الأمم المتحدة توقف المساعدات عن 20 ألف عائلة سورية

طفلة سورية نازحة في ريف الرقة أمس (أ.ف.ب)
طفلة سورية نازحة في ريف الرقة أمس (أ.ف.ب)
TT

الأمم المتحدة توقف المساعدات عن 20 ألف عائلة سورية

طفلة سورية نازحة في ريف الرقة أمس (أ.ف.ب)
طفلة سورية نازحة في ريف الرقة أمس (أ.ف.ب)

أوقفت منظمة الأمم المتحدة المساعدات النقدية والغذائية لـ20 ألف عائلة سورية لاجئة في لبنان من أصل ثلاثين ألفا كانت تحصل عليها، لأسباب قالت إنها مرتبطة بعدم توافر التمويل اللازم، مع تأكيدها على الاستمرار بالبرنامج إنما بعد إعادة توزيع هذه المساعدات ومنحها للأكثر فقرا.
ومن خلال رسائل نصية عبر الهواتف الجوالة تلقت هذه العائلات التي يعيش معظمها تحت خط الفقر خبر توقف المساعدات، وهو القرار نفسه الذي كان قد اتخذ بحق آلاف العائلات قبل عامين. وجاء في رسالة «برنامج الأغذية» التابع للأمم المتحدة: «يؤسفنا إبلاغك بأن شهر أكتوبر (تشرين الأول) سيكون آخر شهر يمكنك فيه الاستفادة من المساعدات المقدمة عن طريق برنامج الأغذية العالمي، لأنك لم تعد مخولا للحصول على المساعدات الغذائية».
وفي حين يحذّر خالد رعد، المسؤول عن ملف اللاجئين في منطقة عرسال في البقاع، من نتائج إيقاف المساعدات على العائلات لا سيما أن عددا كبيرا منها تتألف فقط من نساء وأطفال، تؤكد مفوضية شؤون اللاجئين، التابعة للأمم المتحدة، على لسان المتحدثة باسمها، ليزا بوخالد: «إن هذا القرار الذي اتخذته المفوضية وبرنامج الغذاء العالمي أتى بعد إعادة دراسة ملفات العائلات، بحيث تم إيقاف المساعدات عن 20 ألف عائلة وتقديمها إلى 20 ألف عائلة أخرى أكثر فقرا وحاجة، وبالتالي لا يزال عدد العائلات التي يشملها البرنامج كما كان في السابق، وذلك من أصل مليون و50 ألف لاجئ مسجلين في لبنان لدى الأمم المتحدة».
ويقول رعد، وهو عضو الهيئة التربوية في الحكومة المؤقتة التابعة لـ«الائتلاف الوطني»، إن القرار شمل ألف عائلة موجودة في عرسال من أصل 20 ألفا، معتبرا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن اختيار العائلات جاء عشوائيا، والدليل على ذلك أن عددا كبيرا منها يعتمد بشكل كامل على هذه المساعدات، إضافة إلى تلك التي يقدمها برنامج الغذاء العالمي التابع بدوره للأمم المتحدة، والتي تبلغ 27 دولارا أميركيا وتوقفت بدورها، وهو الأمر الذي من شأنه أن يفاقم معاناة هذه العائلات التي تعيش في خيم وتعتمد في غذائها على الخبز، وتصرف المبلغ لشراء الدواء، وتسديد ديونها المتراكمة».
ويضيف رعد: «بعد عمليتي عرسال والجرود ضد (داعش) و(جبهة النصرة) غادر نحو 5 آلاف شخص إلى إدلب و600 شخص إلى دير الزور ونحو ألف شخص إلى الرحيبة في القلمون، وعدد كبير من هؤلاء كان يحصل على المساعدات، وبالتالي بدل إعادة توزيع حصصهم إلى عائلات أخرى جاء القرار يإيقافها، بحجة عدم توفر المبالغ اللازمة».
في المقابل، تؤكد بوخالد أن «اختيار العائلات لم يكن عشوائيا بل بدقة انطلاقا من معايير محددة اجتماعية واقتصادية ودراسة نقوم بها كل عام»، من دون أن تنفي أنه كانت هناك صعوبة في هذا الأمر لا سيما أن 70 في المائة من اللاجئين السوريين في لبنان يعيشون تحت خط الفقر، مضيفة «لا نقول إن وضع من توقفت عنهم المساعدات جيد إنما ما قمنا به هو تحويلها إلى العائلات الأكثر حاجة لمبلغ نقرّ أنه ضئيل ولا يتجاوز الـ175 دولارا أميركيا في الشهر، إنما المشكلة تكمن في غياب التمويل والموارد الكافية، وهو ما حذرنا منه في وقت سابق».
وكانت الأمم المتحدة قد حذّرت في شهر يونيو (حزيران) الماضي، أن نقص التمويل المقدر بأكثر من مليار دولار يهدد استمرار المساعدات الحيوية التي تقدمها المفوضية لستين ألف أسرة في الأردن ولبنان، مؤكدة أن الاستمرار بتقديم المساعدات يتطلب الحصول على مساهمات إضافية بشكل عاجل لتجنب التقليص الكبير للخدمات الأساسية والمنقذة للحياة للاجئين السوريين في النصف الثاني من العام.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».