تركيا توجّه «إنذاراً أخيراً» وتدعو أكراد العراق إلى «التخلي عن العناد»

TT

تركيا توجّه «إنذاراً أخيراً» وتدعو أكراد العراق إلى «التخلي عن العناد»

استمرر الحراك السياسي والعسكري التركي المكثف في مواجهة الاستفتاء على استقلال إقليم كردستان العراق الذي يجرى بعد غد (الاثنين). ويعقد البرلمان التركي جلسة طارئة اليوم السبت لمناقشة تمديد تفويض الحكومة لقيام الجيش بعمليات خارج الحدود في العراق وسوريا، في حين وجه رئيس الوزراء التركي بن على يلدريم إنذاراً أخيراً إلى إدارة الإقليم، وطالبها بالعدول عن الاستفتاء الذي اعتبره مسألة أمن قومي بالنسبة إلى تركيا، معتبراً شمل كركوك باقتراع الاستقلال بمثابة كارثة.
وقدمت الحكومة التركية أمس (الجمعة) إلى رئاسة البرلمان مذكرة تتعلق بتمديد صلاحيتها عاماً كاملاً، لتكليف الجيش بالقيام بعمليات عسكرية خارج الحدود في كل من العراق وسوريا.
وتنص المذكرة التي سيناقشها البرلمان اليوم على ضرورة احترام وحدة أراضي العراق وسيادته واستقراره، وتشير إلى التهديدات التي يشكلها مسلحو حزب العمال الكردستاني وتنظيم داعش الإرهابي في العراق وسوريا، ومحاولات «التمييز» القائمة على أساس عرقي، وعلى أهمية السلام والاستقرار الإقليميين، والتهديدات المباشرة التي تطول أمن تركيا واستقرارها.
وسبق أن مدد البرلمان التركي مذكرة التفويض في 2 أكتوبر (تشرين الأول) 2016 حتى 30 أكتوبر المقبل.
وشهدت العاصمة التركية أنقرة اجتماعات مكوكية أمس محورها الاستفتاء المرتقب في كردستان والإجراءات التي ستتخذها تركيا في مواجهته، حيث عقد مجلس الأمن القومي ومجلس الوزراء التركيان اجتماعين برئاسة الرئيس رجب طيب إردوغان عقب عودته مباشرة من نيويورك، حيث شارك في اجتماعات الدورة الـ72 للجمعية العامة للأمم المتحدة.
واستبق إردوغان الاجتماعين بالتأكيد على أنهما سيقرران الإجراءات والعقوبات، التي قال: إنها «لن تكون عادية» حال استمرار إدارة كردستان في خطة الاستفتاء.
وقالت مصادر قريبة من اجتماع مجلس الأمن القومي لـ«الشرق الأوسط»: إن إردوغان عرض خلال الاجتماع نتائج اتصالاته ومباحثاته في نيويورك وبشكل خاص اجتماعه بالرئيس دونالد ترمب، واتصاله مع رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، كما عرض وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو نتائج مباحثاته مع نظيريه العراقي إبراهيم الجعفري والإيراني محمد جواد ظريف في نيويورك، والإجراءات المشتركة التي تم الاتفاق عليها في هذا الصدد.
وتناول الاجتماع أيضا التطورات في سوريا ومكافحة الإرهاب والعلاقات مع الاتحاد الأوروبي.
وعن العقوبات التي قد تفرضها تركيا على إقليم كردستان حال إجراء الاستفتاء، قالت المصادر: إنها قد تتضمن إغلاق بوابة خابور الحدودية مع العراق وإغلاق المجال الجوي أمام الرحلات الجوية من أربيل وإليه، وقد تمتد إلى التدخل العسكري بالتنسيق مع بغداد وطهران. وفي السياق ذاته، قال رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم في تصريحات أمس: إن الاستفتاء المقرر على استقلال إقليم كردستان العراق هو مسألة تمس الأمن القومي التركي، وإن بلاده لن تقبل أبدا تغيير الأوضاع في العراق أو سوريا. وأضاف، أن أي تحرك يؤدي إلى تغيير الوضع في سوريا والعراق هو نتيجة غير مقبولة لتركيا و«سنفعل ما يلزم تجاهه».
ودعا يلدريم رئيس الإقليم مسعود بارزاني، إلى «التخلي عن عناده» بإجراء استفتاء «الانفصال» عن العراق، مشدداً على أن هذا الاستفتاء بمثابة مسألة أمن قومي لتركيا، و«تركيا لن تتردد في استخدام حقوقها المنبثقة عن الاتفاقيات الدولية والثنائية في هذا الإطار». وأضاف: «الوقت لم ينفد بعد، على حكومة الإقليم وبارزاني التخلي عن عنادهم. الاستفتاء لن يجلب الخير للمنطقة، ولن يجلب الخير لإخوتنا الأكراد أيضا، إن العالم بأسره ضد هذا الاستفتاء».
وحول مذكرة تمديد تفويض الجيش للقيام بعمليات في العراق وسوريا، قال يلدريم «إنها تتيح لنا التدخل حيال أي تطورات تهدد أمننا القومي، خلف حدودنا البرية وجوارها، وتخولنا صلاحية إرسال جنود».
وأعطى حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة التركية، دعمه لمذكرة الحكومة بنشر قوات في سوريا والعراق لمدة عام آخر. وقال: إنجين التاي، نائب رئيس حزب الشعب الجمهوري، إنهم سيدعمون الاقتراح الذي «يعزز يد الجيش التركي في المنطقة».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.