القاهرة وأبوظبي تؤكدان ضرورة التصدي لمحاولات زعزعة أمن المنطقة

محمد بن زايد: التنسيق الإماراتي ـ المصري أثبت صلابته في مواجهة التحديات المختلفة

الشيخ محمد بن زايد مستقبلا الرئيس السيسي في أبوظبي أمس (أ ف ب)
الشيخ محمد بن زايد مستقبلا الرئيس السيسي في أبوظبي أمس (أ ف ب)
TT

القاهرة وأبوظبي تؤكدان ضرورة التصدي لمحاولات زعزعة أمن المنطقة

الشيخ محمد بن زايد مستقبلا الرئيس السيسي في أبوظبي أمس (أ ف ب)
الشيخ محمد بن زايد مستقبلا الرئيس السيسي في أبوظبي أمس (أ ف ب)

أكدت دولتا الإمارات ومصر، أمس، ضرورة مواجهة مساعي التدخل في شؤون الدول العربية، وتكثيف جهود تعزيز العمل العربي المشترك بما يحقق مصالح الشعوب العربية. واتفق الجانبان خلال مباحثات جرت أمس، على الاستمرار في التنسيق المكثف بين الدولتين من أجل التصدي للتحديات غير المسبوقة التي تهدد أمن الأمة العربية واستقرارها.
وناقش الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، التطورات المتعلقة بجهود مكافحة الإرهاب والتطرف، حيث أكدا أهمية تضافر جهود الدول العربية كافة، وكذلك المجتمع الدولي في التصدي لهذه الآفة على جميع المستويات، وخاصة فيما يتعلق بوقف تمويل الجماعات الإرهابية ومدها بالسلاح والمقاتلين، وتوفير الملاذ الآمن والغطاء السياسي والإعلامي لها.
وبحثا تعزيز العلاقات الأخوية وعدداً من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وذلك خلال اللقاء الذي عقده ولي عهد أبوظبي في العاصمة الإماراتية، مع الرئيس المصري الذي زار أبوظبي أمس.
ورحب ولي عهد أبوظبي في بداية اللقاء بالرئيس المصري، وبجهوده الرامية إلى تعزيز العلاقات الأخوية الوثيقة ين البلدين، مؤكداً حرص قيادتي البلدين على التشاور والتنسيق المستمرين في كل ما فيه خير البلدين والشعبين، وسبل استقرار المنطقة والمحافظة على أمنها.
وأكد الشيخ محمد بن زايد عمق العلاقات التي تربط بين البلدين وارتكازها على أسس قوية، من التفاهم والتوافق حول القضايا والملفات الإقليمية والدولية، مشيراً إلى أن العلاقات الإماراتية - المصرية هي نموذج متميز للعلاقات بين الأشقاء، القائمة على مبادئ الأخوة الراسخة والثقة والاحترام المتبادل.
وقال ولي عهد أبوظبي إن التنسيق الإماراتي - المصري أثبت على مدى السنوات الماضية صلابته في مواجهة التحديات المختلفة في المنطقة، وفي مقدمتها تحدي الإرهاب الذي غدا تهديداً عالمياً خطيراً لا يمكن التسامح فيه أو التساهل معه أو مع داعميه ومموليه؛ لأنه استشرى بشكل لا يمكن التغاضي عن مسبباته، مما يستدعي وقفة عربية وإقليمية ودولية جادة وحاسمة في مواجهة هذا الخطر الذي يستهدف الجميع دون استثناء.
وأضاف الشيخ محمد بن زايد آل نهيان أن بلاده بقيادة الشيخ خليفة بن زايد رئيس البلاد، تقف بقوة إلى جانب مصر في حربها ضد الإرهاب، والذي لن يستطيع أن يوقف أو يعطل رؤيتها الهادفة إلى تحقيق التنمية والتقدم والرفاه لشعبها.
من جانبه أكد السيسي حرص مصر على مواصلة تطوير العلاقات الثنائية على الأصعدة كافة، والاستمرار في التنسيق المكثف بين البلدين إزاء القضايا الإقليمية والدولية المختلفة، مشدداً على أن أمن دول الخليج يعد جزءاً لا يتجزأ من أمن مصر القومي.
من جهته قال وائل السيد محمد جاد، سفير مصر لدى الإمارات، إن العلاقات الاستراتيجية بين البلدين تستند إلى ركائز تاريخية، وتشهد تطوراً مشهوداً في ظل ما تتميز به سياسة البلدين من توجهات حكيمة ومعتدلة، وتقارب وتفاهم كبيرين، بشأن كثير من الموضوعات والقضايا ذات الاهتمام المشترك.
وأضاف بحسب ما نقلته وكالة أنباء الإمارات «وام» بمناسبة الزيارة الرسمية للرئيس السيسي، أن هذه الزيارة تأتي في إطار العلاقات الثنائية المتميزة بين البلدين، وتؤكد حرص القيادتين المصرية والإماراتية على التنسيق والتشاور بشأن القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، إضافة إلى بحث سبل تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية وتبادل الخبرات في المجالات ذات الصلة.
وقال السفير المصري إن العلاقات بين الدولتين تسير في مسارات متوازية، سياسية واقتصادية وأمنية وغيرها، مشيراً إلى أن الأرقام تترجم ما حققته تلك العلاقات المتميزة، خاصة على الصعيد الاقتصادي، ومؤكداً أن الشراكة الاستراتيجية بين البلدين تشهد تطوراً كبيراً في مسارات التعاون الثنائي؛ حيث تتصدر الإمارات المرتبة الأولى في قائمة المستثمرين الأجانب في مصر لتبلغ حجم الاستثمارات الإماراتية 6.2 مليار دولار، كما بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين العام الماضي 3.3 مليار دولار، منها 2.4 مليار دولار صادرات مصرية و900 مليون دولار صادرات إماراتية إلى مصر، مضيفاً أن هناك آفاقاً أكبر لتنمية العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين.
وأضاف السفير المصري أن المسار الثقافي للعلاقات المصرية الإماراتية يحمل في طياته نقاط ارتكاز وقوة كثيرة، تفتح آفاقاً لزيادة التقارب والتعاون بين البلدين.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».