المغرب: وزير سابق يقدم مشروعاً للنهوض بـ«الاستقلال»

قيادات حزبية تدعم ترشحه لمنصب الأمين العام

TT

المغرب: وزير سابق يقدم مشروعاً للنهوض بـ«الاستقلال»

عبّد نزار بركة، القيادي في حزب الاستقلال المغربي، وزير الاقتصاد والمالية السابق ورئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي، طريقه نحو رئاسة الحزب، بإطلاق مشروع شامل لاسترجاع مكانة «الاستقلال» وإخراجه من «عزلته»، فضلاً عن إعادة الثقة في المشهد السياسي المغربي، وإبعاده عن «الفرجة والقطبية ودغدغة العواطف».
وبات منصب الأمين العام لحزب الاستقلال، أحد أعرق الأحزاب المغربية، محسوماً لصالح بركة، وفق مراقبين، وذلك بعد أن التفّت جلّ القيادات حوله، وأدارت ظهرها لأمينه العام الحالي حميد شباط الذي بات في عزلة، متشبثاً بترشحه لولاية ثانية.
وتعهد بركة عند تقديم مشروعه «من أجل حزب استقلال فاعل في التحول المجتمعي»، الذي عرضه أمس في الرباط بحضور قيادات الحزب، بصيانة وحدة الحزب وتحقيق مصالحة شاملة بين أعضائه من خلال «المكاشفة والنقد الذاتي»، كما وعد بـ«حفظ كرامة» الأمين العام الحالي.
ورداً على الانتقادات التي وجهت إليه بكونه مدعوماً من جهات في الدولة، لتولي منصب الأمين العام لحزب الاستقلال، قال بركة الذي نعته شباط بأنه «مرشح المخزن» أي السلطة، إنه ترشح للمنصب استجابة لمطالب مناضلي الحزب، ورغبتهم في التغيير والنهوض به، مشدداً على أنّ مشروعه «يوحّد ويجمع»، نافياً وجود «أي إملاءات خارج حزب الاستقلال دفعته للترشح».
ونفى بركة أن يكون قد منع شباط من الترشح لمنصب الأمين العام، وقال إنه لم يصادر منه هذا الحق، كما أن لأعضاء اللجنة التنفيذية الحاليين والسابقين الحق في الترشح للمنصب، بيد أنّه لم يفوت الفرصة للقول: «إن المؤتمر العام السابق للحزب أحدث شرخاً داخلياً، ووعد بأن تنأى القيادة المقبلة للحزب بنفسها عن الاصطفاف»، لافتاً إلى أن المؤتمر المقبل سيكون «مؤتمر الوحدة».
وأقرّ بركة بوجود أزمة سياسية يعيشها المغرب تستدعي «وقفة للتأمل ومراجعة أنفسنا، وتقديم عرض جديد لاسترجاع الثقة في العمل السياسي»، منبهاً إلى أن الديمقراطية ليست عملية انتخابية وأغلبية ومعارضة فقط، بل سلوك وثقافة حوار، وتقديم البدائل والحلول لمشاكل المواطنين.
واستشهد بركة بفقدان المغاربة الثقة في العمل السياسي، بنسبة التصويت في الانتخابات التشريعية الجزئية، التي جرت قبل أسابيع بمدينة تطوان، والتي لم تتعد 5 في المائة. وبلغة الزعيم السياسي الواثق من فوزه وقيادة حزبه في المرحلة المقبلة، قال بركة إنه «حان الوقت للابتعاد عن سياسة الفرجة ودغدغة العواطف والصراعات الشخصية»، وذلك في إشارة إلى المرحلة السياسية السابقة، التي تصدر فيها عبد الإله ابن كيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، رئيس الحكومة السابق، المشهد السياسي في البلاد، وتميزت بصراعه مع حزب الأصالة والمعاصرة المعارض.
وسبق لبركة أن انتقد ابن كيران وطريقة تدبيره السياسي، ليعود في مؤتمره الصحافي، ويؤكد أن انتقاده مرحلة ابن كيران، دون أن يذكره بالاسم، لا يعني أن لديه خصومة شخصية معه «بل أحترمه، وأكّن له كل الاحترام». وقال بركة في هذا السياق إن «منطق التقاطب وتصنيف السياسيين أخياراً وأشراراً مرفوض»، فالسياسة من وجهة نظره «فن الممكن والتوازنات والقدرة على العمل من أجل الوطن». كما أعلن رفضه لمنطق التصادم بدل التعاون، وتقديم البدائل والحلول. لذا، فإن مشروعه السياسي جاء بـ«تصور جديد للعمل السياسي، بعدما فقد الناس ثقتهم في الأحزاب التي لم تتمكن من تحويل مشاريعها السياسية إلى إنجازات على أرض الواقع»، حسب قوله.
ورداً على سؤال بشأن مستقبل علاقة حزبه بـ«العدالة والتنمية» إذا ما أصبح أميناً عاماً لحزب الاستقلال، تجنب بركة الحسم في تحالفات حزبه المقبلة. وقال إن «الاستقلال» يتقاسم المرجعية المحافظة مع «العدالة والتنمية»، ويتقاسم المعارك التاريخية والنضالية مع أحزاب الكتلة، كما يجمعه بالأحزاب الأخرى «رصيد من الإنجازات». وأشار إلى أن تحالفات الحزب ستكون مبنية على البرامج والمشروع المجتمعي بالدرجة الأولى، مشدداً على أنه «من الضروري أن يخرج حزب الاستقلال من العزلة التي يوجد فيها حالياً».
ورداً على ما يروج بأن حزب الاستقلال قد يلتحق بحكومة العثماني من خلال تعديل حكومي إذا ما فاز هو برئاسة الحزب، قال بركة إن «المجلس الوطني للحزب كان قد قرر المشاركة في الحكومة بعد ظهور نتائج الانتخابات، إلا أن حزب العدالة والتنمية لم يضمنا إلى أحزاب الأغلبية، وظل موقف الحزب غير واضح إلى اليوم». وزاد قائلاً: «بقينا ما بين المعارضة والأغلبية»، والمجلس الوطني هو الذي سيحسم هذا الأمر.
وتعليقاً على حصيلة 120 يوماً من العمل الحكومي، قال بركة إن مبادرة تقديم الحساب إيجابية، إلا أنه كان يفضل أن تعرض الحصيلة أمام المؤسسة التشريعية، متسائلاً ما إذا كان المواطن قد شعر بتلك التدابير التي أعلنت عنها الحكومة. وشخّص بركة الوضع الحالي بالقول: «إننا نعيش نوعاً من الانتظار والتوتر، وأزمة ثقة في القدرة على مواجهة التحديات، ناهيك عن حالة من الركود الاقتصادي، وضعف الاستثمار وعدم القدرة على توفير مناصب العمل».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.