انطلقت في مدينة أربيل، عاصمة إقليم كردستان، منتصف ليلة الاثنين – الثلاثاء، الحملة الإعلامية الرسمية للاستفتاء على استقلال كردستان، المقرر إجراؤه في 25 سبتمبر (أيلول) الحالي. وفي حين دعت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات والاستفتاء في كردستان المواطنين والأطراف السياسية والمؤسسات الإعلامية والمنظمات المدنية إلى الالتزام بتعليماتها من أجل حملة إعلامية ناجحة، صعدت إيران انتقادها للخطوة الكردية، واعتبرتها سبباً لـ«أزمة جديدة» في العراق.
وتجمع عشرات الآلاف من مواطني أربيل في حديقة المدينة، قرب القلعة التاريخية، للمشاركة في انطلاقة الحملة الإعلامية لاستفتاء الاستقلال، حاملين بأيديهم علم كردستان. وفي تمام الساعة الثانية عشرة منتصف ليلة الاثنين - الثلاثاء، أعلن عن بدء الحملة، بحضور قادة سياسيين ومثقفين وناشطين ومسؤولين حكوميين وحزبيين، وممثلين عن مكونات قومية ودينية مختلفة في الإقليم، في أجواء طغت عليها الأناشيد الكردية الوطنية، بينما لوّح الحاضرون بعلم كردستان، وارتفعت الأهازيج بـ«نعم» للاستفتاء.
وقال ممثل المكوّن الإيزيدي في المجلس الأعلى للاستفتاء في كردستان، الشيخ شامو، لـ«الشرق الأوسط»: «نفتخر بانطلاقة حملة الإعلان عن الاستفتاء، وأهم ما يفتخر به شعب كردستان يتمثل في جدية وإصرار القيادة السياسية الكردستانية على إجراء الاستفتاء في موعده. هذا سيكون حافزاً للشعب الذي حارب الإرهاب، وانتصر عليه، ليكون مُصراً على تحقيق حلمه».
وأضاف شامو: «نحن كمكون إيزيدي مستمرون في عقد النشاطات لتحفيز المواطنين على الاستفتاء، كعقد الندوات الجماهيرية في مناطق الإيزيديين. وهناك إقبال واسع من قبل أبناء المكون على المشاركة في هذه الأنشطة، لأن الإيزيديين يرغبون في تحديد مصيرهم، وكذلك تحقيق آمالهم وطموحاتهم»، لافتاً إلى أن المجلس الأعلى للاستفتاء في كردستان يواصل جهوده لتوحيد البيت الكردي، وتفعيل برلمان كردستان، وحل المشكلات بين الأطراف السياسية، بالإضافة إلى إرسال لجان منبثقة عنه إلى خارج كردستان لإيصال «صوت الشعب» الكردستاني إلى الأوساط الدولية.
واستمرت احتفالية انطلاقة الحملة الإعلامية للاستفتاء في أربيل حتى ساعات متقدمة ليلاً، وزيّن المواطنون سياراتهم بعلم كردستان والشعارات التي تحث على المشاركة في العملية والتصويت بنعم لتأسيس الدولة الكردية.
سربست محمد، وهو شاب كردي من مدينة دهوك، لم يتجاوز بعد العشرين عاماً، وقف مع مجموعة أخرى من أقرانه الشباب في حديقة أربيل وقد غطى ظهره بعلم كردستان، وأخذ يصيح بأعلى صوته «نعم للدولة الكردية»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «جئت مع جميع أفراد العائلة إلى وسط المدينة للمشاركة في هذه الاحتفالية التاريخية. سنحتفل مرة أخرى، ومن هذا المكان، يوم الإعلان عن تأسيس دولة كردستان».
من جهته، أيّد كامران فرهاد ما قاله صديقه سربست، وأوضح لـ«الشرق الأوسط»: «نحن اخترنا الاستفتاء، ومن خلاله فقط نستطيع أن نصل إلى أهدافنا في تأسيس الدولة، نتمنى أن تكون كلمتنا جميعاً واحدة كي نصل إلى هذا الهدف الذي ضحينا من أجله لأكثر من مائة عام ماضية، وندعو العالم العربي والمجتمع الدولي إلى دعم دولة كردستان لأنها ستكون مصدراً لاستقرار المنطقة».
بدوره، قال المواطن عمر كريم، من محافظة الموصل، الذي يعيش في أربيل منذ سنوات، لـ«الشرق الأوسط»: «أنا مواطن عربي عراقي، أعيش هنا في كردستان منذ أكثر من 3 أعوام مع عائلتي. الأوضاع هنا على أفضل حال. فتح الإقليم لنا أبوابه في أسوأ الظروف التي كنا نمر بها، وقدّم لنا من قوته ورعايته، ولذا نحن العرب الموجودين في كردستان نؤيد الاستفتاء والاستقلال وتأسيس الدولة الكردية». وأصدرت المفوضية العليا للانتخابات والاستفتاء في كردستان مجموعة من التعليمات الخاصة بالحملة الإعلامية، تمثلت خصوصاً في التشديد على عدم استخدام المال العام ومؤسسات الدولة ودور العبادة، أو رفع شعارات تؤدي إلى التناحر والتنازع في الحملة». وأوضح المتحدث باسم المفوضية، شيروان زرار، لـ«الشرق الأوسط»: «بدأت الحملة الإعلامية لعملية الاستفتاء رسمياً، وستستمر حتى الساعة الـ12 من منتصف ليلة 22 سبتمبر الحالي. ندعو كل الأطراف السياسية والمواطنين والمؤسسات الإعلامية الدولية والمحلية والمنظمات المدنية إلى الالتزام بتعليماتنا من أجل الحصول على حملة إعلامية ناجحة».
وشهدت أمس مدن إقليم كردستان، والمناطق الكردستانية خارج إدارة الإقليم (المتنازع عليها)، بدء الحملة الإعلامية لاستفتاء الاستقلال، وشارك مواطنون من مختلف الفئات والشرائح والمكونات في هذه الحملة.
- إيران: الاستفتاء الكردي أزمة
وفي طهران، نقلت وكالة «تسنيم» عن المساعد الخاص لرئيس مجلس الشورى الإيراني، المسؤول عن الشؤون الدولية حسين أمير عبد اللهيان، قوله إن إجراء الاستفتاء في كردستان العراق سيحدث أزمة جديدة، وأوضحت أن عبد اللهيان قال خلال استقباله المستشار الدبلوماسي للرئيس الفرنسي إريك شوفالييه: «نهتم بموقف فرنسا القائم على ضرورة الحفاظ على وحدة الأراضي العراقية، والامتناع عن الإجراءات الانفصالية؛ إن قضية إجراء الاستفتاء في كردستان العراق لن يكون حلاً للمشكلات، وسيحدث أزمة جديدة في العراق، لا سيما أن إيجاد خلافات في العراق سيوفر فرصة جديدة للإرهاب».