رحلات الطيران. كما يتحمل المسافر أيضا تكاليف التأشيرات السياحية ورحلات الطيران المحلية والنشاطات الجانبية وضرائب المطارات والمشروبات. وتغطي التكاليف كافة الرسوم المحلية لزيارة المناطق والمعالم السياحية والمواصلات الأرضية وتكاليف الرحلات البحرية بالسفن والزوارق وتكلفة المرشدين السياحيين.



إردوغان يعرض وساطة لحل الخلاف بين السودان والإمارات

من لقاء سابق بين إردوغان والبرهان في أنقرة (الرئاسة التركية)
من لقاء سابق بين إردوغان والبرهان في أنقرة (الرئاسة التركية)
TT

إردوغان يعرض وساطة لحل الخلاف بين السودان والإمارات

من لقاء سابق بين إردوغان والبرهان في أنقرة (الرئاسة التركية)
من لقاء سابق بين إردوغان والبرهان في أنقرة (الرئاسة التركية)

عرض الرئيس التركي رجب طيب إردوغان وساطة بلاده لحل الخلاف بين السودان ودولة الإمارات العربية المتحدة على غرار ما قامت به لتسوية الأزمة بين الصومال وإثيوبيا حول اتفاق الأخيرة مع إقليم أرض الصومال على استخدام ساحلها على البحر الأحمر.

وقال إردوغان، في اتصال هاتفي، الجمعة، مع رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، إن «بإمكان تركيا التوسط لحل الخلاف بين السودان ودولة الإمارات العربية المتحدة». وبحسب بيان للرئاسة التركية، تناول إردوغان مع البرهان، خلال الاتصال الهاتفي، العلاقات بين تركيا والسودان، وقضايا إقليمية وعالمية، وأكد أن تحقيق السلام والاستقرار في السودان والحفاظ على وحدة أراضيه وسيادته ومنع تحوله إلى ساحة للتدخلات الخارجية، من المبادئ الأساسية لتركيا.

ولفت إردوغان، بحسب البيان، إلى أن تركيا توسطت لحل الخلاف بين الصومال وإثيوبيا، وأن الاتفاق بين البلدين سيساهم في السلام بالمنطقة.

اتهامات متبادلة

ودأب قادة الجيش السوداني على اتهام دولة الإمارات العربية المتحدة، بدعم قوات «الدعم السريع» وتزويدها بالأسلحة والمعدات. وتقدم مندوب السودان في الأمم المتحدة الحارث إدريس الحارث، بشكوى رسمية ضدها، واتهمها بالتخطيط لإشعال الحرب ودعم «قوات الدعم السريع» بمساعدة من تشاد، طالباً إدانتها، بيد أن أبوظبي فندت تلك الاتهامات ووصفتها بأنها "ادعاءات لا أساس لها من الصحة، وتفتقر للأدلة الموثوقة.

وفي المقابل وجهت دولة الإمارات رسالة إلى مجلس الأمن في 21 أبريل (نيسان)، شددت خلالها على أن نشر المعلومات المضللة والروايات الزائفة، يرمي إلى التهرب من المسؤولية، وتقويض الجهود الدولية الرامية إلى معالجة الأزمة الإنسانية في السودان بعد عام من الصراع بين الجيش و«قوات الدعم السريع». وأكدت أنها «ستظل ملتزمة بدعم الحل السلمي للصراع في السودان، ودعم أي عملية تهدف إلى وضع السودان على المسار السياسي للتوصل إلى تسوية دائمة، وتحقيق توافق وطني لتشكيل حكومة بقيادة مدنية».

الشيخ محمد بن زايد وعبد الفتاح البرهان في أبو ظبي 14 فبراير (أ.ف.ب)

وفي يوليو (تموز) الماضي، بحث رئيس الإمارات، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، في اتصال هاتفي، مع رئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان، «سبل دعم السودان للخروج من الأزمة التي يمر بها»، وأكد حرص دولة الإمارات على دعم جميع الحلول والمبادرات الرامية إلى وقف التصعيد وإنهاء الأزمة في السودان.

تعهدات تركية للبرهان

ووفقاً لنشرة صحافية صادرة عن مجلس السيادة السوداني، فإن الرئيس إردوغان تعهد للبرهان باستمرار تدفق المساعدات الإنسانية التركية للسودان، وباستئناف عمل الخطوط الجوية التركية قريباً، وباستعداد بلاده لتعزيز العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، والتعاون في الزراعة والتعدين.

وذكر السيادي أن البرهان أشاد بمواقف تركيا «الداعمة للسودان»، وجهودها من أجل السلام والاستقرار في المنطقة والإقليم، ودورها في معالجة الكثير من القضايا الإقليمية والدولية، ودورها في الملف السوري، مبدياً ترحيبه بأي دور تركي لوقف الحرب «التي تسببت فيها ميليشيا الدعم السريع المتمردة». ودعا البرهان لتعزيز الاستثمارات التركية في مختلف المجالات، مؤكداً ثقته في مواقف الرئيس التركي رجب طيب إردوغان وحكومته الداعمة للشعب السوداني وخياراته.

ويرى مراقبون أن الاتصال الهاتفي بين إردوغان والبرهان في هذا التوقيت يأتي في ظل متغيرات وترتيبات جديدة في المنطقة تشمل السودان، بعد سقوط نظام بشار الأسد في سوريا.

ومنذ منتصف أبريل (نيسان) 2023، يخوض الجيش السوداني البرهان، و«قوات الدعم السريع» بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، حرباً خلفت أكثر من 20 ألف قتيل، وما يزيد على 14 مليون نازح ولاجئ، وفق تقديرات الأمم المتحدة والسلطات المحلية.

حضور تركي في القرن الأفريقي

وقطعت تركيا، الأربعاء الماضي، خطوة كبيرة على طريق حل النزاع بين الصومال وإثيوبيا، بعد جولات من المباحثات بين الطرفين في إطار ما عرف بـ«عملية أنقرة»، يراها مراقبون ترسيخاً للحضور التركي القوي في منطقة القرن الأفريقي.

إردوغان يتوسط الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي خلال مؤتمر صحافي في أنقرة مساء الأربعاء الماضي (الرئاسة التركية)

وأعلن الرئيس الصومالي، حسن شيخ محمود، ورئيس الوزراء الصومالي، آبي أحمد، في مؤتمر صحافي مع إردوغان مساء الأربعاء، أعقب 8 ساعات من المفاوضات الماراثونية سبقتها جولتان من المفاوضات في أنقرة في الأشهر الماضية، أنهما قررا بدء المفاوضات الفنية بحسن نية بحلول نهاية فبراير (شباط) 2025 على أبعد تقدير، والتوصل إلى نتيجة منها والتوقيع على اتفاق في غضون 4 أشهر، بحسب ما ورد في «إعلان أنقرة». وقبل الطرفان العمل معاً على حل نزاع حول خطة أديس أبابا لبناء ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية، التي تسببت في زيادة زعزعة استقرار منطقة القرن الأفريقي.

وقال إردوغان إن البلدين الجارين توصلا، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة، إلى اتفاق «تاريخي» ينهي التوترات بينهما.

وبحسب نص إعلان أنقرة، الذي نشرته تركيا، اتفق البلدان على «التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك، والعمل باتجاه إقرار إبرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولاً إلى البحر «موثوقاً به وآمناً ومستداماً تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفيدرالية».

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر، قائلاً: «أعتقد أنه من خلال الاجتماع الذي عقدناه سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر لإثيوبيا».

إردوغان مع الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي عقب توقيع إعلان أنقرة (الرئاسة التركية)

وتدخلت تركيا في النزاع بطلب من إثيوبيا، التي وقعت في الأول من يناير (كانون الثاني) الماضي اتفاقية مع منطقة «أرض الصومال»، التي أعلنت انفصالها عن الصومال عام 1991، لكن لم تحظ باعتراف المجتمع الدولي، وتشمل النقل البحري واستخدام ميناء بربرة على البحر الأحمر، واستغلال 20 كيلومتراً من ساحل أرض الصومال لمدة 50 عاماً مقابل الاعتراف باستقلالها عن الصومال، مع منحها حصة من شركة الخطوط الجوية الإثيوبية.

ترحيب دولي

ورحب وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، خلال لقائه إردوغان في أنقرة، ليل الخميس – الجمعة، بنجاح تركيا في التوصل إلى اتفاق بين الصومال وإثيوبيا. كما رحب الاتحاد الأوروبي بالاتفاق، وأشاد بدور الوساطة الذي لعبته تركيا بهذا الخصوص.

وترتبط تركيا بعلاقات قوية بإثيوبيا، كما أصبحت حليفاً وثيقاً للحكومة الصومالية في السنوات القليلة الماضية. وافتتحت عام 2017 أكبر قاعدة عسكرية لها في الخارج في مقديشو، وتقدم تدريباً للجيش والشرطة الصوماليين.

وبدأت في أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي أنشطة المسح الزلزالي للنفط والغاز الطبيعي في 3 مناطق مرخصة في الصومال تمثل كل منها مساحة 5 آلاف كيلومتر مربع، بموجب مذكرة تفاهم وقعت بين البلدين في مارس (آذار) الماضي، لتطوير التعاون في مجال النفط والغاز الطبيعي.

وجاء توقيع المذكرة بعد شهر واحد من توقيع اتفاقية إطارية للتعاون الدفاعي والاقتصادي، تقدم تركيا بمقتضاها دعماً أمنياً بحرياً للصومال، لمساعدته في الدفاع عن مياهه الإقليمية لمدة 10 سنوات.