لبنان: مشروع تقديم موعد الانتخابات يوتر التحالفات

بري اقترح القانون المعجل حول تقصير ولاية المجلس النيابي

TT

لبنان: مشروع تقديم موعد الانتخابات يوتر التحالفات

أعاد مشروع قانون تقديم موعد الانتخابات، الذي تقدم به رئيس البرلمان نبيه بري، إلى مجلس النواب أمس، والاختلافات حول «البطاقات الممغنطة»، الجدل للانتخابات النيابية، لكنه كشف عن عدم جهوزية الأطراف لإجرائها، على ضوء التباينات التي طفت إلى السطح، مع اعتبار وزير الخارجية جبران باسيل أن إسقاط البطاقة الممغنطة «يضرب الإصلاحات الانتخابية».
وأعلن بري أمس تقديم اقتراح القانون المعجل حول تقصير ولاية «المجلس النيابي»، خلال الجلسة العامة لمجلس النواب. وبهذا الطرح، استدرج بري بعض القوى السياسية التي لم تستقر تحالفاتها الانتخابية بعد، إلى موقف مربك، طوّق فيه فرص التمديد التقني مرة أخرى، في حال تعذر إصدار البطاقات الممغنطة التي ستستخدم في الانتخابات، ويعتبرها بعض الأقطاب، وبينهم «التيار الوطني الحر»، «واحدة من الإصلاحات الانتخابية».
وجدد طرح بري، التباينات مع «الوطني الحر»، الذي عبر رئيسه جبران باسيل أمس عن رفضه له، بالقول إن تقريب مدة الانتخابات يمثل «ضرباً للإصلاحات الانتخابية»، رغم تأييد «الوطني الحر» لقضية الانتخابات المبكرة في وقت سابق، بوصفه «أحد مطالب التيار حال انتفاء الأعذار التي تحول دون إجرائها».
وتحول الرفض الضمني لدى باسيل، إلى مادة سجالية جديدة مع بري، إذ رد هاني قبيسي، عضو كتلة «التنمية والتحرير» التي يرأسها بري، على باسيل، بالقول: «كنا نخشى أن تقول إنك أول من اقترحت هذا الأمر، أما وقد عارضته، فهذا دليل على صحته وواقعيته وضرورته»، لافتاً إلى أن «هناك سعياً لتمديد جديد للمجلس النيابي ونحن نرفضه مطلقاً». وجدد تأكيده موقف الرئيس بري من موضوع البطاقة الممغنطة، وقال: «هناك استحالة لإنجازها، من أجل ذلك دعونا لتقريب موعد الانتخابات النيابية».
والبطاقة الممغنطة، التي وردت في المادة 84 من قانون الانتخابات الحالي، تعتبر أحد الإصلاحات الانتخابية، كونها تحمل معلومات رقمية خاصة بحاملها، وتُقرأ عبر برنامج خاص على الكومبيوتر، وتُزوّد بـ«باركود» منعاً لتزويرها، أو بـ«رقاقة معدنية» تسمح بالتصويت لمرّة واحدة. وفي ظل التقديرات بأن إصدار أكثر من 3 ملايين بطاقات ممغنطة «صعب» قبل حلول موعد الانتخابات في مايو (أيار) المقبل، تقدم بري بمقترحه الذي تواجهه عدم جهوزية الأطراف السياسية للاستحقاق.
ويقول مدير عام شركة «ستاتيستكس ليبانون»، والخبير في الأرقام الانتخابية، ربيع الهبر، إن «حزب الله» هو الطرف الوحيد الجاهز للانتخابات في لبنان، بينما «جميع الأحزاب لم تجهز بعد، ولم تحسم مرشحيها للمقاعد الانتخابية»، مشيراً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن المرشحين المفترضين للانتخابات عن الأحزاب «لم يبدأوا بعد أي حملة انتخابية»، وينسحب ذلك على حزب القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر وتيار المستقبل وغيرها.
وتزداد العراقيل، في ظل توتر التحالفات الانتخابية، أبرزها التحالف بين «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية»، إضافة إلى التباينات العميقة بين «تيار المستقبل» والنائب وليد جنبلاط.
وقال الهبر: «هناك مقاعد في مناطق ضغط ونفوذ، مثل مقعد الأرثوذكس في عاليه، أو المقعد الكاثوليكي في زحلة، أو المقعد الماروني في الشوف، كذلك بعض المقاعد في دائرة بيروت الثالثة والثانية، وصيدا والبقاع الغربي، وتعتبر مقاعد ضغط وتقبل المساومة، لكن لم تظهر ملامح الاتفاقات عليها حتى الآن».
وأضاف: «برأيي، حتى المهلة المعطاة إلى 7 مايو المقبل، ربما لن تكون كافية لنسج التحالفات بأكملها، ولن يكون الجميع بجهوزية تامة»، مشدداً على أن «القدرات لخوض الانتخابات محدودة عند الجميع في هذا الوقت».
ورغم ذلك، تسابق بعض القوى على إعلان جهوزيتها للاستحقاق، إذ أكد رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع أن «القوات جاهزة لخوض الانتخابات في أي وقت تستطيع وزارة الداخلية تنظيمها». ودعا إلى اعتماد بطاقة الهوية الحالية في الانتخابات المقبلة على غرار الانتخابات السابقة، وذلك لكي لا تبقى انتخابات مايو 2018 تحت رحمة إنهاء أو عدم إنهاء البطاقات الممغنظة، ولكي لا يأخذ البعض من عدم التمكن من إنجازها حجة جديدة لتمديد جديد لـ»المجلس النيابي». ولفت جعجع إلى أنه «تعويضاً عن عدم إنجاز البطاقة البيومترية (الممغنظة) قبل الانتخابات يمكن اعتماد التسجيل المسبق في الــ(mega centers) للناخبين الراغبين في الاقتراع في أماكن سكنهم».
واختلطت أوراق التحالفات على ضوء انقسامات شملت ملفات تتخطى قضية الانتخابات، أبرزها ما أقرّ به رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط، بالقول: «أعترف بأن (الدوزنة) الجديدة مع الحريري، تشوبها ثغرات موضوعية حول بعض الملفات تأخذ لاحقاً بعداً ذاتياً نحن بغنى عنه»، وأضاف: «مع المفارقات في دوزنة الملفات الحساسة مثل الكهرباء والبطاقات الممغنطة بالتراضي، فإننا لن نقبل بعودة العلاقات اللبنانية - السورية إلى سابق عهدها من الوصاية، ولن نقبل إلا بدوزنة دقيقة ومدروسة، مدركين الواقع بأن (النظام) حسن مواقعه. وهذا شأنه لكن لابد من موقف موحد من العهد والوزارة في إرساء دوزنة مدروسة من الند إلى الند منعا للانبطاحية المعهودة».



«خط أحمر»... «الحكومة الموزاية» تثير مخاوف مصرية من تفكك السودان

وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)
وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)
TT

«خط أحمر»... «الحكومة الموزاية» تثير مخاوف مصرية من تفكك السودان

وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)
وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)

تثير تحركات تشكيل «حكومة موازية» في السودان، مخاوف مصرية من تفكك البلاد، التي تعاني من حرب داخلية اندلعت قبل نحو عام ونصف العام، وشردت الملايين. وقال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، الأحد، إن «بلاده مع استقرار السودان ومع بسط سيادته على كل الأراضي السودانية»، مشيراً إلى أن «هذا أمر ثابت في السياسة الخارجية المصرية ولا يمكن أن تتزحزح عنه».

واعتبر وزير الخارجية، في مؤتمر صحافي مشترك، مع المفوضة الأوروبية لشؤون المتوسط دوبرافكا سويتشا، «تشكيل أي أطر موازية قد تؤدي إلى تفكك الدولة السودانية خطاً أحمر بالنسبة لمصر ومرفوضاً تماماً»، مضيفاً: «ندعم الشرعية. ندعم مؤسسات الدولة السودانية، وندعم الدولة، لا ندعم أشخاصاً بأعينهم».

ويرى خبراء ومراقبون، تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أن الموقف السياسي المصري الداعم بقوة لمؤسسات الدولة، والرافض لتشكيل أي أطر موازية، هدفه حماية السودان من التمزق، لكنه يظل رهن تباينات إقليمية تعقد حل الأزمة.

ويمهد توقيع «قوات الدعم السريع» وحركات مسلحة وقوى سياسية ومدنية متحالفة معها بنيروبي، الأسبوع الماضي، على «الميثاق التأسيسي»، الطريق لإعلان حكومة أخرى موازية في السودان، في مواجهة الحكومة التي يقودها رئيس مجلس السيادة السوداني، الفريق عبد الفتاح البرهان، وتتخذ من مدينة بورتسودان مقراً لها.

وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» من القاهرة، قبل أيام، عدَّ وزير الخارجية السوداني، علي يوسف الشريف، أن تحرك تشكيل «حكومة موازية» في مناطق سيطرة قوات «الدعم السريع» لا يحظى باعتراف دولي، مشيراً إلى أن «دولاً إقليمية ودولية تدعم موقف بلاده في هذه القضية».

وجددت مصر، الأحد، رفضها مساعي تشكيل «حكومة موازية» بالسودان، ووصفت الخارجية المصرية، في بيان رسمي، الأحد، ذلك، بأنه «محاولة تهدد وحدة وسيادة وسلامة أراضي السودان».

وأضاف البيان أن تشكيل حكومة سودانية موازية «يُعقد المشهد في السودان، ويعوق الجهود الجارية لتوحيد الرؤى بين القوى السودانية، ويفاقم الأوضاع الإنسانية»، فيما طالبت كافة القوى السودانية بتغليب المصلحة الوطنية العليا للبلاد والانخراط في إطلاق عملية سياسية شاملة دون إقصاء أو تدخلات خارجية.

وحسب الوزير المصري عبد العاطي، فإن «مصر على تواصل مع كل الأطراف المعنية لنقل وجهه نظرها وموقفها الواضح والثابت»، وأضاف: «بالتأكيد نحن مع السودان كدولة، ومع السودان كمؤسسات، ومع السودان بطبيعة الحال لفرض سيادته وسيطرته على كل الأراضي السودانية».

وتستهدف مصر من رفض مسار الحكومة الموازية «دعم المؤسسات الوطنية في السودان، حفاظاً على وحدته واستقراره، وسلامته الإقليمية»، وفق عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، السفير صلاح حليمة، الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إن «مصر تعمل على حشد الدعم الدولي والإقليمي لوقف الحرب ونفاذ المساعدات الإنسانية، ووضع خطط لإعادة الإعمار».

وتنظر القاهرة لحكومة بورتسودان باعتبارها الممثل الشرعي للسودان، والمعترف بها دولياً، وفق حليمة، ودلل على ذلك بـ«دعوة رئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان، للأمم المتحدة، وزيارة دول مختلفة، كممثل شرعي عن بلاده».

وترأس البرهان وفد السودان، في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، سبتمبر (أيلول) الماضي.

ويعتقد حليمة أن إجهاض مساعي «الحكومة الموازية» لن يتحقق سوى بـ«التوافق على مسار سياسي، من خلال حوار سوداني - سوداني، تشارك فيه كل الأطراف، ويفضي لتشكيل حكومة مدنية مستقلة لفترة انتقالية»، وطالب بالبناء على مبادرة مصر باستضافة مؤتمر للقوى السياسية السودانية العام الماضي.

وجمعت القاهرة، في شهر يوليو (تموز) الماضي، لأول مرة، الفرقاء المدنيين في الساحة السياسية السودانية، في مؤتمر عُقد تحت شعار «معاً لوقف الحرب»، وناقش ثلاث ملفات لإنهاء الأزمة السودانية، تضمنت «وقف الحرب، والإغاثة الإنسانية، والرؤية السياسية ما بعد الحرب».

في المقابل، يرى المحلل السياسي السوداني، عبد المنعم أبو إدريس، أن «التحركات المصرية تواجه تحديات معقدة، بسبب دعم دول إقليمية مؤثرة للقوى الساعية لتشكيل حكومة موازية، في مقدمتها (الدعم السريع)»، مشيراً إلى أن «الموقف المصري مرهون بقدرتها على تجاوز الرفض الدبلوماسي، وقيادة تحركات مع الفرقاء السودانيين وحلفائها في الإقليم».

ويعتقد أبو إدريس، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن اختراق القاهرة لأزمة «الحكومة الموازية»، «لن يكون سهلاً، في ضوء تأثير الجهات الدولية والأطراف الداعمة للقوى السودانية التي تقف خلف هذه الحكومة»، وقال إن «مصر تخشى أن تقود تلك التحركات إلى انفصال جديد في السودان، ما يمثل تهديداً لمصالحها الاستراتيجية».

ورغم هذه الصعوبات، يرى القيادي بالكتلة الديمقراطية السودانية، مبارك أردول، أن الموقف المصري مهم في مواجهة الأطراف الإقليمية الداعمة لمسار الحكومة الموازية، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «رفض القاهرة يؤكد أن السودان لا يقف وحده في هذه الأزمة»، وأن «هناك أطرافاً إقليمية داعمة لوحدة واستقرار السودان».

وتعتقد مديرة وحدة أفريقيا في «مركز الأهرام للدراسات السياسية»، أماني الطويل، أن «المواقف الرافضة لهذه الحكومة، التي صدرت من مصر والأمم المتحدة ودول أخرى، يمكن أن تُضعف من الاعتراف الدولي والإقليمي للحكومة الموازية، دون أن تلغيها».

وباعتقاد الطويل، «سيستمر مسار الحكومة الموازية بسبب رغبة شركات عالمية في الاستفادة من موارد السودان، ولن يتحقق لها ذلك إلا في وجود سلطة هشّة في السودان»، وقالت: «الإجهاض الحقيقي لتلك التحركات يعتمد على التفاعلات الداخلية بالسودان، أكثر من الموقف الدولي، خصوصاً قدرة الجيش السوداني على استعادة كامل الأراضي التي تسيطر عليها (الدعم السريع) وخصوصاً دارفور».