هنية والسنوار في مصر لتحسين العلاقات وتأكيد التزام التفاهمات

يناقش على رأس وفد ضم مسؤولاً من «القسام» قضايا حياتية وأمنية

TT

هنية والسنوار في مصر لتحسين العلاقات وتأكيد التزام التفاهمات

وصل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الفلسطينية إسماعيل هنية إلى القاهرة، أمس، على رأس وفد من قيادة الحركة في الداخل والخارج للقاء مسؤولين مصريين، في أول محطة خارجية له بعد انتخابه على رأس الحركة في مايو (أيار) الماضي.
وأشارت حركة حماس إلى أن «الوفد سيبحث خلال الزيارة الأولى لهنية إلى القاهرة بعد انتخابه رئيساً للحركة، كثيراً من القضايا المهمة، خصوصاً العلاقات الثنائية مع مصر وسبل تطويرها وتعزيز التفاهمات التي تمت مع القاهرة خلال زيارة الوفود السابقة للحركة وآليات تخفيف الحصار عن غزة وموضوعات تهم الطرفين». وأضافت أن «الوفد سيبحث في مستجدات القضية الوطنية وسبل استعادة وحدة الشعب الفلسطيني وتحقيق المصالحة الوطنية».
ورافق هنية من غزة رئيس الحركة في القطاع يحيى السنوار وعضوي المكتب السياسي خليل الحية وروحي مشتهى، على أن ينضم إليهم من الخارج القيادي موسى أبو مرزوق. ورافق الوفد أحد القياديين البارزين في «كتائب القسام»، الجناح المسلح لـ«حماس»، في مؤشر على أن اللقاءات ستبحث مسائل ذات طابع أمني أيضاً، وليس مجرد تفاهمات سياسية.
و«القسام» مسؤولة عن الحدود مع مصر، كما أنها مسؤولة عن ملف تبادل الأسرى الذي سبق أن توسطت به مصر. ويلتقي هنية والوفد رئيس المخابرات العامة المصرية الوزير اللواء خالد فوزي وآخرين.
وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط» إن الوفد سيبحث في «سبل تعزيز تفاهمات سابقة، بما يضمن تدخلاً مصرياً مباشراً لتخفيف الضغط عن غزة في ظل الحصار والإجراءات التي يتخذها الرئيس الفلسطيني ضد القطاع». وبحسب المصادر، يريد هنية تأكيد تحسن العلاقات والتزام «حماس» بالتفاهمات الأمنية السابقة، لكنه سيطلب تدخلاً مصرياً مباشراً لمساعدة غزة، بما يشمل إدخال وقود وكهرباء وفتح معبر رفح، وإقامة تبادل تجاري، إذ تعتبر «حماس» أن التفاهمات السابقة مع مصر لم تحسن الأوضاع.
واتهم مسؤولون في الحركة، السلطة الفلسطينية، بالعمل على عرقلة التفاهمات التي تقضي بتقديم تسهيلات للقطاع. وجاءت هذه الاتهامات بعدما أعلن قياديون في حركة فتح، بينهم عزام الأحمد مسؤول ملف العلاقات الفصائلية والخارجية، أن مصر أكدت للسلطة أنها لن تفتح معبر رفح بشكل كامل ودائم إلا من خلال السلطة الفلسطينية، باعتبارها الجهة السيادية الرسمية، وفقاً لموقفها التقليدي.
وكان مسؤولون في «حماس» تحدثوا عن فتح دائم لمعبر رفح «وفق تفاهمات مع مصر». وكان مسؤولون في المخابرات المصرية التقوا مسؤولين من «حماس» مرات عدة، وبحثوا معهم اتفاقات أمنية شملت تقديم تسهيلات للقطاع. وأدخلت مصر وقوداً وكهرباء إلى غزة، في وقت بدأت فيه السلطة إجراءات ضاغطة على حركة «حماس» بوقف رواتب وقطع أخرى، والتوقف عن دفع أثمان الكهرباء والوقود وإلغاء إعفاءات ضريبية.
وأغضب التقارب بين مصر و«حماس» السلطة الفلسطينية. وطالب عباس «حماس» بحل اللجنة الإدارية وتسليم قطاع غزة إلى حكومة التوافق والذهاب إلى انتخابات عامة، لكن الحركة رفضت، وواصلت بث أخبار عن اتفاقات مع مصر وتيار محمد دحلان القيادي المفصول من حركة فتح، وقالت إن تغييراً سيحصل على حياة الناس، وبدا ذلك نكاية بعباس، إذ قال عضو المكتب السياسي للحركة صلاح البردويل بعد ذلك إن «حماس لا تضمن شيئاً».
ويحاول هنية مع وفده تغيير الوضع الحالي قدر الإمكان. وقالت المصادر إنه سيبحث مع المصريين إجراءات عباس ضد غزة وسيطالبهم بالضغط عليه لوقف هذه الإجراءات. كما سيبلغ مصر باستعداد حركته للمصالحة «إذا كان عباس جاداً». وتريد «حماس» أن تتم المصالحة من خلال مصر، حتى تضمن تحسناً أكبر في العلاقات مع القاهرة.
وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أبلغ عباس بأنه يعترف بالسلطة الفلسطينية فقط «كممثل شرعي ووحيد للفلسطينيين». وتعارض السلطة إقامة أي دولة علاقات مباشرة مع «حماس» أو التعامل معها بصفتها جهة رسمية ممثلة للفلسطينيين.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».