رئيس الوزراء الجزائري يعلن الحرب على {رجال أعمال المصالح}

دافع عن سياسة بوتفليقة وقال إنه باقٍ في الحكم

TT

رئيس الوزراء الجزائري يعلن الحرب على {رجال أعمال المصالح}

ناشد رئيس وزراء الجزائر أحمد أويحيى «أبناء بلدي» السعي للخروج من اقتصاد الريع المفرط في التبعية للمحروقات، والانتقال إلى اقتصاد منتج للثروة». ودعاهم إلى «إعلان الحرب على تصرفات يبتغي أصحابها الربح السريع، على حساب المصلحة العامة وخارج القانون»، من دون أن يوضَح من يقصد لكن يفهم من كلامه أنه يستهدف رجال أعمال حققوا ثروات كبيرة في ظرف قصير، بفضل قروض المصارف الحكومية.
وكان أويحيى يتحدث أمس بالبرلمان، بمناسبة عرض «مخطط عمل الحكومة» الذي يفرضه الدستور على كل حكومة جديدة. وتسلم أويحيى مهامه في 15 من الشهر الماضي، خلفا لعبد المجيد تبَون الذي أبعده الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لأسباب لم يعلن عنها. وحاول أويحيى، أثناء شرح برنامج حكومته للبرلمانيين، أن يبدَد مخاوف نتجت إثر إعلانه الأسبوع الماضي بأنه سيلجأ إلى الاقتراض من البنك المركزي لمواجهة الأزمة المالية الحادة. وقال بهذا الخصوص: «إن الأموال التي ستقوم الخزينة العمومية باقتراضها لدى بنك الجزائر، في إطار التمويل الداخلي غير التقليدي، لن تكون مصدرا للتضخم، إذ ستستخدم حصريا لتمويل الاستثمار العمومي».
وردَ أويحيى على خبراء في الاقتصاد، حذَروا من طبع مزيد من الأوراق النقدية من دون مقابل إنتاج وهي خطوة لجأ إليها لمواجهة العجز المالي، فقال: «لقد تعالت أصوات محذَرة من انفجار معدَل التضخم في حال الاستعانة بالتمويل غير التقليدي للموازنة، غير أن الحكومة تحرص أمامكم اليوم على تفنيد هذه المزاعم وطمأنة المواطنين من خلال أمرين، الأولى تتمثل في أن الأموال التي ستقترضها الخزينة من بنك الجزائر، ليست موجهة لتمويل الاستهلاك وإنما لتمويل الاستثمار العمومي، وذلك لن يكون مصدرا للتضخم».
أما الأمر الآخر، فهو بحسب رئيس الوزراء، أن الخزينة تواجه حاليا دينا عموميا لا يتجاوز 20 في المائة، من الناتج الداخلي الخام «وبالتالي لديها هامش معقول من المديونية». وأضاف أويحيى مدافعا عن رؤيته لحل الأزمة المتولدة عن انخفاض أسعار النفط: «إن بلدان الاتحاد الأوروبي التي تملك قدرات مالية متينة، لديها دين عمومي يقترب من 70 في المائة من الناتج الداخلي الخام. وعلى أي حال فقد أمنت الجزائر استقلالها المالي ما أمكنها من مواصلة جهودها في البناء الوطني». وتابع بأن الحكومة تعتزم مرافقة التمويل غير التقليدي للموازنة، بالإصلاحات المطلوبة من أجل استعادة التوازنات المالية العمومية.
ورافع أويحيى لصالح سياسة الرئيس بوتفليقة في المجالين الاقتصادي والاجتماعي، فقال إن برنامجه «أفرز، منذ وصوله إلى الحكم، ثمارا لفائدة مواطنينا عبر كل أرجاء البلاد، وهو الذي صقل التلاحم الصلب الذي توحد الشعب من خلاله حول رئيسه المجاهد عبد العزيز بوتفليقة. وهذه الوحدة هي أحسن جواب لدعاة التغيير الذين يريدون أن تشيع الفوضى»، في إشارة إلى أحزاب معارضة تطالب بتغيير النظام، أسوة بما جرى في تونس. وتعهد أويحيى بأن تكون حكومته «في مستوى مسار النهضة الوطنية التي يقودها رئيس الجمهورية، منذ نحو عقدين من الزمن».
وأويحيى هو مدير الديوان بالرئاسة أيضا، وقاد الحكومة أربع مرات وأولها كان عام 1995، وينتظر أن يستمر في مهامه إلى 2019 السنة التي ستشهد انتخابات الرئاسة. وهاجم أويحيى بالبرلمان، بحدة معارضين يطالبون بإزاحة بوتفليقة عن الحكم بحجة أنه عاجز عن أداء مهامه بسبب المرض. وقال إن الرئيس «انتخبه الشعب لولاية كاملة وهو وحده من يختار حكامه ويسحب ثقته منهم متى شاء».
وأضاف بهذا الشأن «إن مخطط عمل الحكومة يعتبر مواصلة لمسار تنفيذ برنامج رئيس الجمهورية، الذي زكاه الشعب بالأغلبية وبكل سيادة بتاريخ 17 أبريل (نيسان) 2014، والذي يهدف إلى تعزيز استقرار البلاد وترسيخ ديمقراطية هادئة ومواصلة التنمية والنمو الاقتصاديين، وتثمين الرصيد البشري الوطني وكذا تدعيم التقدم الاجتماعي وتعزيز التضامن لدى المجتمع، بالإضافة إلى توثيق روابط الجزائر مع أبنائها في الخارج».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».