عكست التصريحات المتضاربة لقيادات في ميليشيات الحوثي وصالح، خلافات عميقة بين فريقي الانقلاب في اليمن؛ إذ تابع مراقبون تصريحات من أحد الفريقين تؤكد وجود خلاف، وأخرى تنفي من شريك الانقلاب.
فبعد تصريحات الرئيس السابق علي عبد الله صالح أول من أمس ونفيه وجود أي خلافات بين حزبه «المؤتمر الشعبي العام» والحوثيين، فإن محمد علي الحوثي، رئيس اللجنة الثورية العليا، اشترط في رده أمس تشكيل لجنة من «الحكماء والعقلاء» إذا رغب الرئيس السابق علي عبد الله صالح في حلحلة الاختلالات بين فريقي الانقلاب.
إلى ذلك، رصدت منظمات إنسانية اعتقال الميليشيا الحوثية متظاهرين مؤيدين لحزب صالح، وشوهد أشخاص يزيلون صوراً للمخلوع صالح من الساحات والميادين بأمر من قيادات الحوثيين.
وأوضح عبد العزيز جباري، نائب رئيس الوزراء اليمني وزير الخدمة المدنية، أن الأحداث في الساحة اليمنية تثبت وجود خلافات عميقة بين القوى الانقلابية مهما حاولت إخفاءها، مشيراً إلى أن الفريقين يحملان مشروعين مختلفين؛ فأحدهما يحلم بالعودة إلى السلطة، والآخر ينفذ توجهات النظام الإيراني ويمارس المشروع الطائفي في البلاد.
وأضاف جباري لـ«الشرق الأوسط»، أن «تطبيق نظام ولاية الفقيه في اليمن ضد إرادة الشعب اليمني الذي يؤمن بالتعايش والسلم وإزالة التمييز بين أطيافه، ويعيش بسواسية، ويؤمن بأن الوصول إلى الحكم يتم عبر الطرق الديمقراطية والانتخابات الشعبية». ولفت إلى أن الميليشيا الحوثية تريد السيطرة على الأراضي اليمنية، في حين يريد المخلوع المحافظة على وضعه وشعبيته حتى يضمن مكانة في أي تسوية سياسية.
وشدد الوزير اليمني على أن الخلاف واضح للعيان بين انقلابيي اليمن «حتى إن الأمر وصل بهم إلى إراقة الدماء وتوجيه السلاح بعضهم ضد بعض».
وتطرق إلى البيان الذي أصدره الحوثيون وتضمن عبارات المقصود منها صالح، تؤكد أنه من دون شرف ودين وأخلاق، لافتاً إلى أن المخلوع حريص على عدم الصدام معهم في هذا التوقيت تحديداً وأنه يحاول التهدئة.
وعن توقعاته في المرحلة المقبلة، ذكر نائب رئيس الوزراء اليمني، أن هناك انحيازاً من أنصار طرفي الانقلاب لصالح «المؤتمر الشعبي العام» على حساب الحوثيين، «الذين يمثلون خطراً حقيقاً على أبناء الشعب اليمني، ويمتد خطرهم إلى الدول الإقليمية»، محذراً من خطورة المشهد في العاصمة اليمنية؛ إذ أن مستويات الأمن في أقل نسبها، والانقلابيون يمارسون مشروع القتل في صفوف الأبرياء دون اكتراث.
ويشير الكاتب الصحافي وضاح الجليل إلى أن «ظهور علي عبد الله صالح كان بالتأكيد بسبب خسارة كل خياراته، وكان الواضح في التصعيد الذي قام به قبل 24 أغسطس (آب) الماضي، أنه كان ربما لديه كثير من الحسابات المختلفة التي اكتشف أنها غير مجدية لاحقا، واضطر بعد ذلك إلى تخفيف حدة خطابه وتصعيده، وفي المقابل رفع الحوثيون حدة التصعيد، وبعد ذلك اشتبكوا مع نجله في جولة المصباحي بالعاصمة صنعاء، ما أدى إلى مقتل أحد معاونيه، وهذا رد طبيعي على تصعيده وعلى تحشيده، فقد كان صالح يريد أن يثبت لهم وللمجتمع الدولي والإقليمي أنه صاحب شعبية كبيرة، وهذا الأمر استفزهم كونه ينافسهم على شعبيتهم، وقاموا بالرد عليه بهذه الوسيلة».
وتابع القول إن «الحوثيين يعرفون جيدا أن صالح على استعداد كامل لبيعهم، والتنازل عنهم، في أي صفقة سياسية مع الأطراف الأخرى، وبالتالي هم يريدون قطع الطريق عليه ومحاصرته أو القضاء على كامل قوته، إن لم يكن، أيضا، التخلص منه بشكل ما قبل أن يبادر إلى بيعهم، وبالتالي يصبحون ممثلي الجغرافيا الزيدية التي أصبح الطرفان يتنافسان على تمثيلها».
وأردف: «الحاصل هو أن حرص صالح كان من أجل إثبات أنه الطرف الأكثر قوة والأكثر شعبية وهو من يستحق تمثيل الجغرافيا الزيدية. في المقابل، كان الحوثيون يخشون من هذه الخطوة ويعرفون أنها ستؤثر عليهم كثيرا وعلى شعبيتهم، وحاولوا منع صالح من تنفيذها، إلا أن صالح استمر في تصعيده حتى نفذها وحشد أنصاره في ميدان (السبعين)، وقام الحوثيون بالرد عليه من خلال استعراض عسكري بعد أن انفض حشده من (السبعين)، والانتشار في الميدان الواسع واستهداف موكب نجله، إضافة إلى التصريحات المرتفعة يوميا والتي تكشف عن غطرسة واستعداد الحوثيين لتنفيذ أي سيناريو من شأنه التخلص من صالح، إضافة إلى التسريبات التي تقول إنهم ينوون اعتقاله ونقله إلى صعدة».
وحول مضاعفة الانقلابيين من هجماتهم على مواقع الجيش الوطني واشتداد وتيرة المواجهات العسكرية، يقول الجليل إن «رفع وتيرة المعارك من قبل الانقلابيين في مواجهة الجيش الوطني، يبدو منه أنهم يدركون أن مدى التصدع في جبهاتهم الداخلية مع صالح سيؤثر على معنويات مقاتليهم، وربما يدفع ذلك تحالف دعم الشرعية والجيش الوطني إلى حسم المعركة وإنهاء الانقلاب بأسرع وقت ممكن، وهو ما جعلهم يكثفون من هجماتهم على الجيش الوطني ليثبتوا أنهم لا يزالون متماسكين وأقوياء، وأن الخلاف مع صالح لن يعمل على تصديع جبهاتهم».
الحوثي يشترط على صالح لجنة «حكماء» لحل الإشكالات بين الانقلابيين
استمرار اعتقال أنصار «المؤتمر الشعبي» في صنعاء
الحوثي يشترط على صالح لجنة «حكماء» لحل الإشكالات بين الانقلابيين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة