المعارضة السورية تجتمع على تشكيل «جيش موحد»

يهدف إلى توحيد الفصائل في إدلب بمواجهة «هيئة تحرير الشام»

جواد أبو حطب رئيس الحكومة المؤقتة المعارضة
جواد أبو حطب رئيس الحكومة المؤقتة المعارضة
TT

المعارضة السورية تجتمع على تشكيل «جيش موحد»

جواد أبو حطب رئيس الحكومة المؤقتة المعارضة
جواد أبو حطب رئيس الحكومة المؤقتة المعارضة

في خطوة وصفتها المعارضة بـ«التاريخية» والاستباقية للمرحلة المقبلة، أعلنت فصائل الجيش الحر موافقتها العمل على بناء جيش موحّد للثورة تجاوباً مع دعوة «الحكومة المؤقتة» و«المجلس الإسلامي السوري»، بحيث عيّن رئيس الحكومة المؤقتة جواد أبو حطب وزيراً مؤقتاً للدفاع، تمهيداً لتعيين شخصية بديلة عنه، وإنشاء مجلس عسكري وقائد له، ومن المرجّح أن يكون القائد العسكري لـ«فيلق الشام».
وبعد إعلان 6 فصائل من الشمال، الأسبوع الماضي تأييدها للمبادرة، وقع أول من أمس، على الاتفاق 47 فصيلاً معظمها في الشمال السوري، إضافة إلى ريف دمشق وحمص وحماة والبادية، وسجّل غياب فصائل الجنوب لأسباب لوجيستية، في وقت أكد أكثر من مصدر على التواصل مع قادتها للمشاركة في الاجتماعات المقبلة كما ومشاركتهم في قيادة الأركان التي من المفترض أن يتم تشكيلها.
وفي حين تشير بعض المصادر إلى أن الهدف الأول للمشروع هو توحّد الفصائل في إدلب بمواجهة سيطرة «هيئة تحرير الشام»، وهو الأمر الذي تدعمه تركيا بشكل أساسي، يؤكد القائد العام السابق لمجلس حلب العسكري، العقيد عبد الجبار العكيدي، لـ«الشرق الأوسط»، أن أهداف هذا الجيش تتركز على مواجهة قوات النظام وأذرعته المتمثلة بتنظيم داعش و«جبهة النصرة»، إضافة إلى الميليشيات الشيعية وحزب الاتحاد الديمقراطي، كما وتوحيد القرار السياسي والعسكري وحماية الفصائل من أي قرار دولي وتحويلها إلى سلطة أمر واقع إلى سلطة شرعية. ولا ينفصل الإعلان عن هذا المشروع عن المرحلة التي تمر بها القضية السورية والحديث عن قرب انتهاء الأزمة بالتوصل إلى حل سياسي، وهو ما يلفت إليه العكيدي، قائلاً: «لن ننتظر أن تأتي روسيا أو غيرها لتشكّل لنا جيشا وطنيا بعد سقوط النظام. مشروعنا هذا أتى ليجمع كل فصائل الجيش الحر التي كان لها دور أساسي منذ بداية الثورة لغاية الآن، على أن يكون نواة الجيش الوطني في المستقبل، ولا نمانع بأن يكون في وقت لاحق جيشا جامعا لكل السوريين بكل طوائفهم»، مضيفا: «لا نزال نعتبر أنه ليس كل من هو في قوات النظام مجرما».
وكانت معلومات قد أشارت في وقت سابق إلى اقتراح روسي بتشكيل مجلس عسكري سوري تشارك في رئاسته شخصيات عسكرية من النظام والمعارضة بالاتفاق مع أنقرة، في محاولة للمحافظة على المؤسسات لا سيما في المرحلة الانتقالية ومنعها من الانهيار.
ويصف العكيدي الذي كان أحد أبرز الشخصيات التي عملت على المشروع إلى جانب رئيس الحكومة جواد أبو حطب، الخطوة بـ«التاريخية لا سيما أنها أتت لأول مرة بدعوة وطنية وليس بدعوة خارجية وبعد دراسات لأشهر طويلة، وجمعت 90 في المائة من فصائل الجيش الحر»، معتبرا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن الاستجابة من الفصائل «كانت أكثر من إيجابية»، وهو الأمر الذي يمنح دعما للمشروع، لافتا إلى أنه تم تعيين لجنة للتواصل مع فصائل الجنوب التي لم تحضر لأسباب متعلقة ببعد المسافة، «مع حرصنا على أن يكون لهم دور أساسي في هذا الجيش، كما في قيادة الأركان لا سيما أنهم كانوا ولا يزالون جزءا أساسيا من الثورة».
وفي وقت أشارت بعض المعلومات إلى أن غياب فصائل الجنوب المدعومة من الأردن يعود بشكل أساسي بسبب رعاية تركيا للمشروع كما وابتعادهم عن (المجلس الإسلامي السوري)، رحّب كل من المتحدث باسم الجبهة الجنوبية عصام الريس وقائد (تحالف الجنوب) الرائد قاسم نجم، بخطوة التوحّد مترقبين في الوقت عينه نتائج المفاوضات. وقال نجم لـ«الشرق الأوسط»: «الموضوع محط تشاور بين فصائل الجنوب، وهناك جهود لإعادة ترتيب صفوفنا، وأن نكون جزءا من هذا الجيش الوطني».
من جهتها، أشارت مصادر عسكرية كانت حاضرة في الاجتماع، لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه تم ترشيح كل اللواء سليم إدريس واللواء محمد خلوف واللواء محمد فارس، لتولي وزارة الدفاع، واتفقت الفصائل على إدريس لكنه رفض، فتم الاتفاق على أن يتولى أبو حطب المهمة إلى أن يعيّن بديل عنه بعد المباحثات التي ستتولاها اللجنة العسكرية وبعد تشكيل مجلس عسكري، من المرجّح أن يكون القائد العسكري لـ«فيلق الشام» الذي يعتبر من أكبر الفصائل.
وفي حين لا ينفي المسؤولون في المعارضة أهمية الدعم الدولي لهذه المبادرة كي يكتب لها النجاح، قال مصطفى سيجري، المتحدث باسم «لواء المعتصم» إن «من مسؤولية قياديي الفصائل اليوم التواصل مع المجتمع الدولي لإيصال حقيقة المبادرة وأهميتها في تحسين الأداء العسكري والسياسي للمعارضة، وبالتالي مواجهة التحديات الراهنة».
وأعلنت كل من الفصائل والحكومة المؤقتة، في بيان لهما الاتفاق على تولي جواد أبو حطب مهام وزير الدفاع، وتشكيل لجنة مفوضة من الفصائل، مكلفة باختيار رئيس هيئة الأركان للجيش الموحد للثورة السورية بالتشاور مع رئيس الحكومة.
وأضاف البيان، أن المجتمعين اتفقوا كذلك على أن «يقوم وزير الدفاع ورئيس هيئة الأركان بتشكيل لجنة تقنية متخصصة، مهمتها وضع هيكلية واضحة للجيش الموحد للثورة السورية، واستمرار التواصل مع كل الفصائل الثورية على امتداد المناطق المحررة لتأسيس الجيش الموحد للثورة السورية».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.