قتلى في دير الزور بغارات التحالف وروسيا

«عاصفة الجزيرة» تقترب من مخزن الغاز

دمار وسط دير الزور (رويترز)
دمار وسط دير الزور (رويترز)
TT

قتلى في دير الزور بغارات التحالف وروسيا

دمار وسط دير الزور (رويترز)
دمار وسط دير الزور (رويترز)

احتدم القتال بين «قوات سوريا الديمقراطية» بقيادة «مجلس دير الزور العسكري» بدعم من القوات الخاصة الأميركية من جهة، وبين تنظيم داعش من جهة أخرى في الريف الغربي لدير الزور، ضمن عملية «عاصفة الجزيرة»، حيث حققت الأولى تقدماً استراتيجياً بسيطرتها على الجزء الأكبر من الريف الغربي لدير الزور، واقترابها من أكبر حقول الغاز في سوريا، في حين أدى القصف الجوي الذي نفذته طائرات التحالف الدولي والطائرات الروسية، إلى سقوط عشرات القتلى في مدينة دير الزور وريفها.
وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن القتال العنيف استمر لليوم الرابع على التوالي بين «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة من القوات الأميركية، وعناصر «داعش» من جهة أخرى، وتركزت الاشتباكات في شرق نهر الفرات بريف دير الزور الشمالي والشمالي الغربي. ونقل «المرصد» عن مصادر متقاطعة، تأكيدها أن «الاشتباكات العنيفة تتركز على بعد بضعة كيلومترات من ضفاف الفرات الشرقية المقابلة لمدينة دير الزور». وقالت المصادر: إن «(قوات سوريا الديمقراطية) تمكنت من التقدم والسيطرة على كتيبة النيران وجسر أبو خشب، بعد إحكام سيطرتها على محطة القطار واللواء 113، في حين تتواصل الاشتباكات داخل منطقة المعامل على بعد نحو ثمانية كيلومترات عن ضفاف الفرات الشرقية المقابلة للنهر، وسط ضربات نفذتها طائرات التحالف الدولي، مستهدفة مواقع سيطرة التنظيم وتمركزاته».
وقال القيادي في «المرصد» شرفان درويش لـ«الشرق الأوسط»، إن «عملية عاصفة الجزيرة تتقدم بخطى ثابتة»، مؤكداً أن «مجلس دير الزور العسكري يمتلك القدرة على تحقيق أهدافه، بدحر (داعش) من دير الزور»، مشيراً إلى أن «الحملة تسير بشكل جيد، وهي حملة منفصلة عن حملة الرقة، لكنها تندرج تحت إطار عهدنا لشعبنا بتخليصهم من الإرهاب».
وعن إمكانية المواجهة مع قوات النظام، رد درويش «نتمنى ألا يحدث أي احتكاك مع قوات النظام، لكننا نأخذ كل الأمور في الحسبان».
ويستميت تنظيم داعش في الدفاع عن مواقعه، حيث نفذ هجمات معاكسة ومتلاحقة، أقدم خلالها على تفجير 4 عربات مفخخة، محاولا صد تقدم «مجلس دير الزور العسكري» في هذه المنطقة؛ ما أدى إلى سقوط خسائر بشرية في صفوف الطرفين. وأعلن ناشطون، أن «عناصر (داعش)، نفذوا سلسلة عمليات انتحارية في منطقة المدينة الصناعية وطريق أبو خشب».
في هذا الوقت، اعتبر مؤسس موقع «فرات بوست» أحمد الرمضان، أن «التقدم الذي حققه مجلس دير الزور العسكري، يعدّ تقدماً استراتيجياً، خصوصا أنه استطاع خلال يومين من الوصول إلى مسافة قريبة من مدخل دير الزور لجهة الضفة الشرقية لنهر الفرات»، لافتاً إلى أن «الإنجاز الوحيد الذي حققه النظام، هو فتح طريق دمشق ــ دير الزور، وفكّ الحصار عن المطار العسكري».
وأكد الرمضان لـ«الشرق الأوسط»، أن «عملية الالتفاف التي نفذها مجلس دير الزور العسكري، مكّنته من السيطرة الواسعة على الريف الغربي لدير الزور، وجعلته يمسك بمناطق ذات أهمية استراتيجية»، لافتاً إلى أن «قوات عاصفة الجزيرة باتت قريبة من حقل (كونيكو) للغاز». وقال: «إذا استطاعت (عاصفة الجزيرة) من تحرير الحقل المذكور، تكون أمسكت بأكبر حقل غاز طبيعي في سوريا، وربما في المنطقة»، متوقعاً أن «يعمد التحالف الدولي إلى فتح جبهة جديدة في دير الزور، تحدّ من اندفاعة النظام باتجاه المدينة».
إلى ذلك، أعلن «المرصد» أن «طائرات حربية يرجح أنها تابعة للتحالف الدولي، استهدفت ليل الاثنين، منطقة الشهابات القريبة من قرية الصالحية في شرق نهر الفرات؛ ما تسبب بوقوع عدد كبير من الشهداء والجرحى». وأوضح أن «الضربات الجوية هذه قتلت 12 مدنياً من عائلة واحدة، بينهم 5 أطفال وثلاث نساء، بالإضافة إلى عشرات الجرحى». ولفت إلى أن الطائرات الروسية ارتكبت مجزرة جديدة أمس في منطقة حوايج ذياب في ضفاف نهر الفرات؛ ما تسبب في مقتل سبعة مدنيين، ليرتفع إلى 76 مدنياً عدد القتلى الذين قضوا بالقصف الجوي خلال 72 ساعة.
وشهدت منطقة الجفرة الواقعة شرق مطار دير الزور العسكري، التي تفصل بين المطار والضفاف الغربية لنهر الفرات، اشتباكات عنيفة، بين قوات النظام والميليشيات الموالية، وبين تنظيم داعش من جهة أخرى، وقال «المرصد»، إن التنظيم أسر عناصر من قوات النظام والمسلحين الموالين لها، وذبح اثنين منهم في منطقة الجفرة. وأعلن، أن قوات النظام «تحاول عبر هجومها على الجفرة، من الوصول إلى الضفة الغربية لنهر الفرات، لتفرض طوقاً من ثلاث جهات حول مدينة دير الزور، لتبقى الجهة الرابعة وهي جبهة نهر الفرات مفتوحة أمام التنظيم للانسحاب من الضفاف الشرقية في حال قرر الانسحاب».
ولم تسلم محافظة حماة من العنف، حيث عمدت قوات النظام المتمركزة في منطقة السعن والخط الفاصل بين مناطق سيطرة «هيئة تحرير الشام» بريف حماة الشمالي الشرقي، ومنطقة وادي العذيب في الجهة المقابلة لها، إلى اعتقال 25 شخصاً كانوا يحاولون عبور حقول الألغام التي زرعتها قوات النظام، في محيط مناطق تمركزها بمنطقة السعن». وأفادت مصادر أهلية، بأن «بين المعتقلين 14 مدنياً، منهم 11 شخصاً من عائلة واحدة». وقالت المصادر، إن المدنيين «حاولوا عبور حقول الألغام التي زرعها النظام، وسيَروا أمامهم قطيعاً من الأغنام والماشية، لكن قوات النظام أطلقت النار باتجاههم، وأجبرتهم على العودة وعمدت إلى الاستيلاء على الماشية».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».