حكومة الإنقاذ تلوح بتفعيل سلطاتها في طرابلس... واحتدام الاقتتال في صبراتة

المتحدث باسم البرلمان قال لـ «الشرق الأوسط» إن أفعال الغويل يحاسب عليها القانون

مهاجرون سودانيون في أحد مراكز الاحتجاز في بنغازي بعد اعتقالهم من قوات حراسة السواحل الليبية (رويترز)
مهاجرون سودانيون في أحد مراكز الاحتجاز في بنغازي بعد اعتقالهم من قوات حراسة السواحل الليبية (رويترز)
TT

حكومة الإنقاذ تلوح بتفعيل سلطاتها في طرابلس... واحتدام الاقتتال في صبراتة

مهاجرون سودانيون في أحد مراكز الاحتجاز في بنغازي بعد اعتقالهم من قوات حراسة السواحل الليبية (رويترز)
مهاجرون سودانيون في أحد مراكز الاحتجاز في بنغازي بعد اعتقالهم من قوات حراسة السواحل الليبية (رويترز)

عادت «حكومة الإنقاذ»، التابعة للمؤتمر الوطني العام المنتهية ولايته والتي يترأسها خليفة الغويل، ثانية إلى واجهة الأحداث في ليبيا، وذلك بعد إعلانها أنها ستمارس عملها مجددا من طرابلس، بداعي أنها «صاحبة الشرعية الدستورية» في البلاد.
وفيما قلل مجلس النواب الليبي، الذي يمارس عمله في مدينة طبرق (شرق البلاد)، من أهمية ظهور «حكومة الإنقاذ» مرة ثانية، موضحا أنها «غير شرعية، وانتهت بانتهاء أعمال المؤتمر الوطني العام»، أوضح المتحدث باسم المجلس عبد الله بليحق لـ«الشرق الأوسط» أن «ما أقدم عليه الغويل يحاسب عليه القانون؛ لأن حكومته المزعومة لم يعد لها وجود، فضلاً عن أن أفعاله غير مقبولة»، وأرجع بليحق ظهور الغويل مرة ثانية إلى «عدم بسط حكومة (الوفاق) سلطاتها على العاصمة، وانتشار الميليشيات المسلحة التي يستقوي بها الغويل في الظهور من جديد».
ومن جهتها، قالت «حكومة الإنقاذ» في بيان، نقله «المرصد» الليبي، أمس، إن «المستعمر الذي طرد مهزوماً عاد (اليوم) ونصب حكومة مزعومة أسماها المجلس الرئاسي، وتبناها المستعمر وغيرهم... ليعود الاستعمار ويدنس تراب ليبيا الطاهر».
وتابعت «الإنقاذ» في بيانها بأنها «منحازة للشعب الليبي»، وبأنها «ستقوم بواجباتها والوفاء بمسؤولياتها بما يحفظ المصالح العليا للشعب، وستدافع عن تراب الوطن»، وتعهدت بممارسة حقها الدستوري في التصدي للمجلس الرئاسي ولغيره ممن وصفتهم بـ«المتطفلين» بكل السبل والوسائل.
وظهر الغويل بعد غياب دام نحو ثمانية أشهر، في 15 من أكتوبر (تشرين الأول) العام الماضي، في مجمع القصور الرئاسية بالعاصمة طرابلس، وهو يتلو بياناً يدعو فيه وزراء حكومته وموظفيها إلى العودة لمزاولة أعمالهم وتقديم الخدمات للشعب الليبي.
في غضون ذلك، سادت مدينة صبراتة اشتباكات واسعة لليوم الثالث على التوالي، بين غرفة عمليات مكافحة تنظيم داعش و«الكتيبة 48 مشاة»، ما تسبب في نزوح جماعي لعدد كبير من العائلات، وازدياد وتيرة الاقتتال، وفقا للطاهر الغرابلي، رئيس المجلس العسكري في صبراتة.
وقال الغرابلي لـ«الشرق الأوسط»، إن «الوضع في المدينة مأساوي للغاية، والمعارك وسط صبراتة تتواصل على مدار 3 أيام، وأعداد القتلى تزداد، ولا يستطع أحد انتشالهم من أرض المعركة بسبب تواصل القتال»، مشيرا إلى تحليق طيران حربي في سماء المدينة، لم تعرف هويته، وإلى أن «هناك قوتين متقاتلتين تتبعان حكومة (الوفاق الوطني)، لذا تتحمل الحكومة المسؤولية الكاملة عن تلك الأحداث».
من جهة ثانية، ثمّن مصدر عسكري ليبي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» الجهود المصرية التي انتهى إليها اجتماع وفد لجنتي التواصل العسكري الليبية الذي احتضنته القاهرة، برعاية اللجنة الوطنية المصرية المعنية بليبيا، وبرئاسة رئيس أركان الجيش المصري الفريق محمود حجازي، مساء أول من أمس.
وكان عسكريون ليبيون في العاصمة المصرية قد اتفقوا على «بحث آليات توحيد المؤسسة العسكرية في البلاد، ودراسة كافة الشواغل التي تدعم تحقيق هذا المسار». فيما قال المتحدث باسم القوات المسلحة المصرية العقيد أركان حرب تامر الرفاعي عبر صفحته على موقع «فيسبوك» عقب انتهاء الاجتماع، إن اللقاء جاء «في إطار الجهود المستمرة لمصر بهدف إنهاء حالة الانقسام وتوحيد المؤسسة العسكرية الليبية، وإحياءً لتضحيات الآباء المؤسسين للجيش الليبي».
وأضاف المصدر العسكري موضحا: «ليس غريباً على مصر أن تضطلع بهذا الدور الآن، فهي التي ساهمت في تأسيس الجيش الليبي، والآن تُدرب عناصره في كثير من المجالات، وتمده بما يلزم من عتاد... والحدود الغربية بين البلدين باتت هدفاً للجماعات الإرهابية، ما يحتم على الجانبين التعاون الوثيق».
في غضون ذلك، استقبل رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، وفداً إيطالياً ضم كلاً من رئيس لجنة الدفاع بالبرلمان الإيطالي نيكولا لاتوري، والسفير الإيطالي لدى ليبيا جوزيبي بيروني، ومستشار لجنة الدفاع فرانشيسلو جيليولي.
وقال مجلس النواب في بيان نشره أمس، على موقعه الإلكتروني، إن عقيلة ناقش مع الوفد الإيطالي بمقر إقامته في مدينة طبرق «إشكاليات الاتفاق السياسي وسبل تعديله، بالإضافة إلى دعم القوات المسلحة في محاربة الإرهاب».
ومن جهته، دعا وزير الخارجية والتعاون الدولي الإيطالي أنجيلينو ألفانو إلى ضرورة «توحيد المبادرات بشأن ليبيا، وتوجيهها نحو المبعوث الأممي غسان سلامة».
وكان وزير الخارجية الإيطالي قد شارك في الاجتماع الوزاري للاتحاد الأوروبي الذي التأم على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة حول ليبيا، بحضور الممثل الخاص للأمين العام غسان سلامة. وقالت الخارجية الإيطالية، في بيان أمس، نشرته وكالة «أكي» الإيطالية، إن الوزير ألفانو أكد خلال كلمته على «النقاط الثابتة للموقف الإيطالي من ليبيا»، وخاصة «الحاجة إلى توحيد المبادرات المختلفة وغير المنسقة التي يقدم عليها المجتمع الدولي»، وكذلك «الحاجة إلى مفاوضات واحدة تحت مظلة الأمم المتحدة».
وأشار ألفانو إلى أن «هذا هو الوقت المناسب للشعب الليبي للموافقة على التعديلات الضرورية على الاتفاق السياسي من أجل تعزيز حوار سياسي أكثر شمولا... وليس هناك شرق وغرب، طرابلس وطبرق فقط، بل هناك مصراتة والجنوب أيضا، وإنْ لم يُفهم ذلك فإن العملية برمتها قد تفشل».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».