صواريخ «كاليبر» روسية دعمت قوات النظام في دير الزور

بوتين: فك الحصار هزيمة للإرهابيين

إطلاق صاروخ «كاليبر» من فرقاطة روسية في المتوسط على دير الزور أمس (أ.ب)
إطلاق صاروخ «كاليبر» من فرقاطة روسية في المتوسط على دير الزور أمس (أ.ب)
TT

صواريخ «كاليبر» روسية دعمت قوات النظام في دير الزور

إطلاق صاروخ «كاليبر» من فرقاطة روسية في المتوسط على دير الزور أمس (أ.ب)
إطلاق صاروخ «كاليبر» من فرقاطة روسية في المتوسط على دير الزور أمس (أ.ب)

أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن قوات النظام السوري تمكنت بفضل القصف الجوي والصاروخي الروسي من فك حصار «داعش» لمدينة دير الزور، في وقت قال الرئيس فلاديمير بوتين إنه من السابق لأوانه القول إن «داعش» هزم في سوريا.
وقالت الوزارة في بيان أمس: «مستفيدة من نتائج ضربات المقاتلات الروسية، وقصف بصواريخ كاليبر (ضد مواقع داعش)، تمكنت وحدات من القوات الحكومية بقيادة الجنرال سهيل الحسن من اختراق دفاعات إرهابيي داعش، وفك الحصار عن مدينة دير الزور». وأوضحت في بيانها أن القصف الجوي الذي نفذته المقاتلات الروسية، والقصف بصواريخ كاليبر المجنحة «كاليبر» من الفرقاطة «الأميرال إيسين»، أديا إلى تدمير عدد كبير من تحصينات الإرهابيين، مع شبكات ممرات تحت الأرض، ومواقع مدفعية، ومخابئ ومستودعات ذخيرة. وقالت إن قوات النظام والقوات الرديفة تمكنت من اختراق دفاعات «داعش» من محور جنوب - غرب المدينة، والتقت مع المدافعين عن المدينة في منطقة عمليات الفرقة المؤللة 137، وأكدت أن منطقة العمليات تتوسع حاليا، وتخوض قوات النظام «حرب شوارع» في دير الزور، وحاول «داعش» وقف التقدم مستخدماً السيارات المفخخة.
وتوقف الرئيس بوتين في تصريحاته عقب قمة «بريكس» في الصين أمس، عند التطورات الميدانية في سوريا. وقال: «بالنسبة إلى الوضع في سوريا والعمليات العسكرية هناك، فإن الوضع يتغير بالفعل لصالح القوات الحكومية»، لافتاً إلى أن المساحات التي تسيطر عليها تلك القوات تضاعفت خلال العامين الماضيين. وعبر عن قناعته بأنه «ما إن تنتهي معركة دير الزور، فإن هذا سيعني خسارة جدية للإرهابيين. أما القوات الحكومية وحكومة الأسد فستحصل على تفوق لا يمكن التشكيك فيه»، وعبر عن أمله بأن «يتمكن الشركاء من المضي في معركة الرقة حتى النهاية». وأضاف أن «دير الزور نقطة ارتكاز عسكرية، وليست سياسية، لكل المعارضات المتطرفة. المتطرفة بأسوأ معنى ممكن للكلمة، (أي) المعارضة الداعشية».
ومع تأكيده أن الوضع في سوريا يشهد تغيرات جذرية، في إشارة إلى نجاح العمليات ضد «داعش». فإن بوتين أشار إلى «من السابق لأوانه القول بأنه تم التخلص نهائياً من (داعش) وجبهة النصرة وغيرهما من التشكيلات الإرهابية». وشدد في الوقت ذاته على ضرورة الاستفادة من التغيرات والمضي في الخطوة التالية «في مجال تثبيت نظام وقف إطلاق النار، وتعزيز مناطق خفض التصعيد، وإطلاق العملية السياسية»، داعياً إلى إعادة تأهيل الوضع الاقتصادي - الاجتماعي في سوريا، على خلفية العملية السياسية، ووصف العمل في هذا المجال بأنه «عمل ضخم»، معبرا عن قناعته بأنه «سيكون من الصعب على السلطات السورية حل هذه المسائل دون دعم دولي»، وأشار في الختام إلى أن «كل الزملاء في مجموعة «بريكس» موافقون ومستعدون لتقديم مساهمات متفاوتة، على الأقل في مجال تحسين الوضع الإنساني في سوريا».
صواريخ كاليبر
وكانت وزارة الدفاع أعلنت أن فرقاطة «الأميرال يسين» التابعة لأسطول البحر الأسود، والعاملة حاليا ضمن مجموعة السفن الروسية في المتوسط، أطلقت فجر يوم أمس صواريخ «كاليبر» المجنحة على مواقع تابعة لتنظيم داعش في منطقة الشولا في دير الزور، وأوضحت الوزارة أن «الضربة تم توجيهها لتحصينات قرب الشولا، يوجد فيها بصورة رئيسية مقاتلون من روسيا ومن جمهوريات سوفياتية سابقة أخرى»، وأدى القصف الصاروخي إلى تدمير مقر قيادة وغرفة اتصالات ومستودعات فيها ذخيرة وسلاح، فضلا عن مصنع لصيانة العربات المدرعة، والقضاء على تجمع كبير للإرهابيين. وأشارت الوزارة إلى أن قوات النظام السوري تواصل عمليات تدمير تحصينات تنظيم داعش في منطقة دير الزور، وقالت إن القضاء على «داعش» هناك، وفك الحصار عن المدينة سيشكل هزيمة استراتيجية للتنظيم الإرهابي، وأعادت إلى الأذهان تحرير مدينة عقيربات في ريف حماة مؤخراً من «داعش».
وسقط أمس في معارك دير الزور عسكريان روسيان. وذكرت وكالة «تاس» نقلا عن وزارة الدفاع الروسية أن عسكريين متعاقدين قتلا نتيجة قصف مدفعي من جانب تنظيم داعش. وأوضحت الوزارة أن «قافلة سيارات تابعة لمركز حميميم كانت متجهة نحو دير الزور تعرضت لقصف مدفعي من جانب داعش، ما أدى إلى مقتل عسكري وإصابة آخر بجراح، تم نقله إلى المشفى حيث حاول الأطباء العسكريون الروس إنقاذه، إلا أنه توفي نتيجة إصاباته». ولم توضح الوزارة طبيعة المهمة التي كانت القافلة متجهة من حميميم إلى دير الزور لتنفيذها.
وإلى جانب دورها العسكري الرئيسي، الجوي والبري والبحري، في العمليات العسكرية على الأراضي السورية، تواصل روسيا توسيع نشاطها في المجال الإنساني في سوريا. وفي هذا السياق يجري وفد من الأطباء العسكريين الروس العاملين في مشفى بوردينكو العسكري، زيارة إلى دمشق. وقام الوفد بتسليم الأطباء السوريين معدات طبية، كما أجروا 70 عملية جراحية معقدة، عجز عنها الأطباء السوريون لعدم توفر المعدات المطلوبة. وقال الطبيب سيرغي تيلشوك، مدير مركز الجراحة الفكية وطب الأسنان في مشفى بوردينكو في تصريحات للصحافيين في دمشق، إن الأطباء السوريين خلال ست سنوات من الحرب فقدوا بعض مهاراتهم، موضحاً أن هؤلاء الأطباء كانوا طيلة السنوات الماضية يستقبلون يوميا ما بين 50 إلى 70 مريضاً يجب العمل على إنقاذ حياتهم قبل كل شي: «ولا وقت لممارسة الأعمال التجميلية»، معربا عن قناعته بأنه «آن الأوان لتعويض ما فات، ولمسح آثار الحرب ليس من النفوس فحسب، بل وعن الوجوه».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.