مجلس الاستفتاء الكردي يتمسك بإجرائه... ويرسل وفداً إلى بغداد

معصوم يطلق مبادرة لحل الأزمة... والمالكي يحذر من السماح بـ«إسرائيل ثانية» في العراق

مشاركون في مظاهرة كردية مؤيدة للاستفتاء في بيروت أمس (أ.ف.ب)
مشاركون في مظاهرة كردية مؤيدة للاستفتاء في بيروت أمس (أ.ف.ب)
TT

مجلس الاستفتاء الكردي يتمسك بإجرائه... ويرسل وفداً إلى بغداد

مشاركون في مظاهرة كردية مؤيدة للاستفتاء في بيروت أمس (أ.ف.ب)
مشاركون في مظاهرة كردية مؤيدة للاستفتاء في بيروت أمس (أ.ف.ب)

رفض مجلس استفتاء إقليم كردستان العراق، أمس، الدعوات إلى إرجاء الاقتراع المقرر الاثنين المقبل على استقلال الإقليم، وقرر إرسال وفد إلى بغداد لإجراء مباحثات خلال يومين. واعتبر أن «المقترحات المطروحة حتى الآن لا تلبي رغبات شعب كردستان». غير أنه أكد استمرار الحوار مع الأطراف الدولية «بروحية بناءة ومسؤولة».
وقال عضو المجلس الأعلى للاستفتاء رئيس حزب التنمية التركماني محمد سعد الدين لـ«الشرق الأوسط» إن «المجلس مُصر على إجراء استفتاء الاستقلال في موعده المحدد، لكنه بحث المقترحات المقدمة من قبل ممثل الرئيس الأميركي ودول التحالف ودول الجوار التي تطالب بتأجيل هذه العملية، لكن خلال الجلسة وبعد دراسة هذه المقترحات تبين أنها ليست كافية لتأجيل الاستفتاء، وأن هناك حاجة إلى ضمانات دولية. لذا لن يؤجل الاستفتاء، وتقرر خلال الجلسة أن تستمر المفوضية العليا المستقلة للانتخابات والاستفتاء في الإقليم باستعداداتها لتنظيم هذه العملية».
وأضاف أن «المجلس قرر أن تكون أبواب الحوار والتفاوض مفتوحة، وستتواصل المباحثات مع الولايات المتحدة والتحالف الدولي وبغداد لحل المشاكل». وشدد على «ضرورة وجود ضمانات دولية»، بسبب ما اعتبره «فقدان الحكومة العراقية مصداقيتها تجاه الإقليم خلال السنوات الماضية».
وقال المجلس في بيان بعد اجتماع لمناقشة الخطة التي سلمها لرئاسة الإقليم مبعوث أممي وآخر أميركي قبل أيام، إن «المقترحات المطروحة حتى الآن لا تحمل الضمانات الكافية التي تلبي رغبات وقناعة شعبنا»، بحسب قناة «السومرية نيوز» العراقية. وأضاف البيان أن «قيادة كردستان تنظر باحترام وتقدم شكرها لجهود المجتمع الدولي، للاهتمام الذي يبديه بشعب كردستان».
وفي حين شدد البيان على أن «عملية الاستفتاء هي آلية فقط للوصول إلى حق تقرير المصير، وعمليته ستستمر»، أكد «استمرار الحوارات مع جميع الأطراف الدولية بروحية بناءة ومسؤولة، من أجل ضمان حق تقرير المصير لشعبنا». وقرر المجلس إرسال وفد إلى بغداد خلال يومين.
وأعلن الرئيس العراقي فؤاد معصوم «إطلاق مبادرة للحوار» لحل الأزمة التي أثارها إعلان إقليم كردستان العراق تنظيم استفتاء للاستقلال الاثنين المقبل، بعدما ألغى سفره الذي كان مقرراً أمس لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة المقرر انعقادها في نيويورك هذا الأسبوع.
وقالت الرئاسة في بيان إن «القرار الطارئ الذي اتخذه الرئيس بعدم حضور اجتماعات الجمعية العمومية، جاء بغرض المباشرة الفورية بمبادرة حوار بين قادة القوى السياسية أطلقها (معصوم) لمواجهة الأزمة الراهنة التي تواجه البلاد». وكلّف رئيس الوزراء حيدر العبادي بإلقاء كلمة العراق أمام اجتماعات المنظمة الدولية. وأضاف: «بناء على مقتضيات المصلحة العامة، قررنا إطلاق مبادرة للحوار نبدأها بدعوة قادة القوى السياسية وزعمائها لعقد اجتماعات مكثفة للتوصل إلى حلول ملموسة وعاجلة تكفل تجاوز هذه الأزمة».
وعبر الرئيس عن قلقه من أن الأزمة «تنذر بتفاقم قد يضع العملية السياسية والمصلحة الوطنية العليا أمام أخطار وتهديدات جسيمة لا تسمح لنا مسؤوليتنا الدستورية بتركها على الغارب»، ما «يستدعي دعوتنا جميع الأطراف المعنية، لا سيما المتمثلة في السلطتين التشريعية والتنفيذية على مستويي إقليم كردستان والسلطة الاتحادية إلى لزوم التصدي الفوري لمعالجتها كأولوية قصوى».
وفي حين لم يشر البيان إلى الإطار السياسي الذي ستسير فيه المبادرة، أبلغ مصدر كردي «الشرق الأوسط» بأن «الرئيس معصوم ينوي تأليف لجنة من ممثلي القوى السياسية المختلفة في بغداد، تكلف مهمة الحوار مع الوفد الكردي الذي سيزور بغداد قريباً». ولا يخفي المصدر الكردي الذي يفضّل عدم نشر اسمه «الموقف الحرج الذي يتعرض له الرئيس معصوم، الموزع بين همومه القومية (باعتباره كردياً) ومنصبه الرسمي في العراق، لكنه يرغب في عمل ما، من شأنه المساهمة في حل الأزمة».
ولا تزال المواقف المختلفة من الاستفتاء الكردي متواصلة في بغداد، ففي أحدث ردود الفعل حيال الاستفتاء، رفض زعيم «ائتلاف دولة القانون» نائب الرئيس نوري المالكي، أمس، قيام ما اعتبره «إسرائيل ثانية» في العراق. وشدد المالكي خلال لقاء مع السفير الأميركي في العراق دوغلاس سيليمان على «ضرورة إلغاء إجراء الاستفتاء أو تأجيله، كونه غير دستوري ولا يصب في مصلحة الشعب العراقي عامة ولا مصالح الكرد خاصة». ونقبل بيان لمكتب المالكي قوله: «لن نسمح بقيام إسرائيل ثانية في شمال العراق».
وحذّر المالكي المطالبين بالاستفتاء من «التداعيات الخطيرة التي سيخلفها هذا الإجراء على أمن العراق وسيادته ووحدته». ودعا إلى «اتباع لغة الحوار الجاد لحل جميع الإشكاليات وفقاً للدستور الذي صوت عليه الجميع».
وشدد رئيس مجلس النواب سليم الجبوري على أهمية الحوار للخروج بنتائج مرضية للمشاكل القائمة بين المركز والإقليم. وأكد الجبوري خلال استقباله، أمس، أعضاء مجلس النواب عن محافظة كركوك، على «أهمية الحوار في هذه المرحلة الراهنة للخروج بنتائج مرضية للجميع من خلال تحكيم الدستور في إيجاد حلول جذرية وواقعية لجميع المشاكل العالقة بين المركز والإقليم للحفاظ على وحدة البلد والابتعاد عن المزايدات السياسية».
وذكر بيان صادر عن مكتب الجبوري أن اللقاء ناقش موضوع الاستفتاء وإقالة محافظ كركوك نجم الدين كريم. واستعرض المجتمعون آخر التطورات السياسية والأمنية واستعدادات قوات الأمن لعملية تحرير قضاء الحويجة في كركوك من قبضة «داعش».
إلى ذلك، أصدر مجلس عشائر الأنبار أمس بياناً ناشد فيه أطراف أزمة الاستفتاء الحوار لحلها. وقال بيان ألقاه أحد شيوخ الأنبار، «تزامناً مع انطلاق عمليات تحرير المناطق الغربية من قبضة داعش، تتصاعد حدة التوتر بين المركز والإقليم، في وقت يجب أن تنصب الجهود على تحرير المتبقي من الأراضي العراقية». وطالب شيوخ العشائر أطراف الأزمة بـ«اللجوء إلى الحوار الجاد باعتباره الأساس لإعادة الثقة المفقودة بين الأطراف تمهيداً لنزع فتيل الأزمة».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.