أثارت موافقة مجلس الوزراء المصري على مشروع لتعديل مواد بقانون الجنسية، قبل يومين، حالة من الجدل في أوساط رسمية وقانونية وحقوقية؛ إذ يسمح التشريع المقترح بسحب وإسقاط الجنسية المصرية عمن تثبت إدانتهم بموجب أحكام قضائية في جرائم ذات طبيعة إرهابية.
وبينما أكدت مصادر رسمية، أن التعديل يسري على مزدوجي الجنسية، ولا صلة له بحاملي الجنسية المصرية وحدها، أفاد خبراء قانونيون بأن الصيغة المقترحة من الحكومة تسمح بإسقاط الجنسية عن الفئة الثانية؛ الأمر الذي يفتح الباب – وفق الخبراء - أمام معاقبة قيادات من جماعة «الإخوان»، التي تعتبرها الحكومة المصرية إرهابية، وفي مقدمتهم الرئيس الأسبق محمد مرسي، والمرشد العام للجماعة محمد بديع، وغيرهم ممن أدينوا بأحكام قضائية نهائية وباتة لا يجوز الطعن عليها.
وقالت الحكومة المصرية، إنها وافقت على تعديل بعض أحكام القانون رقم 26 لسنة 1975 بشأن الجنسية المصرية، بما يسمح بـ«إضافة حالة جديدة لسحب الجنسية المصرية تتعلق بكل من اكتسبها عن طريق الغش أو بناءً على أقوال كاذبة، أو صدور حكم قضائي يثبت انضمامه إلى أي جماعة (...) تهدف إلى المساس بالنظام العام للدولة، أو تقويض النظام الاجتماعي أو الاقتصادي أو السياسي لها بالقوة، أو بأي وسيلة من الوسائل غير المشروعة».
الفقرة التي أثارت جدلاً لافتاً كانت تلك التي أعلنتها الحكومة ضمن التعديل، وجاء نصها: «كما يشمل التعديل إضافة حالة جديدة لحالات إسقاط الجنسية تتعلق بصدور حكم بالإدانة في جريمة مضرة بأمن الدولة من جهة بالخارج أو الداخل».
وفسّر أستاذ القانون، عضو اللجنة العليا للإصلاح التشريعي (جهة تابعة لمجلس الوزراء بموجب قرار جمهوري صدر في مايو (أيار) «أيار» 2017)، الدكتور صلاح فوزي، الصيغة التي تم إعلانها من قبل الحكومة، بأنها تسمح بإسقاط الجنسية عن قيادات الجماعات الإرهابية المدانون بأحكام باتة ونهائية، حتى وإن لم يحملوا جنسيات أخرى.
وقال فوزي لـ«الشرق الأوسط»: إن «هناك فارقا من ناحية الصياغة القانونية ما بين كلمتي السحب والإسقاط؛ إذ تتعلق الأولى بمن منحتهم وأكسبتهم مصر جنسيتها، بينما يكون الإسقاط لمن نال الجنسية بمجرد ميلاده لأبوين مصريين».
واستكمل: «التعبيران السابقان وردا في نص بيان الحكومة بشأن تعديل قانون الجنسية، ما يؤكد وجود حالتين مختلفتين، وبالتبعية يمكن تطبيقه على قيادات جماعة الإخوان المعاقبين بأحكام لا يجوز الطعن عليها».
وشرح فوزي، أنه من الممكن أن يسري التعديل المقترح بأثر رجعي، بما يُمكّن الحكومة من سحب الجنسية المصرية عن مدانين بجرائم إرهاب تم الحكم فيها قبل صدور القانون، واستند إلى المادة 225 من الدستور، التي تسمح بذلك في غير «المواد الجنائية والضريبية» وبموافقة أغلبية ثلثي أعضاء مجلس النواب، وقال فوزي: «تنظيم شؤون الجنسية من المواد الإدارية، وبالتالي يمكن أن تسري بأثر رجعي».
على الجانب الآخر، قال المتحدث الرسمي باسم مجلس الوزراء، السفير أشرف سلطان، لـ«الشرق الأوسط»: إن التعديل يتعلق بمن اكتسب الجنسية، أي أن يكون أجنبياً صدر قرار بمنحه الجنسية المصرية، وتمت إدانته في جرائم مضرة بأمن الدولة».
وبشأن التضارب حيال إمكانية تطبيق التعديل على حاملي الجنسية المصرية فقط ممن أدينوا بجرائم إرهابية، أوضح سلطان، أن المعلومات المتوافرة لديه تؤكد أن تلك الفئة لا يشملها التشريع المقترح، وأفاد بأن «وزارة الداخلية هي التي تقدمت بمشروع التعديل المقترح لمجلس الوزراء».
من جهته، قال رجائي عطية، عضو المجلس القومي لمواجهة الإرهاب والتطرف (التابع للرئاسة المصرية) لـ«الشرق الأوسط»: إن تطبيق تلك التعديلات يحتاج إلى أغلبية خالصة داخل البرلمان لإقرارها وتنفيذها. واستدرك: «لكنه من غير الممكن تطبيق أحكام التعديل بأثر رجعي». وحتى منتصف الشهر الحالي، صدرت أحكام نهائية غير قابلة للطعن، بحق مرسي، في قضيتين هما «التخابر مع قطر» وقُضي بسجنه المؤبد (25 عاماً)، و«أحداث العنف في قصر الاتحادية» وعاقبته المحكمة بالسجن (20 عاماً).
وفيما يتعلق ببديع، فإن محكمة النقض قضت بمعاقبته في حكم نهائي بالسجن (25 عاماً)، مع عدد من قيادات بارزة بالجماعة بينهم، محمد البلتاجي، وأسامة ياسين، وذلك في القضية المعروفة إعلامياً بقطع طريق قليوب.
وتضمنت القضايا التي تم البت فيها بشكل نهائي لمرسي، وبديع، وقيادات بالإخوان، اتهامات بتعريض أمن الدولة للخطر، وتعطيل تطبيق أحكام الدستور، وهي جرائم مدرجة ضمن قانون مكافحة الإرهاب، الذي أصدره الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في أغسطس (آب) 2015.
حقوقياً، وصف عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، جورج إسحاق، المقترح الحكومي بإسقاط الجنسية عن المدانين بجرائم إرهابية، بأنه «متناقض مع حقوق الإنسان، فضلاً عن أنه لا يوضح طبيعة المعايير التي يمكن على أساسها اتخاذ قرار إسقاط الجنسية»، ومنوهاً بأن المجلس بصدد بحث التعديل الأسبوع الحالي، لاتخاذ موقف بشأنه.
مصر: قانون مقترح لإسقاط جنسية المدانين بالإرهاب يثير جدلاً
متحدث مجلس الوزراء لـ «الشرق الأوسط»: يسري على «مزدوجي الجنسية» فقط
مصر: قانون مقترح لإسقاط جنسية المدانين بالإرهاب يثير جدلاً
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة