أبو الغيط دعا إلى ترسيخ دولة فيدرالية قوية تضمن وحدة العراق

بارزاني رفض طلبه تأجيل الاستفتاء وإجراء مفاوضات برعاية دولية

رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني لدى استقباله الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط في أربيل مساء أول من أمس (إ.ب.أ)
رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني لدى استقباله الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط في أربيل مساء أول من أمس (إ.ب.أ)
TT

أبو الغيط دعا إلى ترسيخ دولة فيدرالية قوية تضمن وحدة العراق

رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني لدى استقباله الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط في أربيل مساء أول من أمس (إ.ب.أ)
رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني لدى استقباله الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط في أربيل مساء أول من أمس (إ.ب.أ)

أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، في ختام زيارته إلى العراق مساء أول من أمس، ولقائه رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في بغداد ورئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني في أربيل، ضرورة الحفاظ على وحدة العراق وقيام حوار مباشر ومنفتح بين الأطراف العراقية.
كما دعا أبو الغيط إلى ترسيخ مفهوم دولة فيدرالية ديمقراطية قوية تضمن وحدة الدولة العراقية. وعلى مدار الـ24 ساعة التي أمضاها أبو الغيط خلال زيارته للعراق ناقش مع المسؤولين العراقيين أبعاد الاستفتاء المزمع عقده في إقليم كردستان في 25 سبتمبر (أيلول) الحالي وتداعياته المحتملة، سواء على المستوى الوطني في العراق أو على مستوى الإقليم العربي ككل، وذلك في ضوء ما يرتبط بعقده من تعقيدات وما يثيره من تخوفات حول إمكانية تمهيده لانفصال الإقليم من طرف واحد عن الدولة العراقية التي تمثل محوراً مهماً من محاور الأمن القومي العربي، ومع الأخذ في الاعتبار التحديات الكبيرة التي يواجهها العراق خلال المرحلة الحالية، وعلى رأسها خطر الإرهاب الذي يجسده تنظيم داعش، إضافة إلى التدخلات الخارجية في الشأن الداخلي العراقي.
وأوضح المتحدث الرسمي باسم الأمين العام، المستشار محمود عفيفي، أن العبادي وبارزاني أعربا عن ترحيبهما بزيارة الأمين العام وبحرصه على التواصل مع كل منهما في هذا الموضوع المهم، خصوصاً في إطار اضطلاعه بدوره المنوط به وفقاً لمسؤولياته. وأضاف أن الأمين العام حرص على أن يشير من جانبه إلى أن مسعاه خلال هذه الزيارة يتأسس على ضرورة تكاتف كل الأطراف للعمل من أجل احتواء الموقف بما من شأنه الحفاظ على وحدة الدولة العراقية وتأمين مصالح كل أبناء الشعب العراقي من خلال إعلاء مبدأ المواطنة على المصالح الضيقة لأي طائفة أو جماعة أو فئة بعينها، مع تنويهه بخطورة المأزق الحالي في ظل ما يمكن أن يقود إليه من تداعيات ونتائج سلبية يتخطى أثرها الإقليم العراقي ليهدد أمن واستقرار المنطقة.
وأشار المتحدث إلى أن الأمين العام لمس خلال اللقاءات التي أجراها اتساع هوة الثقة في العلاقة بين الإقليم والحكومة المركزية، وعبر عن قلقه للجانبين حيال هذا الوضع على الرغم من العلاقات الشخصية الإيجابية التي تربط بين القيادات من الجانبين، والتعاون المشترك الذي أفضى إلى تحقيق الانتصارات الكبيرة على الإرهاب. ودعا الأمين العام إلى احتواء الخلافات القائمة عبر الحوار واستناداً لما ينص عليه الدستور العراقي فيما يتعلق بالعلاقة بين الحكومة الاتحادية والإقليم، ودعا الطرفين إلى مراجعة شاملة لكل الموضوعات الخلافية وصولاً إلى أرضية مشتركة وتفاهمات مضمونة تحفظ للعراق وحدته، وبالتالي استقراره وسلامته الإقليمية.
وذكر المتحدث أن الأمين العام طرح على المسؤولين ضرورة فتح حوار عاجل ومباشر وصريح ومنفتح بين الجانبين، بما يسمح باستعادة الثقة المفقودة، وعلى أن ينطلق هذا الحوار من ثوابت يأتي على رأسها أن المصلحة العليا لكل مكونات الشعب العراقي هي في الحفاظ على وحدة الدولة، وأن يكون هناك عمل جاد ومخلص من أجل ترسيخ مفهوم دولة فيدرالية ديمقراطية قوية ومستقرة في العراق تكفل حماية وتعزيز حقوق كل أبناء الشعب العراقي بشكل متساوٍ وفِي ظل إعلاء مبدأ سيادة القانون، والإقرار بأن الأكراد هم مكون أصيل من مكونات هذه الدولة لا يجب تهميشه أو تنحية دوره في إطار الحديث حول مستقبل الدولة العراقية أو أي صيغة للعملية السياسية في العراق.
من جهتها، ذكرت رئاسة إقليم كردستان في بيان أوردته شبكة «رووداو» الإعلامية، أن أبو الغيط أبدى لبارزاني قلقه من استفتاء الاستقلال، طالباً منه «تأجيله لفترة وإجراء مفاوضات بين الإقليم وبغداد برعاية من المجتمع الدولي»، وأن رئيس الإقليم أبلغ الأمين العام للجامعة العربية بأن الاستفتاء «ليس قرار شخص بعينه حتى يتم تأجيله بسهولة، بل هو قرار الشعب والقوى السياسية الكردستانية». وأضاف البيان أن بارزاني «جدد التأكيد على أنه بالنظر للتجارب الفاشلة في المراحل المختلفة وعدم تحقيق الشراكة وخرق الدستور والاتفاقات، انعدمت الثقة بين إقليم كردستان والعراق»، وأنه لهذا السبب «اتخذ شعب كردستان قرار الاستفتاء الذي سيجرى في موعده المحدد»، وأن شعب كردستان «سيضمن حقه عبر الوسائل السلمية والحوار والتفاوض».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».