موجة رفض ضد استفتاء كردستان... و3 خيارات أميركية

العبادي دعا الكرد إلى حوار في بغداد

TT

موجة رفض ضد استفتاء كردستان... و3 خيارات أميركية

تواصلت ردود الفعل العربية العراقية الرافضة للاستفتاء المزمع إجراؤه في إقليم كردستان في 25 سبتمبر (أيلول) الحالي، حيث جدد رئيس الوزراء حيدر العبادي، أمس، أثناء زيارته محافظة ذي قار (300 كيلومتر شرق بغداد)، تأكيده على وحدة البلد، وتمسكه بموقفه المعلن بشأن «عدم دستورية» الاستفتاء.
وكان العبادي، قد دعا أول من أمس القيادة الكردية إلى «المجيء إلى بغداد لفتح الحوار». واعتبر في مؤتمره الصحافي الأسبوعي، أن «إجراء الاستفتاء سيُعرض العراق والمنطقة للخطر، ولا يمكن أن يتخذ أي إجراء من طرف واحد».
وتهيمن قضية الاستفتاء الكردي هذه الأيام على الفضاء العام في بغداد، وهناك حديث متواصل عن «مفاوضات اللحظة الأخيرة» لإقناع القيادات الكردية بإلغاء أو تأجيل الاستفتاء. وتشير مصادر كردية متطابقة إلى لقاءات عقدها مسؤولون أميركان مع أحزاب وقيادات كردية، خلال اليومين الأخيرين، إلى جانب لقاءات أجراها رئيس «الحرس الثوري» الإيراني قاسم سليماني مع قيادات كردية.
وفي هذا السياق، أشارت رئيسة كتلة «الاتحاد الوطني» النيابية، آلا طالباني، في تصريحات لقناة «الشرقية» التلفزيونية، أكدت فحواها لـ«الشرق الأوسط» مصادر كردية، إلى أن السفير الأميركي في العراق دوغلاس سيليمان قال للكرد في آخر لقاء عقده معهم قبل بضعة أيام: «إنكم أمام ثلاثة خيارات بشأن عملية الاستفتاء: الأول عدم إجراء الاستفتاء وعدم تحديد موعد آخر، وفي هذه الحالة يستمر الدعم الأميركي للكرد، والثاني إجراء الاستفتاء داخل أراضي الإقليم فقط، وستحصلون على سكوت أميركي، والثالث، وهو أخطرها، إجراء الاستفتاء داخل الإقليم وخارجه، وفي هذه الحال يتحمل الكرد وحدهم مسؤولية ذلك، ولا يحصلون على أي دعم أميركي، حتى لو تدخلت بغداد أو إيران عسكرياً».
وفي سياق متصل بشأن الاستفتاء، أعلنت ثلاث كتل سياسية رفضها له، كذلك أعلن مجلسا محافظتي صلاح الدين وديالى، المحاذيتين لإقليم كردستان رفضهما لإجراء الاستفتاء الكردي ضمن حدودهما.
وجدد «تيار الحكمة الوطني» برئاسة عمار الحكيم، أمس، رفضه للاستفتاء، ودعا قادة الإقليم إلى طاولة الحوار. وقال التيار في بيان، إن المكتب السياسي لـ«تيار الحكمة الوطني» عقد اجتماعاً، و«ناقش بشكل مستفيض الأوضاع السياسية على الساحة العراقية؛ لا سيما قضية استفتاء كردستان، واعتبر ذلك تهديداً لوحدة العراق، ولا يمكن الموافقة عليه بأي شكل من الأشكال»، مضيفا أن «المجتمعين جددوا رفضهم لإجراء الاستفتاء المزمع عقده الشهر الحالي من قبل إقليم كردستان العراق، بهدف الاستقلال عن العراق».
كما عقدت الهيئة القيادية للمجلس الأعلى الإسلامي العراقي، أمس، اجتماعا مماثلا حول ما اعتبرته «تطورات خطيرة» في كردستان، ورفض المجتمعون «رفضا قاطعا مشروع الاستفتاء وسياسة فرض الأمر الواقع بالقوة». وعبر البيان عن «اهتمام وقلق من التطورات الخطيرة الأخيرة في ملف الاستفتاء على الانفصال لإقليم كردستان العراق، والتحركات العسكرية الأخيرة باتجاه محافظة كركوك العراقية التي أقدم عليها رئيس الإقليم»؛ في إشارة إلى زيارة رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني، أول من أمس، إلى محافظة كركوك. ودعا البيان «أبناء شعبنا إلى إعلان مواقفهم الرافضة لتقسيم العراق بالوسائل السلمية»، كما دعا الرئاسات الثلاث إلى «التحرك الجاد والعاجل لإعلان موقفها الواضح». كذلك دعا البيان، رئيس الوزراء حيدر العبادي إلى «التحرك ضمن مسؤولياته الدستورية لمنع أي مقدمات تؤدي إلى تقسيم العراق».
ورفضت كتلة «الوركاء»، المسيحية، إجراء الاستفتاء في مناطق سهل نينوى، معتبرة أن «الاستفتاء في المناطق المتنازع عليها غير صحيح، والاستفتاء بشكله المطروح حاليا غير دستوري أو قانوني».
إلى ذلك، صوت مجلس محافظة صلاح الدين، أمس، على رفض إجراء استفتاء كردستان داخل حدود المحافظة. وقال المجلس في بيان، إن المجلس «صوت بالإجماع على رفض إجراء استفتاء كردستان داخل الحدود الإدارية للمحافظة (صلاح الدين)»، لكنه أكد «حق الكرد في تقرير المصير وفق الأطر الدستورية».
وكان مجلس محافظة ديالى قرر هو أيضا، أول من أمس، رفض إقامة استفتاء كردستان ضمن حدود المحافظة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».