مبادرتان عسكرية ومدنية في إدلب تسابقان القصف الروسي

موسكو تقصف فصيلاً معارضاً تدعمه أنقرة

TT

مبادرتان عسكرية ومدنية في إدلب تسابقان القصف الروسي

تسابق العملية العسكرية المتوقعة في إدلب، مبادرتان؛ أولاهما عسكرية تتمثل في إعلان اللواء المنشق محمد علي الحاج تشكيل «الجيش السوري الموحد»، والثانية مبادرة «الهيئة السياسية في إدلب» التي تشكلت في مناطق سيطرة تنظيم «جبهة النصرة» وتحيط الشكوك بها من أن يتخذها التنظيم المتطرف واجهة مدنية لإخفاء أنشطته المتشددة تحت رايتها.
ويمثل مشروع «الهيئة السياسية في إدلب» إدارة مدنية ذات وجهة سياسية، تضم شخصيات مدنية وأخرى أكاديمية محايدة ليس لها تمثيل على الأرض، وتنشأ في مناطق خاضعة تحت سيطرة «النصرة».
وأكد القيادي السوري المعارض والقيادي في الحكومة السورية المؤقتة عبد الإله فهد، أن المشروع «ليس مدعوماً من الائتلاف الوطني السوري، ولا من الحكومة المؤقتة ولا من تركيا»، مشيراً لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه يقام في مناطق تخضع لسيطرة «جبهة النصرة»، وقالت مصادر سورية معارضة إن هذا التكتل «يمثل عملية انقلاب على المؤسسات القائمة والإطاحة بكل المؤسسات بإدلب لإنشاء هيئات بديلة بحيث يظهر بواجهة مدنية تختفي فيها النصرة».
وأكد الباحث السوري بالجماعات المتشددة عبد الرحمن الحاج لـ«الشرق الأوسط» أن الهيئة السياسية «تعمل تحت مظلة النصرة للإطاحة بالحكومة المؤقتة، وتحفظ نفسها من الضربات المرتقبة عبر واجهة مدنية»، لافتاً إلى أن الهيئة «تمثل جزءاً من المخطط لتقوم بعملية كتابة دستور مفترض، وتقوم بدور لتشكيل الحكومة المؤقتة تحت سلطة النصرة». وقال إن الشخصيات التي انضمت إلى الهيئة «متنوعة، وتضم أكاديميين ومستقلين»، لافتة إلى أن هؤلاء المستقلين «على الأغلب يكونون ضعفاء ويسهل استخدامهم ولا يحظون بدعم أو واجهة شعبية».
وخلافاً لهذا المشروع الذي تحاول «النصرة» التخفي وراءه لتحتمي من الضربات المقبلة، أعلن اللواء المنشق عن النظام السوري، محمد الحاج علي، تشكيل «الجيش السوري الموحد» بألف ضابط على مختلف الأراضي السورية. وقال في بيان مصور، إن «الجيش يضم في صفوفه أكثر من ألف ضابط معظمهم من العاملين على الأرض السورية ويقاتلون نظام الأسد وأعوانه». وأكد أن «الجيش السوري الموحد سيبقى في خدمة حرية سوريا والسوريين، ولن يرهن قراره لأي جهة ولن يخضع للأجندات الدولية مهما واجهته الصعوبات وأغرته المغريات».
وتمثل خطوة الحاج، الذي يعتبر أكبر رتبة عسكرية تنشق عن النظام السوري، مبادرة «طويلة الأمد ويمكن البناء عليها»، كونه عانى في فترات سابقة من محاولات تهميشه وفشل في الفترة الماضية في تقديم مبادرات ناجحة، مع ارتفاع أصوات الفصائل الإسلامية على حسابهم. ويحاول الحاج اليوم استغلال اللحظة في مبادرة وطنية ومحاولة إخراج «الجيش السوري الحر» من السيطرة الإقليمية، فضلاً عن أن الكفاءات التي يتمتع بها المنشقون تساعد في بناء هذا الجيش.
وقال خبراء معارضون: «الأهمية في هذه المبادرة تنطلق من كون الجيش لا يُبنى من مجموعة الفصائل القائمة والموجودة، خلافاً للمبادرات السابقة التي حاولت المعارضة تنظيمها والتي حاولت بناءها مما هو قائم وليس من جسم جديد ومستبعد، ما يعني في الحالة الثانية أن مشكلات الفصائل التي أصابتها ستبقى قائمة، كما أن دعمها من دول إقليمية سيقلل من استقلاليتها، بعكس مبادرة الجيش الموحد التي تقوم من جسم جديد، بخطاب عسكري، غير مرتبط بما هو قائم». وأشار أحدهم إلى أن المبادرة الجديدة «تحظى باهتمام النخب السورية المعارضة التي تدفع لعمل جسم عسكري مركزي، وهو مشروع يمكن البناء عليه وقد يرى النور في فترة مقبلة من خلال المعلومات عن أنه سيحظى بدعم».
في غضون ذلك، تتواصل الضربات الروسية والنظامية التي تستهدف فصائل معتدلة في إدلب، وهو ما وجدت فيه المعارضة السورية «أمراً مربكاً وغريباً»، بحسب ما قال فهد، مشيراً إلى أنه على تواصل دائم مع الدفاع الوطني «الذي يؤكد أن خريطة الأهداف تستهدف الفصائل المعتدلة وليس المتشددة»، وهي فصائل إما متحفظة على اجتماعات آستانة أو مشاركة فيها. وقال: «نحن معتادون على الغدر والخيانة من الروس ومن النظام السوري».
وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أمس، بأن «7 مقاتلين من فيلق الشام قضوا جراء تنفيذ طائرات حربية أكثر من 13 غارة على أماكن في تل مرديخ جنوب بلدة سراقب بريف إدلب الشرقي، حيث استهدفت بعض الغارات مقرات للفيلق بالمنطقة، كذلك تسبب الاستهداف بإصابة أكثر من 20 شخصاً هم 15 مقاتلاً من الفيلق و5 عناصر من الدفاع المدني»، علماً بأن هناك اعتقاداً أن أنقرة تدعم «فيلق الشام».
كما وثق «المرصد» مقتل شخصين اثنين جراء قصف للطيران الحربي استهدف أماكن في منطقة خيم شرق مدينة خان شيخون بريف إدلب الجنوبي، بينما قصفت طائرات حربية أماكن في منطقة معرة النعمان وحرش بنين بالقطاع الجنوبي من ريف إدلب، بالإضافة لقصفها مناطق في بلدة التمانعة بالريف الجنوبي.



غيابات القمة العربية «الطارئة»... هل تؤثر على مخرجاتها؟

الصورة التذكارية لقادة الدول العربية في قمة المنامة الأخيرة (بنا)
الصورة التذكارية لقادة الدول العربية في قمة المنامة الأخيرة (بنا)
TT

غيابات القمة العربية «الطارئة»... هل تؤثر على مخرجاتها؟

الصورة التذكارية لقادة الدول العربية في قمة المنامة الأخيرة (بنا)
الصورة التذكارية لقادة الدول العربية في قمة المنامة الأخيرة (بنا)

أثار إعلان زعيمي الجزائر وتونس غيابهما عن حضور القمة العربية الطارئة في القاهرة، الثلاثاء، حول غزة والقضية الفلسطينية، تساؤلات حول مستوى مشاركات الدول العربية في القمة وتأثير ذلك على مخرجاتها، بينما أكد مصدر مصري مطلع لـ«الشرق الأوسط» أن بلاده «وجهت الدعوة لجميع زعماء الدول العربية الأعضاء في الجامعة، وكان هناك حرص على مشاركة الجميع للتشاور واتخاذ موقف بشأن هذه القضية المصيرية في تلك اللحظة الحرجة بالمنطقة».

ومساء الأحد، أفادت وكالة الأنباء الجزائرية بأن رئيس الجزائر عبد المجيد تبون، قرر عدم المشاركة في القمة العربية الطارئة التي تستضيفها مصر يوم 4 مارس (آذار)، لبحث تطورات القضية الفلسطينية.

وبحسب ما نقلته الوكالة عن مصدر، «كلف تبون وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج والشؤون الأفريقية أحمد عطاف، لتمثيل الجزائر»، وأرجعت القرار إلى «اختلالات ونقائص شابت المسار التحضيري للقمة»، ومنها «احتكار مجموعة محدودة من الدول العربية إعداد مخرجات القمة دون تنسيق مع بقية الدول العربية المعنية كلها بالقضية الفلسطينية»، وفق تقرير وكالة الأنباء الجزائرية.

والاثنين، قبل ساعات من انعقاد القمة، أعلنت الرئاسة التونسية أن الرئيس التونسي قيس سعيد، كلف وزير الخارجية، محمد علي النفطي، بترؤس الوفد التونسي المشارك في القمة الطارئة.

وحسب الرئاسة التونسية، فإن تونس «ستجدد موقفها الثابت والداعم للحقوق الفلسطينية، وفي مقدمتها إقامة دولة مستقلة ذات السيادة على كامل أرض فلسطين وعاصمتها القدس الشريف».

من جانبه، قال المصدر المصري المطلع إنه «لا يمكن اعتبار موقف الجزائر وتونس غياباً عن المشاركة في القمة، لأن إيفاد ممثل لرئيس الدولة وبتكليف منه يعدُّ مشاركة رسمية للدولة، وهذا هو الهدف، أن تكون هناك مواقف ومشاركة رسمية من الدول».

ونوه المصدر بأن «هناك عدداً من الدول سواء في هذه القمة أو قمم سابقة درج على إرسال ممثلين للرؤساء والملوك، ولم يقلل هذا من مشاركة تلك الدول، لأن الممثلين يعبرون عن مواقف دولهم، مثلهم مثل الرؤساء، حتى إن كان ممثل الرئيس يغيب عن بعض الاجتماعات التي تعقد على مستوى الزعماء، لكن في النهاية يتم عرض ما تم الاتفاق عليه على الجلسة الختامية للقمة لاتخاذ موقف جماعي بشأنه من كل الوفود المشاركة».

وزير خارجية مصر بدر عبد العاطي مع نظيره التونسي محمد علي النفطي الذي سيمثل بلاده في القمة بالقاهرة الاثنين (إ.ب.أ)

وحول ما ساقته الجزائر من أسباب لغياب رئيسها عن القمة، أوضح المصدر أن «القاهرة من اللحظة الأولى حرصت على إطلاع الجميع على خطة إعادة الإعمار التي أعدتها لقطاع غزة، لأن هذه هي النقطة الرئيسية والهدف من وراء تلك القمة، ومن المصلحة أن يكون هناك موقف موحد واتفاق حولها، ولم يكن هناك تجاهل أو إقصاء لأحد، فضلاً عن أن هذه قضية كل العرب ولا يمكن تصور أن دولة أو عدة دول يمكن أن تمنع دول أعضاء من أن يكون لها دور في القضية».

وشدد المصدر على أنه «ليس هناك قلق من مستوى التمثيل في القمة، لأن الاجتماع يحيط به الزخم المطلوب منذ الإعلان عنه، فضلاً عن كون الدول التي تأكدت مشاركتها سواء عبر زعمائها أو ممثلين لها هي من الدول الفاعلة والمشتبكة مع القضية، التي لا تنتظر من أحد أن يحدد لها دورها الطبيعي والمطلوب».

يأتي ذلك بينما بدأ قادة عرب، الاثنين، التوجه إلى القاهرة للمشاركة في القمة، حيث أفادت وكالة الأنباء العراقية الرسمية (واع)، بأن الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد غادر البلاد متوجهاً إلى مصر للمشاركة بالقمة العربية.

وفي البحرين، أعلن الديوان الملكي أن الملك حمد بن عيسى آل خليفة، رئيس الدورة الحالية للقمة العربية، سيغادر المملكة الاثنين، متوجهاً إلى مصر. وأضاف الديوان أن الملك سيرأس وفد البحرين المشارك في القمة، لبحث تطورات القضية الفلسطينية، كما سيرأس أعمال القمة، بحسب وكالة الأنباء البحرينية الرسمية (بنا).

كما ذكرت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية (كونا) أن ممثل أمير البلاد مشعل الأحمد الجابر الصباح، ولي العهد صباح خالد الحمد الصباح «يغادر أرض الوطن، الثلاثاء، متوجهاً إلى مصر لترؤس وفد الكويت في القمة العربية غير العادية».

ويرى مندوب مصر السابق لدى الأمم المتحدة، السفير معتز أحمدين، أن «المشاركة في القمم الدولية تكون بمن تحدده الدول ممثلاً لها، فإن حضر الرئيس فهذا جيد، وإن كان رئيس الحكومة فهذا جيد أيضاً، وإن كان وزير فهذا معقول، وإن لم يكن وكان المندوب الدائم أو سفير الدولة في بلد القمة فهذا لا ينقص من تمثيلها».

أحمدين أكد لـ«الشرق الأوسط» أنه «حتى غياب تمثيل الدولة تماماً بالقمة، فهذا لا يعطل صدور القرارات، لأن القرارات تصدر بالإجماع، والغياب يعني أن الدولة تنازلت عن صوتها، لكن إن شاركت بأي مستوى من التمثيل وسجلت موقفها، فهذا هو الأفضل في الدبلوماسية».

وبحسب جدول أعمال القمة الطارئة المرسل من المندوبية الدائمة لمصر إلى أمانة الجامعة العربية، يبدأ استقبال رؤساء الوفود المشاركة، الثلاثاء في الثالثة عصراً بتوقيت القاهرة، وتنطلق أعمال الجلسة الافتتاحية في الرابعة والنصف، وبعد مأدبة الإفطار الرمضاني المقامة على شرف الوفود المشاركة، ويتم عقد جلسة مغلقة، ثم جلسة ختامية وتنتهي أعمال القمة في الثامنة والنصف مساء، بإعلان البيان الختامي والقرارات التي تم الاتفاق عليها.