الجزائر: عودة الجدل بشأن نفوذ جنرالات الجيش في فرض الرؤساء

الموالون لبوتفليقة يواجهون تحديين كبيرين... وحديث عن «ولاية خامسة»

الجزائر العاصمة. («الشرق الأوسط»)
الجزائر العاصمة. («الشرق الأوسط»)
TT

الجزائر: عودة الجدل بشأن نفوذ جنرالات الجيش في فرض الرؤساء

الجزائر العاصمة. («الشرق الأوسط»)
الجزائر العاصمة. («الشرق الأوسط»)

عاد الجدل في الجزائر حول نفوذ جنرالات الجيش في فرض الرؤساء، بعد تصريحات أطلقها وزير التجارة السابق نور الدين بوكروح، الذي دعا العسكريين إلى «تحمل مسؤولياتهم التاريخية»، بخصوص رفض الرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة، التنحي عن الحكم.
وفي رد على ما يبدو على هذه التصريحات، قال الوزير الجزائري السابق عمر غول، وهو رئيس حزب شديد الولاء للرئيس بوتفليقة، إن «التغيير لا يمكن أن يأتي عن طريق الدبابة». ويطرح هذا الموضوع، من جديد، دور المؤسسة العسكرية في فرض خيارات مسؤوليها في مجال الحكم خارج الأطر الديمقراطية. وذكر غول لصحافيين بالعاصمة أمس، أن «من يطلب إقحام الجيش لإدارة شؤون الحكم، مهرج سياسي»، في إشارة إلى بوكروح لكن من دون ذكره بالاسم. وقال أيضا: «من يريد أن يصل إلى السلطة على ظهر دبابة وعن طريق الانقلاب فهو واهم». وأضاف: «مؤسسات البلاد شرعية، والرئيس بوتفليقة هو من يسير البلاد، على عكس مزاعم البعض ولن نقبل زرع الشكوك في أجهزة الدولة. صحيح أن الرئيس مريض، ولكنه يدير شؤون الدولة بصفة عادية». ويكتب بوكروح يوميا عن أوضاع الحكم، بالمنصات الاجتماعية الرقمية، ما سبب صداعا لما يسمى «جماعة الرئيس» التي دعت إلى متابعته قضائيا.
وأفاد غول بأن الحزب الذي يرأسه «تجمع أمل الجزائر»، لا يرى مانعا من ترشح بوتفليقة لولاية خامسة، بمناسبة الانتخابات الرئاسية التي ستجري في 2019، رغم انسحابه شبه الكامل من المشهد خلال ولايته الرابعة (2014 - 2019). يشار إلى أن غول كان قياديا في الحزب الإسلامي «حركة مجتمع السلم»، وقد غادره في 2012 عندما قررت قيادته سحب دعمها للرئيس على خلفية أحداث «الربيع العربي».
وعرفت الجزائر انقلابا عسكريا عام 1965، عندما خلع وزير الدفاع آنذاك العقيد هواري بومدين الرئيس المنتخب أحمد بن بلة، وأدخله السجن. وفي 1992 ألغى وزير الدفاع اللواء خالد نزار، نتائج انتخابات البرلمان على أثر اكتساحها من طرف «الجبهة الإسلامية للإنقاذ»، وأرغم الرئيس الشاذلي بن جديد على الاستقالة. ودخلت البلاد بعدها في دوامة من العنف، لا تزال تعيش تداعياتها إلى اليوم.
وتلقت مؤسسة الجيش باستياء بالغ كلام بوكروح، بخصوص الشأن السياسي ومستقبل بوتفليقة في السلطة. ففي افتتاحية مجلة «الجيش» (لسان حال وزارة الدفاع) لشهر سبتمبر (أيلول) الحالي، جاء بأن «الجيش الوطني الشعبي، سليل جيش التحرير، جيش جمهوري يحترم اختيار الشعب». ووصف كاتب الافتتاحية بوكروح بـ«قلم مرتزق». ورد بوكروح بصفحته بـ«فيسبوك»، بأنه لم يدع إلى الانقلاب «وإنما طالبت جنرالات الجيش الذين أتوا ببوتفليقة إلى الحكم عام 1999، بتحمل مسؤولياتهم اليوم بأن يقنعوه بمغادرة السلطة، لأنه لم يعد قادرا على ممارسة وظيفته كرئيس، ولأن عجزه بدنيا تسبب في تعطيل مؤسسات الدولة». يشار إلى أن بوكروح تولى ثلاث حقائب وزارية في السنوات الأولى لحكم بوتفليقة، ويعيب عليه خصومه أنه كان في فترة سابقة جزءا من النظام الذي ينتقده اليوم.
ويواجه نظام الحكم والموالون لبوتفليقة وعلى رأسهم رئيس الوزراء أحمد أويحي، تحديين كبيرين حاليا يتمثل أولهما في بذل جهود مضنية لإقناع الجزائريين وشركاء الجزائر من الدول الأجنبية، بأن مؤسسات الدولة «تسير بصفة عادية». وعلى هذا الصعيد يجد المسؤولون صعوبة في أداء هذه المهمة، لأن الرئيس لم يسمع له صوت منذ أكثر من 4 سنوات. وقد جاءت زيارة رئيس فنزويلا نيكولا مادورو إلى البلاد الأحد الماضي، لتزيد هذه المهمة تعقيدا. فقد تم إلغاء محادثات بينه وبين بوتفليقة بسبب تدهور صحة الأخير.
أما التحدي الثاني فهو اقتصادي، يتعلق بمدى نجاعة إجراءات عاجلة اتخذت لمواجهة شح الموارد المالية بسبب انخفاض أسعار النفط. فقد قررت الحكومة إقحام البنك المركزي في تمويل خزينة الدولة عن طريق طبع مزيد من النقود. وحذر خبراء الاقتصاد والمالية من هذه الخطوة، التي ستفرز حسبهم تضخما كبيرا وارتفاعا فاحشا في أسعار كل المنتجات، وبالتالي إضعاف القدرة الشرائية لملايين المواطنين. ويقولون إن الحكومة تبحث عن حلول ظرفية لمشكلة عميقة، يتمثل في تبعية الاقتصاد لريع المحروقات.



تأكيد عربي على دعم «عملية انتقالية جامعة» في سوريا

المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
TT

تأكيد عربي على دعم «عملية انتقالية جامعة» في سوريا

المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)

أصدرت الدول العربية المجتمعة في مدينة في الأردن، اليوم السبت، بيانها الختامي الذي أكدت فيه دعمها لعملية انتقالية سلمية سياسية سورية - سورية جامعة، تتمثل فيها كل القوى السياسية والاجتماعية السورية.

وقال البيان بعد اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا التي تضم: الأردن، والسعودية، والعراق، ولبنان، ومصر، وأمين عام جامعة الدول العربية، وبحضور وزراء خارجية الإمارات، ومملكة البحرين، الرئيس الحالي للقمة العربية، ودولة قطر، وذلك ضمن اجتماعات العقبة حول سوريا: «أكد المجتمعون الوقوف إلى جانب الشعب السوري الشقيق، وتقديم كل العون والإسناد له في هذه المرحلة الدقيقة، واحترام إرادته وخياراته».

وأضاف: «ندعم عملية انتقالية سلمية سياسية سورية - سورية جامعة، تتمثل فيها كل القوى السياسية والاجتماعية السورية، وبمن فيها المرأة والشباب والمجتمع المدني بعدالة، وترعاها الأمم المتحدة والجامعة العربية، ووفق مبادئ قرار مجلس الأمن رقم 2254 وأهدافه وآلياته».

كما دعا البيان إلى «تشكيل هيئة حكم انتقالية جامعة بتوافق سوري، والبدء بتنفيذ الخطوات التي حددها القرار للانتقال من المرحلة الانتقالية إلى نظام سياسي جديد، يلبي طموحات الشعب السوري بكل مكوناته، عبر انتخابات حرة ونزيهة، تشرف عليها الأمم المتحدة، استناداً إلى دستور جديد يُقره السوريون، وضمن تواقيت محددة وفق الآليات التي اعتمدها القرار».

وأكد البيان على «دعم دور المبعوث الأممي إلى سوريا، والطلب من الأمين العام للأمم المتحدة تزويده بكل الإمكانات اللازمة، وبدء العمل على إنشاء بعثة أممية لمساعدة سوريا؛ لدعم العملية الانتقالية في سوريا ورعايتها، ومساعدة الشعب السوري الشقيق في إنجاز عملية سياسية يقودها السوريون وفق القرار 2254».

وشدد على أن «هذه المرحلة الدقيقة تستوجب حواراً وطنياً شاملاً، وتكاتف الشعب السوري بكل مكوناته وأطيافه وقواه السياسية والاجتماعية؛ لبناء سوريا الحرة الآمنة المستقرة الموحدة التي يستحقها الشعب السوري بعد سنوات طويلة من المعاناة والتضحيات».

إلى ذلك طالب البيان بـ«ضرورة الوقف الفوري لجميع العمليات العسكرية»، وأكد «ضرورة احترام حقوق الشعب السوري بكل مكوناته، ومن دون أي تمييز على أساس العرق أو المذهب أو الدين، وضمان العدالة والمساواة لجميع المواطنين».

ودعا إلى «ضرورة الحفاظ على مؤسسات الدولة السورية، وتعزيز قدرتها على القيام بأدوارها في خدمة الشعب السوري، وحماية سوريا من الانزلاق نحو الفوضى، والعمل الفوري على تمكين جهاز شرطي لحماية المواطنين وممتلكاتهم ومقدرات الدولة السورية».

وحث على «الالتزام بتعزيز جهود مكافحة الإرهاب والتعاون في محاربته، في ضوء أنه يشكل خطراً على سوريا وعلى أمن المنطقة والعالم، ويشكل دحره أولوية جامعة».

أيضاً، أكد البيان «التضامن المطلق مع الجمهورية العربية السورية الشقيقة في حماية وحدتها وسلامتها الإقليمية وسيادتها وأمنها واستقرارها وسلامة مواطنيها. وتوفير الدعم الإنساني الذي يحتاج إليه الشعب السوري، بما في ذلك من خلال التعاون مع منظمات الأمم المتحدة المعنية».

وتطرق إلى العمل على «تهيئة الظروف الأمنية والحياتية والسياسية للعودة الطوعية للاجئين السوريين إلى وطنهم، وتقديم كل العون اللازم لذلك، وبالتعاون مع منظمات الأمم المتحدة المعنية».

كذلك، أدان البيان توغل إسرائيل داخل المنطقة العازلة مع سوريا وسلسلة المواقع المجاورة لها في جبل الشيخ ومحافظتي القنيطرة وريف دمشق، ورفضه احتلالاً غاشماً وخرقاً للقانون الدولي ولاتفاق فك الاشتباك المبرم بين سوريا وإسرائيل في عام 1974، مطالباً بانسحاب القوات الإسرائيلية.

كما أدان الغارات الإسرائيلية على المناطق والمنشآت الأخرى في سوريا، وأكد أن هضبة الجولان أرض سورية عربية محتلة يجب إنهاء احتلالها، مطالباً مجلس الأمن باتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف هذه الاختراقات.

وأوضح أن التعامل مع الواقع الجديد في سوريا سيرتكز على مدى انسجامه مع المبادئ والمرتكزات أعلاه، وبما يضمن تحقيق الهدف المشترك في تلبية حقوق الشعب السوري وتطلعاته.