تسابق العملية العسكرية المتوقعة في إدلب، مبادرتان؛ أولاهما عسكرية تتمثل في إعلان اللواء المنشق محمد علي الحاج تشكيل «الجيش السوري الموحد»، والثانية مبادرة «الهيئة السياسية في إدلب» التي تشكلت في مناطق سيطرة تنظيم «جبهة النصرة» وتحيط الشكوك بها من أن يتخذها التنظيم المتطرف واجهة مدنية لإخفاء أنشطته المتشددة تحت رايتها.
ويمثل مشروع «الهيئة السياسية في إدلب» إدارة مدنية ذات وجهة سياسية، تضم شخصيات مدنية وأخرى أكاديمية محايدة ليس لها تمثيل على الأرض، وتنشأ في مناطق خاضعة تحت سيطرة «النصرة».
وأكد القيادي السوري المعارض والقيادي في الحكومة السورية المؤقتة عبد الإله فهد، أن المشروع «ليس مدعوماً من الائتلاف الوطني السوري، ولا من الحكومة المؤقتة ولا من تركيا»، مشيراً لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه يقام في مناطق تخضع لسيطرة «جبهة النصرة»، وقالت مصادر سورية معارضة إن هذا التكتل «يمثل عملية انقلاب على المؤسسات القائمة والإطاحة بكل المؤسسات بإدلب لإنشاء هيئات بديلة بحيث يظهر بواجهة مدنية تختفي فيها النصرة».
وأكد الباحث السوري بالجماعات المتشددة عبد الرحمن الحاج لـ«الشرق الأوسط» أن الهيئة السياسية «تعمل تحت مظلة النصرة للإطاحة بالحكومة المؤقتة، وتحفظ نفسها من الضربات المرتقبة عبر واجهة مدنية»، لافتاً إلى أن الهيئة «تمثل جزءاً من المخطط لتقوم بعملية كتابة دستور مفترض، وتقوم بدور لتشكيل الحكومة المؤقتة تحت سلطة النصرة». وقال إن الشخصيات التي انضمت إلى الهيئة «متنوعة، وتضم أكاديميين ومستقلين»، لافتة إلى أن هؤلاء المستقلين «على الأغلب يكونون ضعفاء ويسهل استخدامهم ولا يحظون بدعم أو واجهة شعبية».
وخلافاً لهذا المشروع الذي تحاول «النصرة» التخفي وراءه لتحتمي من الضربات المقبلة، أعلن اللواء المنشق عن النظام السوري، محمد الحاج علي، تشكيل «الجيش السوري الموحد» بألف ضابط على مختلف الأراضي السورية. وقال في بيان مصور، إن «الجيش يضم في صفوفه أكثر من ألف ضابط معظمهم من العاملين على الأرض السورية ويقاتلون نظام الأسد وأعوانه». وأكد أن «الجيش السوري الموحد سيبقى في خدمة حرية سوريا والسوريين، ولن يرهن قراره لأي جهة ولن يخضع للأجندات الدولية مهما واجهته الصعوبات وأغرته المغريات».
وتمثل خطوة الحاج، الذي يعتبر أكبر رتبة عسكرية تنشق عن النظام السوري، مبادرة «طويلة الأمد ويمكن البناء عليها»، كونه عانى في فترات سابقة من محاولات تهميشه وفشل في الفترة الماضية في تقديم مبادرات ناجحة، مع ارتفاع أصوات الفصائل الإسلامية على حسابهم. ويحاول الحاج اليوم استغلال اللحظة في مبادرة وطنية ومحاولة إخراج «الجيش السوري الحر» من السيطرة الإقليمية، فضلاً عن أن الكفاءات التي يتمتع بها المنشقون تساعد في بناء هذا الجيش.
وقال خبراء معارضون: «الأهمية في هذه المبادرة تنطلق من كون الجيش لا يُبنى من مجموعة الفصائل القائمة والموجودة، خلافاً للمبادرات السابقة التي حاولت المعارضة تنظيمها والتي حاولت بناءها مما هو قائم وليس من جسم جديد ومستبعد، ما يعني في الحالة الثانية أن مشكلات الفصائل التي أصابتها ستبقى قائمة، كما أن دعمها من دول إقليمية سيقلل من استقلاليتها، بعكس مبادرة الجيش الموحد التي تقوم من جسم جديد، بخطاب عسكري، غير مرتبط بما هو قائم». وأشار أحدهم إلى أن المبادرة الجديدة «تحظى باهتمام النخب السورية المعارضة التي تدفع لعمل جسم عسكري مركزي، وهو مشروع يمكن البناء عليه وقد يرى النور في فترة مقبلة من خلال المعلومات عن أنه سيحظى بدعم».
في غضون ذلك، تتواصل الضربات الروسية والنظامية التي تستهدف فصائل معتدلة في إدلب، وهو ما وجدت فيه المعارضة السورية «أمراً مربكاً وغريباً»، بحسب ما قال فهد، مشيراً إلى أنه على تواصل دائم مع الدفاع الوطني «الذي يؤكد أن خريطة الأهداف تستهدف الفصائل المعتدلة وليس المتشددة»، وهي فصائل إما متحفظة على اجتماعات آستانة أو مشاركة فيها. وقال: «نحن معتادون على الغدر والخيانة من الروس ومن النظام السوري».
وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أمس، بأن «7 مقاتلين من فيلق الشام قضوا جراء تنفيذ طائرات حربية أكثر من 13 غارة على أماكن في تل مرديخ جنوب بلدة سراقب بريف إدلب الشرقي، حيث استهدفت بعض الغارات مقرات للفيلق بالمنطقة، كذلك تسبب الاستهداف بإصابة أكثر من 20 شخصاً هم 15 مقاتلاً من الفيلق و5 عناصر من الدفاع المدني»، علماً بأن هناك اعتقاداً أن أنقرة تدعم «فيلق الشام».
كما وثق «المرصد» مقتل شخصين اثنين جراء قصف للطيران الحربي استهدف أماكن في منطقة خيم شرق مدينة خان شيخون بريف إدلب الجنوبي، بينما قصفت طائرات حربية أماكن في منطقة معرة النعمان وحرش بنين بالقطاع الجنوبي من ريف إدلب، بالإضافة لقصفها مناطق في بلدة التمانعة بالريف الجنوبي.
مبادرتان عسكرية ومدنية في إدلب تسابقان القصف الروسي
موسكو تقصف فصيلاً معارضاً تدعمه أنقرة
مبادرتان عسكرية ومدنية في إدلب تسابقان القصف الروسي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة