الحوثيون يربكون صالح وإعلامه بخياري الخطاب الموحد أو الصمت

وزير الإعلام اليمني لـ«الشرق الأوسط»: تصرفات المتمردين إقصائية حتى مع شركائهم

وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني
وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني
TT

الحوثيون يربكون صالح وإعلامه بخياري الخطاب الموحد أو الصمت

وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني
وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني

لم تقتصر نتائج التواصل الذي جرى بين عبد الملك الحوثي زعيم المتمردين الحوثيين وشريكه في الانقلاب علي عبد الله صالح، على أن يعتزل صالح حتى «التهاني والتعازي» وحسب؛ بل طال حتى الإعلاميين والناشطين المحسوبين على حزب المؤتمر الشعبي العام (جناح صالح).
وقال مسؤولون يمنيون ومراقبون، إن إعلاميي صالح خنقتهم إجراءات الحوثيين وأربكتهم، وكانت أولى إشارات الخناق البيان الموحد الذي نشر على قناة المتمردين «المسيرة» وموقع «المؤتمر.نت» الناطق باسم صالح، بعدما أجرى الانقلابيون اتصالا وصف بأنه محاولة لاحتواء الخلاف، مما أوقف إعلاميي المؤتمر أمام خيارين، توحيد الخطاب الحوثي أو الصمت للوقاية من الاعتقال أو الاغتيال.
وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني، يؤكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «تصرفات الحوثيين مع الإعلام بشكل عام تتسم بالإقصاء، وأن الجماعة الانقلابية لا تألو جهدا في إسكات أي صوت يخرج عن آيديولوجيتهم، وإن كان على حساب شركائهم في الانقلاب». وشدد الوزير اليمني على ضرورة الإفراج عن جميع المعتقلين لدى الانقلاب بشكل عام، وبشكل خاص المعتقلين الإعلاميين.
ويعدّ الإرياني يوم 21 سبتمبر (أيلول) 2014 الذي دخل فيه الحوثيون صنعاء «اليوم الأسود للصحافة اليمنية ولليمن بشكل عام، وحيث إن ذلك التاريخ هو آخر تاريخ لحرية الصحافة في المناطق التي سيطرت عليها الحوثية». وأكد محللان يمنيان لـ«الشرق الأوسط»، أن هناك «اتفاقا بين قيادتي الانقلاب على كبح جماح خطاب إعلاميي صالح، وخطابهم السياسي المناهض للحركة الحوثية، لكن يبدو أنه بعد تهديد الإعلاميين بأن يلتزموا بالخطاب، سيتم التعامل معهم كأعداء وطابور خامس».
ويرى نجيب غلاب، الباحث السياسي اليمني، أن العمليات بدأت تتسع. ويقول: «اعتقلوا بعض الصحافيين وهددوا آخرين. والصحافي نبيل الصوفي المقرب من صالح أعلن أنه لن يتحدث عن السياسة، وقال متهكما إنه سيتحدث عن الطبخ والأزياء حتى لا يتم اغتياله. كما أن كثيرا من ناشطي التواصل الاجتماعي والصحافيين اعتبروا الاستسلام غير صحي».
ويقول المحلل السياسي اليمني عبد الله إسماعيل، إن «استهداف الحوثيين وتضييقهم على الصحافيين المحسوبين على صالح بدأ منذ وقت مبكر، فالجماعة لا تقبل أي انتقاد أو تعريض بفسادها وإجرامها، وقد تعرض أكثر من صحافي للملاحقة والتشويه والتهديد ومحاولة الاغتيال»، متابعا: «الجديد يتمثل في الإجراءات التي تمت مؤخرا. يبدو أنها تتخذ بعدا متعلقا بشروط الحوثي للتهدئة مع صالح، وهي شروط ناتجة عن الأحداث الأخيرة التي أكدت تراجعا حقيقيا للمخلوع لصالح السيطرة الكلية لجماعة الحوثي، وفي اعتقادي أن ملاحقة الصحافيين والنشطاء المحسوبين على صالح ستزداد وتيرتها خلال الفترة المقبلة».
وفي قراءة أعمق للمشهد، يسهب غلاب في الحديث عن توجهات الحوثية مع الإعلام بالقول: «الحركة الحوثية حركة أصولية شمولية اعتمدت على بناء خطاب إعلامي داخل أقنية الإعلام التابعة لها بخطاب شامل موحد منطلق من آيديولوجيتهم، وتديره غرفة عمليات واحدة يشارك فيها (حزب الله)، وظل الإعلام الآخر لشريكها يمتلك قدرة على مواجهة السياسات الحوثية التي يعتبرونها خاطئة، ويمتلك خبرة في التعامل مع الخطاب الإعلامي بشكل ملتزم نوعا ما بالمهنية، كما أن الإعلام اليمني قبل الانقلاب كان يتمتع بسقف حرية مرتفع، ووجد هؤلاء الإعلاميون أنفسهم نتيجة الفساد المكثف وطغيان الحوثية بكل تلابيب القوة بمراكز السيطرة والتأثير، وجدوا أنفسهم أمام خيار مقاومة هذه السيطرة وهذا الفساد الشامل، وأيضا مقاومة هذه الآيديولوجية الأصولية التي ترتكز على مفهوم الولاية والمتناقضة جذريا مع طبيعة النظام السياسي، نتيجة اختلاف العقائد السياسية بين الحوثية والمؤتمر (جناح صالح)».
ويكمل الباحث السياسي اليمني قراءته بتقسيم اتجاهات إعلاميي المؤتمر إلى ثلاثة اتجاهات: «الأول، الاعتراض وكشف ملفات الفساد الذي تمارسه الحوثية بالذات من قبل اللجنة الثورية وأذرعها المختلفة. أما الاتجاه الثاني فمقاومة السيطرة والهيمنة التي فرضتها الحوثية ودفعت بشراكتها إلى مستوى (الشكلية)، بحيث أصبح المتحكم الفعلي صنعاء ومناطق سيطرة الانقلاب، وأصبح المؤتمر كأنه يشرعن لتغلغل الفساد والسيطرة من خلال الشراكة الشكلية. أما الثالث فيتمحور حول البعد السياسي في الجانب العقائدي، فالحوثية كما ذكرنا أصولية بنزعة خمينية، وتعتمد على مفهوم الولاية في تأسيس النظام السياسي، والشريك الآخر يعتمد على مفاهيم النظام الجمهوري الذي أسسته ثورة 26 سبتمبر، وهذا الوضع أوجد صراعا وتقاطعات بين شريكي الانقلاب، وأصبحت الحوثية مرعوبة من الخطاب السياسي والإعلامي لشريكهم، وهو الخطاب الذي ظهر أنه مؤثر شعبيا بمناطق الانقلاب».
وبدأت الحوثية حديثا باختلاق الكثير من المشكلات - والحديث لغلاب - وأن لديها قناعة كاملة بأن من ينتج هذا الخطاب هم ساسة وقيادات المؤتمر (جناح صالح)، وهذا دفعهم إلى ممارسة ضغوط كبيرة جدا إلى الحد الذي أجبروا فيه صالح على إعلان إقامة شبه جبرية، وأصبح غير قادر لا على التحرك ولا حتى التهاني والتعازي التي أوكلها إلى الأمين العام المساعد للحزب عارف الزوكا، بعدها اتخذت الحوثية قرارا حازما أجبرت فيه قيادات صالح بمن يلزم وسائل إعلام صالح وهي ضعيفة مقارنة بالإعلام الحوثي بإعادة صياغة الخطاب. ليس ذلك وحسب، بل حتى إلزام خطاب موحد لناشطي شبكات التواصل الاجتماعي.


مقالات ذات صلة

93 يمنياً في الحديدة ضحايا ألغام الحوثيين خلال عام

العالم العربي عضو في فريق يمني لمكافحة الألغام خلال حملة توعوية بمحافظة الحديدة (أ.ف.ب)

93 يمنياً في الحديدة ضحايا ألغام الحوثيين خلال عام

كشفت بعثة الأمم المتحدة لتنفيذ اتفاق ستوكهولم الخاص بالحديدة ومنظمتان حقوقيتان في مأرب عن سقوط أكثر من 150 ضحية للألغام خلال العامين الماضيين.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي  فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

بينما تفرج الجماعة الحوثية عن عدد من المختطفين في سجونها، تختطف مئات آخرين بتهمة التخابر وتبث اعترافات مزعومة لخلية تجسسية.

وضاح الجليل (عدن)
خاص الرئيس اليمني رشاد العليمي خلال استقبال سابق للسفيرة عبدة شريف (سبأ)

خاص سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

تكشف السفيرة البريطانية لدى اليمن، عبدة شريف، عن تحضيرات لعقد «مؤتمر دولي في نيويورك مطلع العام الحالي لحشد الدعم سياسياً واقتصادياً للحكومة اليمنية ومؤسساتها».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

أظهرت بيانات حديثة، وزَّعتها الأمم المتحدة، تراجعَ مستوى دخل الأسر في اليمن خلال الشهر الأخير مقارنة بسابقه، لكنه كان أكثر شدة في مناطق سيطرة الحوثيين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

ضاعفت الجماعة الحوثية من استهدافها الأكاديميين اليمنيين، وإخضاعهم لأنشطتها التعبوية، في حين تكشف تقارير عن انتهاكات خطيرة طالتهم وأجبرتهم على طلب الهجرة.

وضاح الجليل (عدن)

مصر: «حماس» ستطلق سراح 33 محتجزاً مقابل 1890 فلسطينياً في المرحلة الأولى للاتفاق

طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

مصر: «حماس» ستطلق سراح 33 محتجزاً مقابل 1890 فلسطينياً في المرحلة الأولى للاتفاق

طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

أعلنت وزارة الخارجية المصرية، السبت، أن المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة ستشهد إطلاق حركة «حماس» سراح 33 محتجزاً إسرائيلياً مقابل 1890 فلسطينياً.

وعبرت الوزارة، في بيان، عن أملها في أن يكون الاتفاق البداية لمسار يتطلب تكاتف الجهود الإقليمية والدولية لتخفيف معاناة الشعب الفلسطيني.

ودعت مصر المجتمع الدولي، خاصة الولايات المتحدة، لدعم وتثبيت الاتفاق والوقف الدائم لإطلاق النار، كما حثت المجتمع الدولي على تقديم كافة المساعدات الإنسانية للشعب الفلسطيني، ووضع خطة عاجلة لإعادة إعمار غزة.

وشدد البيان على «أهمية الإسراع بوضع خارطة طريق لإعادة بناء الثقة بين الجانبين، تمهيداً لعودتهما لطاولة المفاوضات، وتسوية القضية الفلسطينية، في إطار حل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من يونيو (حزيران) 1967 وعاصمتها القدس».

وأشارت الخارجية المصرية إلى التزامها بالتنسيق مع الشركاء: قطر والولايات المتحدة، للعمل على التنفيذ الكامل لبنود اتفاق وقف إطلاق النار من خلال غرفة العمليات المشتركة، ومقرها مصر؛ لمتابعة تبادل المحتجزين والأسرى، ودخول المساعدات الإنسانية وحركة الأفراد بعد استئناف العمل في معبر رفح.

وكانت قطر التي أدت مع مصر والولايات المتحدة وساطة في التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار، أعلنت أن 33 رهينة محتجزين في غزة سيتم الإفراج عنهم في إطار المرحلة الأولى من الاتفاق.

وكانت وزارة العدل الإسرائيلية أعلنت أن 737 معتقلا فلسطينيا سيُطلق سراحهم، إنما ليس قبل الساعة 14,00 ت غ من يوم الأحد.

ووقف إطلاق النار المفترض أن يبدأ سريانه الأحد هو الثاني فقط خلال 15 شهرا من الحرب في قطاع غزة. وقُتل أكثر من 46899 فلسطينيا، معظمهم مدنيون من النساء والأطفال، في الحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة، وفق بيانات صادرة عن وزارة الصحة التي تديرها حماس وتعتبرها الأمم المتحدة موثوقا بها.

وأعربت الخارجية المصرية في البيان عن «شكرها لدولة قطر على تعاونها المثمر»، كما ثمّنت «الدور المحوري الذي لعبته الإدارة الأميركية الجديدة بقيادة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب لإنهاء الأزمة إلى جانب الرئيس الأميركي جو بايدن».