«سوريا الديمقراطية» تحاصر أكبر حقل للغاز... وقوات النظام توسع سيطرتها في دير الزور

اتصالات عسكرية روسيةـ أميركية... وأنباء عن قرب تحرير كامل الرقة

TT

«سوريا الديمقراطية» تحاصر أكبر حقل للغاز... وقوات النظام توسع سيطرتها في دير الزور

طوقت «قوات سوريا الديمقراطية» أمس، تنظيم داعش في حقل غاز «كونيكو»، أكبر حقل للغاز في سوريا وفي حقل العزبة النفطي الواقعين إلى الشرق من طريق دير الزور - الصور - الحسكة، فيما أكدت قوات النظام أنها تقدمت في ريفي دير الزور الشرقي والغربي. ولفت يوم أمس انطلاق الاحتفالات داخل مدينة الرقة، التي قال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إنّها باتت خالية من عناصر «داعش» باستثناء بعض المتوارين في ملاجئ ومخابئ.
وجاء ذلك غداة الكشف عن محادثات مباشرة وغير مسبوقة تمت بين قادة عسكريين أميركيين وروس في سوريا أو في دولة مجاورة لمناقشة التوترات المتزايدة حول المعارك ضد تنظيم داعش في سوريا، لا سيما الرقة ودير الزور.
وقال الكولونيل راين ديلون المتحدث باسم التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، إن الضباط التقوا الأسبوع الماضي «وجهاً لوجه في المنطقة» لتبادل المعلومات حول محافظة دير الزور، حيث تتحرك قوات محلية مدعومة أميركياً، على مقربة من قوات النظام المدعومة من روسيا. وأضاف: «أكدت المناقشات ضرورة تبادل معلومات عن مواقع العمليات لضمان (...) منع الاستهداف بشكل عرضي أو حدوث احتكاكات».
ميدانياً، نقل «المرصد» عن مصادر أن قوات مجلس دير الزور العسكري المدعمة بـ«وحدات حماية الشعب» الكردي والقوات الخاصة الأميركية تمكنت من الالتفاف على حقل غاز «كونيكو» ومعمله وحقل «العزبة» النفطي، لتوسع بهذا الحصار مناطق سيطرتها، وتطوق هذين الحقلين، مشيراً إلى تزامن فرض الحصار مع اندلاع نيران متفرقة في حقل «كونيكو» للغاز، يُرجح أن تكون ناتجة عن إحراق التنظيم لآبار النفط، أو إشعاله حفراً ملأها بالنفط بهدف التشويش على الطائرات الحربية وطائرات الاستطلاع. في هذا الوقت تواصلت عملية «عاصفة الجزيرة» التي تهدف من خلالها «قسد» للسيطرة على شرق الفرات وريف الحسكة الجنوبي، وأشار المرصد إلى «اشتباكات عنيفة تشهدها المنطقة الواقعة في شرق نهر الفرات بين قوات مجلس دير الزور العسكري وعناصر داعش».
وأفيد عن انفجارات عنيفة وقعت في مناطق في الريف الشرقي لمدينة دير الزور، ناجمة وفق «المرصد»، عن قصف من طائرات لا يعلم ما إذا كانت روسية أم تابعة للنظام، استهدف مناطق في مدينة الميادين. وقالت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) إن «وحدات من الجيش (النظامي) السوري سيطرت على قرى حلبية وزلبية والقصبي وتتابع تقدمها باتجاه معدان بريف دير الزور الغربي»، فيما أكد الإعلام الحربي التابع لـ«حزب الله» مواصلة الجيش السوري وحلفائه عملياتهم في ريف دير الزور الشرقي وسيطرتهم على بلدة خشام جنوب شرقي قرية مظلوم.
أما في الرقة، حيث تخوض «قوات سوريا الديمقراطية» المرحلة الأخيرة من معركتها بوجه تنظيم داعش، فتضاربت المعلومات حول وضع ما تبقى من عناصر التنظيم داخل المدينة. وإذ قال «المرصد» إن الرقة «باتت خالية من عناصر تنظيم داعش» باستثناء بعض المتوارين في ملاجئ ومخابئ، أشارت المتحدثة باسم حملة «قوات سوريا الديمقراطية» جيهان شيخ أحمد، إلى أن عناصر «داعش» يتحصنون حالياً في المستشفى الوطني والملعب البلدي والحدائق المحيطة بالملعب في وسط المدينة، لافتة إلى أن هذه المنطقة تحوي «أنفاقاً تمتد إلى كثير من الأماكن الاستراتيجية». وأضافت شيخ أحمد: «نحن في المرحلة الأخيرة بانتظار أن نزف النصر لأهلنا في الرقة خلال أسابيع».
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية أجواء احتفالية تسود الرقة، وقالت إن مقاتلي «قوات سوريا الديمقراطية» أخذوا أمس يرقصون الدبكة على وقع موسيقى تقليدية، فيما تجول آخرون في الشوارع، والتقطت مقاتلات وضعن على رؤوسهن شالات كردية تقليدية مزركشة صوراً تذكارية.
وقالت القيادية في حملة «غضب الفرات» روجدا فلات وحولها مقاتلات من وحدات حماية المرأة الكردية، إنه «لم يعد لدى عناصر داعش القدرة الكافية لشن الهجمات وتفجير السيارات المفخخة، ويتضح ذلك في تحركاتهم الأخيرة». وأضافت: «نتوقع أن يتم قتلهم جميعاً في الرقة».
من جهته، رجح مصطفى بالي الناطق باسم «سوريا الديمقراطية» أن يتم إعلان تحرير المدينة كاملة خلال أسابيع وفي أقل من شهر، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الحديث عن نسب معينة للسيطرة على المدينة لم يعد ذا جدوى في المرحلة الراهنة. وإذ انتقد بشدة «الادعاءات الروسية» عن وقف القتال في الرقة وانتقال المقاتلين إلى ريف دير الزور الشرقي، أكد بالي أن الاشتباكات لا تزال عنيفة في بعض الأحياء، وأن الطيران لا يزال يستهدف ما تبقى من مواقع تمركز «داعش» داخل المدينة، التي كانت تعتبر حتى الأمس القريب معقله الرئيسي وعاصمته.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.