المعارضة التونسية تدعو إلى إعادة تشكيل المشهد السياسي

مظاهرات أمام البرلمان للاحتجاج على قانون المصالحة مع رموز بن علي

TT

المعارضة التونسية تدعو إلى إعادة تشكيل المشهد السياسي

دعت 5 أحزاب سياسية تونسية، معظمها من المعارضة، إلى تشكيل «جبهة جمهورية واسعة»، هدفها خلق أغلبية برلمانية بعيدا عن هيمنة «حزب النداء» و«حركة النهضة»، ومن ثم إعادة تشكيل المشهد السياسي برمته.
وكان الرئيس الباجي قائد السبسي قد أكد في آخر تصريح إعلامي له على ضعف التوافق مع «حركة النهضة»، واعترف بأن التحالف معها كان خطأ في التقييم، موضحا أنها لم تصبح حركة مدنية بالكامل، وهي إشارة التقطها عدد من الأحزاب الموجودة خارج التحالف القوي بين «النداء» و«النهضة» للحديث عن إحداث إطار جديد يجمع القوى المدنية الحداثية، يتم من خلاله تجاوز هذا التوافق السياسي، ويعيد تشكيل المشهد السياسي، بعد أن تسبب التحالف الثنائي في تجميد المشهد السياسي وعرقلة تطوره.
ووفق مراقبين للوضع السياسي للبلاد، فإن هذه الدعوة تأتي في وقت أكدت فيه عدة تجارب الفشل المتواصل لبعض الأحزاب السياسية في طرح برامج قوية، وذلك بسبب محاولاتها الجمع بين رؤى ومرجعيات فكرية وسياسية مختلفة، ومحاولة تحقيق الحسابات الحزبية الضيقة والبحث عن الزعامة.
ودعا محسن مرزوق، رئيس «حركة مشروع تونس» المنشقة عن «حزب النداء»، (كان مرزوق أمينا عاما لهذا الحزب)، إلى إحداث هذه الجبهة السياسية التي وصفها بـ«الجمهورية»، داعيا إلى إقصاء «حركة النهضة» من تشكيلتها، وقال إنها أضحت ضرورة يقتضيها وضع الساحة السياسية التي تعرف، حسب رأيه، اختلالات سواء على مستوى الأحزاب، أو على مستوى البرلمان، وذلك بسبب التوافق «المغشوش» بين حركتي «النهضة» و«نداء تونس»، على حد تعبيره.
وفشلت بعض تجارب التحالف السياسي في تونس خلال السنوات الماضية، على غرار «الاتحاد من أجل تونس» و«جبهة الإنقاذ والتقدم»، باعتبار أنها كانت تحالفات ظرفية ومبنية على مصالح ذاتية لا غير. كما تمكن حزب «حركة مشروع تونس» خلال الفترة الماضية من جمع 8 أحزاب سياسية، وأقنعها بإصدار موقف موحد يدعو إلى تأجيل موعد الانتخابات البلدية المقررة في 17 ديسمبر (كانون الأول) المقبل إلى شهر مارس (آذار) 2018. وقد أظهرت ردود الفعل التي لاقتها بأنها قادرة على أن تشكل قوة ضغط وتعديل، وهو ما شجعها على اتخاذ خطوة إضافية، وذلك من خلال الدعوة إلى إحداث جبهة جمهورية واسعة تهدف إلى محاصرة «حركة النهضة» خلال المحطات الانتخابية المقبلة وكسر تحالفها مع «حزب النداء».
وفي سياق متصل، ذكرت مصادر على صلة بالهيئة العليا المستقلة للانتخابات، أن خلافا حادا بين «حزب النداء» و«حركة النهضة» حول الشخصية المرشحة لرئاسة الهيئة خلفا لشفيق صرصار المستقيل، يقف وراء تأجيل الجلسة البرلمانية المخصصة لسد الشغور داخل هيئة الانتخابات، وأكدت أن كتلة «حركة النهضة» في البرلمان تدعم نبيل بافون عضو الهيئة، بينما تدعم كتلة «حزب النداء» وبقية الكتل البرلمانية أنور بن حسن، الذي يشغل حاليا منصب رئيس للهيئة بالنيابة، وهو ما أدى إلى تأجيل الجلسة البرلمانية في انتظار التوافق بين الحليفين السياسيين الأساسيين في تونس.
من جهة ثانية، شهدت أشغال الجلسة البرلمانية العامة المخصّصة للنظر في مشروع قانون المصالحة توترا وتشنجا، خصوصا من أحزاب المعارضة الرافضة لقانون المصالحة مع رموز النظام السابق، وذلك على خلفية ما عدّوه تغييرا لجدول أعمال الدورة البرلمانية الاستثنائية والتغافل عن الإسراع في سد الشغور في الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، والمسارعة لعرض قانون المصالحة المثير للجدل.
وتجمع مئات المتظاهرين أمس للمشاركة في حملة «لن أسامح» أمام مقر البرلمان للاحتجاج على القانون والمطالبة بسحبه، وهددوا بمواصلة الاحتجاج حتى في حال تمريره وحصوله على أغلبية الأصوات في البرلمان.
وفي هذا الشأن، قال غازي الشواشي، القيادي في حزب التيار الديمقراطي المعارض، إن البرلمان «مطالب بانتظار رد المجلس الأعلى للقضاء على الاستشارة المتعلقة بمشروع قانون المصالحة، وما دامت تلك الاستشارة لم ترد للتعرف على رأي القانون بشأن المصالحة، فإن عقد الجلسة البرلمانية يصبح غير ذي جدوى».
من جهتها، دعت منية إبراهيم، النائبة البرلمانية عن «حركة النهضة»، إلى ضرورة الحسم في تركيبة الهيئة العليا المستقلة للانتخابات وسد الشغور الحاصل إثر استقالة 3 من أعضائها، وعدّت أنه من العيب أن يتم النظر في مشروع قانون المصالحة مع رموز النظام السابق في محاولة للإفلات من العقاب، قبل النظر في سد الشغور على مستوى الهيئة العليا المستقلة للانتخابات.
وكان قانون المصالحة المالية والاقتصادية الذي اقترحه الرئيس الباجي قائد السبسي في شهر يوليو (تموز) 2015 على البرلمان قد واجه معارضة قوية من أحزاب محسوبة على المعارضة ومنظمات من المجتمع المدني، وأدت هذه الاحتجاجات إلى إدخال تعديلات على القانون، تم بمقتضاها إبعاد رجال الأعمال والمتورطين، وأصبح يحمل اسم «قانون المصالحة مع الموظفين»، أو «قانون المصالحة الإدارية» وهو يشمل نحو 1500 موظف ممن تورطوا في قضايا مالية.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.