المؤبد للمتهم الرئيسي في قضية «الرشوة الكبرى» بمصر

جلسات المحاكمة استمرت أكثر من أربعة أشهر

TT

المؤبد للمتهم الرئيسي في قضية «الرشوة الكبرى» بمصر

أسدلت محكمة مصرية الستار على القضية المعروفة إعلاميا بـ«الرشوة الكبرى» بمجلس الدولة، حيث قضت محكمة جنايات القاهرة أمس بالسجن المؤبد على المتهم جمال اللبان، مدير إدارة المشتريات بالمجلس، ومصادرة مليون ومائتي ألف جنيه من أمواله، وتغريمه مليوني جنيه، وعزله من منصبه. كما قضت برفض الدعوى المدنية المقامة من ورثة المستشار وائل شلبي، أمين عام مجلس الدولة السابق ضد المتهم الأول، وإعفاء باقي المتهمين من العقوبة في اتهامهم بتقاضي رشوة مقابل الإخلال بمهام واجباتهم، وتسهيل أعمال إحدى الشركات.
وتتعلق القضية باتهام مسؤولين كبار في مجلس الدولة بمصر، الذي يضم محاكم القضاء الإداري، بتلقي رشاً ضخمة عبر استغلال نفوذهم، علما بأن مجلس الدولة هو الجهة القضائية المعنية بالفصل في المنازعات بين مؤسسات الدولة والمواطنين.
وأحال النائب العام المصري نبيل صادق في فبراير (شباط) الماضي المتهمين في القضية، وهم المتهم الرئيسي اللبان، وأمين عام مجلس الدولة السابق، وثلاثة متهمين آخرين، إلى محكمة الجنايات. واستمرت جلسات المحاكمة قرابة 5 أشهر، إذ نُظرت القضية في 5 جلسات، بدأت أولاها في شهر أبريل (نيسان) الماضي، وتم حجزها للحكم في يونيو (حزيران) الماضي، وحضر المتهمون جميع الجلسات وسط حراسة أمنية مشددة.
وكانت محكمة جنايات القاهرة في مصر قد قررت في يناير (كانون الثاني) الماضي التحفظ على أموال وكل ممتلكات جميع متهمي قضية «الرشوة الكبرى»، كما شمل القرار زوجات المتهمين وأبناءهم، وذلك في ضوء الطلب المقدم بهذا الشأن من النائب العام.
وأعلنت الرقابة الإدارية القبض على اللبان في يناير الماضي وبحوزته مبالغ مالية ضخمة، قدرت بنحو 24 مليون جنيه، وأربعة ملايين دولار، ومليوني يورو، ونحو مليون ريال سعودي، وكمية كبيرة من المشغولات الذهبية والهدايا الأخرى. وقالت التحريات إنه «حصل عليها عن طريق الرشوة والتربح واستغلال النفوذ. وخلال التحقيقات أفصح اللبان عن شركائه ومن بينهم المستشار شلبي».
وألقي القبض على شلبي عقب قبول استقالته لاتهامه في القضية، ووجهت النيابة إليه تهمة تلقي رشوة. وفي اليوم التالي عثر عليه متوفى داخل محبسه، وصدر التقرير الطبي الخاص بالمستشار المستقيل وكشف عن أن الوفاة انتحارية.
وقال أمر الإحالة الذي أعلنته محكمة جنايات القاهرة المنعقدة في التجمع الخامس (شرق القاهرة) أمس، إن «المتهم الأول مدير الإدارة العامة للتوريدات بمجلس الدولة، قام بصفته موظفا عموميا بتقاضي عطايا تمثلت في مبالغ مالية وفوائد غير مادية على سبيل الرشوة، مقابل أداء عمل من أعمال وظيفته والإخلال بواجباتها، وارتكابه تزويرا في محررات رسمية، وهي القضية المعروفة إعلاميا بـ(الرشوة الكبرى)».
وأضاف أمر الإحالة أن المتهم مدير الإدارة العامة للتوريدات بمجلس الدولة، والمُتوفى أمين عام مجلس الدولة السابق طلبا مبلغ 800 ألف جنيه على سبيل الرشوة من مالك مؤسسة «الخلود» للأثاث المكتبي وزوجته، وأخذهما مبلغ 732 ألف جنيه بوساطة آخر، مشيرا إلى أن المتهم الأول قام بتزوير محضر أثبت فيه - على خلاف الحقيقة - قيام لجنة الفحص بتسلم أثاث مورد من مؤسسة الخلود للأثاث المكتبي إلى مجلس الدولة بموجب المناقصة المشار إليها، وتوقيعه بخط يده بأسماء أعضاء اللجنة، وتزوير إذن إضافة ذلك الأثاث إلى المخازن، دون أن يتم توريده فعليا إلى تلك المخازن.
ومن أبرز الاتهامات الموجهة إلى الحكومات المصرية المتعاقبة انتشار الفساد داخل أجهزة الدولة. وقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، تعقيبا على قضية مجلس الدولة حينها، إن «بلاده جادة في محاربة الفساد»، مثنيا على جهود الأجهزة الرقابية في هذا الشأن، وأبدى استعداده لمحاسبته شخصيا بقوله: «أنا على استعداد للمحاسبة... ولا أحد فوق الحساب... من أول رئيس الجمهورية وحتى أصغر موظف».
يشار إلى أن النائب العام سبق أن أصدر قرارا بحظر النشر في القضية في جميع وسائل الإعلام المسموعة والمرئية، وكذلك في الصحف والمجلات القومية والحزبية، اليومية والأسبوعية المحلية والأجنبية، وغيرها من النشرات أيا كانت، وكذلك المواقع الإلكترونية، لحين انتهاء التحقيقات فيها، عدا البيانات التي تصدر من مكتب النائب العام بشأنها.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.