دعم الجيش اللبناني مادة رئيسية في محادثات بوتين والحريري

رئيس حكومة لبنان يزور موسكو الاثنين

بوتين مستقبلا سعد الحريري العام الماضي في الكرملين (غيتي)
بوتين مستقبلا سعد الحريري العام الماضي في الكرملين (غيتي)
TT

دعم الجيش اللبناني مادة رئيسية في محادثات بوتين والحريري

بوتين مستقبلا سعد الحريري العام الماضي في الكرملين (غيتي)
بوتين مستقبلا سعد الحريري العام الماضي في الكرملين (غيتي)

تحمل زيارة رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري إلى موسكو، ولقائه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الاثنين المقبل، عناوين عدّة تبدو في الظاهر أنها ستركّز على دعم الجيش اللبناني للتصدّي للإرهاب، ومواجهة أزمة النزوح السوري إلى لبنان، لكنها في المضمون تنطوي على عناوين سياسية بالغة الحساسية بالنسبة للكرملين، أبرزها بحث مصير رئيس النظام السوري بشار الأسد في المرحلة الانتقالية للحلّ السياسي، الذي سيكون مادة رئيسية على طاولة المحادثات.
ولا ينفي مقربون من رئيس الوزراء اللبناني أن مهمة الأخير في موسكو ستكون صعبة، وربما لن يكون بمقدور الحريري إقناع بوتين بالتخلّي عن ورقة الأسد، لكن الرئيس الروسي يعرف تماماً أن الحريري يمثّل صوتاً عربياً وإقليمياً قوياً، حيث أوضح عضو كتلة «المستقبل» النيابية، النائب عقاب صقر، أن زيارة الحريري للعاصمة الروسية «ستبحث الوضع اللبناني بشكل أساسي، باعتبار أن روسيا باتت لاعباً أساسياً في الشرق الأوسط والعالم العربي»، لافتاً إلى أن الحريري «يأمل في أن يصبّ الدور الروسي في صالح دول المنطقة وشعوبها، وأن ينعكس ذلك إيجاباً على روسيا نفسها»، مشيراً إلى أن الحريري «سيدفع بهذا الاتجاه».
وشدد صقر، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، على «أهمية تحسين العلاقات الروسية مع لبنان، في إطار تحسين علاقاتها مع شعوب المنطقة»، لافتاً إلى أن رئيس الوزراء اللبناني «سيدلي بدلوه في الملف السوري لأن لبنان يتأثر إلى حدٍ كبير بالأزمة السورية، وقد سبق له أن تعرّض لاحتلال من قبل النظام السوري»، وتابع: «الرئيس الحريري لديه انفتاح كبير على الجانب الروسي لإيمانه بأن الدور الروسي مهم، وأهمية أن يكون دوراً متوازناً في المنطقة، يدرك أنه لا مستقبل لسوريا، ولا مستقبل لعلاقات روسية عربية قوية، بوجود بشار الأسد في السلطة».
كان الحريري قد أعلن، في تصريح له من باريس، غداة لقائه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أنه سيناقش مع الرئيس الروسي دور الأسد في المرحلة الانتقالية في سوريا، وأكد أن «العالم كلّه سيحاسب بشار الأسد على جرائمه في يوم من الأيام».
ورغم صعوبة تغيير موقف موسكو الداعم لرئيس النظام السوري، كشف عضو كتلة «المستقبل»، عقاب صقر، أن «القيادة الروسية تعترف بالكواليس أنه لا دور للأسد في مستقبل سوريا، لكن المشكلة تكمن في تأمين البديل، ومن سيكون البديل في المرحلة الانتقالية»، لافتاً إلى أن الحريري «سيشدد خلال لقائه بوتين على وحدة سوريا، أرضاً وشعباً».
وعن مدى قدرة الحريري على إقناع بوتين بالتخلي عن الأسد، في وقت عجزت فيه دول القرار عن تغيير موقف الكرملين، أوضح عقاب صقر أن الحريري «ليس لديه وهم بأنه قادر على تغيير موقف روسيا، لكنه سيبيّن لبوتين مخاطر بقاء الأسد على مستقبل سوريا ومستقبل لبنان، ومخاطره على العلاقات العربية الروسية»، مؤكداً أن رئيس الحكومة «لديه مبررات لذلك، وهذه المبررات نابعة من معطيات، وتأكد ذلك من دعم نظام الأسد لتنظيم (داعش)، وتقديم المساعدات لقافلة التنظيم على أطراف دير الزور، وهذا أفضل دليل على أن بشار الأسد خير داعم لـ(داعش)».
أما مدير «معهد المشرق للشؤون الاستراتيجية»، الدكتور سامي نادر، فرأى، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «قدرة الحريري على التغيير في الموقف الروسي ليست كبيرة، لكن موسكو تعرف أن الحريري يمثّل صوتاً عربياً وإقليمياً قوياً، يعبّر عن استحالة التوصل إلى تسوية في سوريا، مع بقاء الأسد في السلطة»، لافتاً إلى أن «موقف الحريري، الذي أطلقه من باريس ضدّ الأسد، جاء متناغماً مع موقف وزير الخارجية الفرنسي الهجومي على النظام السوري».
وشدد سامي نادر على أن «الروسي يريد الاستقرار في سوريا، لكنه يدرك أن هذا الاستقرار لن يتأمن مع استمرار الأسد، عدا عن أن الدعم الروسي للأسد مكلف سنيّاً، في وقت لا يستطيع فيه بوتين تجاهل ما تريده إيران»، واستدرك قائلاً: «مرحلة ما بعد (داعش) لن تكون كما قبلها، وهي ستشهد تمايزاً روسياً إيرانياً. وإذا ساءت العلاقة بين طهران وموسكو، فإن الأخيرة لن تتردد في بيع ورقة الأسد، مع الإبقاء على قواعدها ومصالحها في سوريا».
ويبدو أن الاستياء الإقليمي من دور إيران في سوريا بدأ يتعاظم، إذ توقف النائب عقاب صقر عند الموقف العراقي الجديد، واتهام الأسد و«حزب الله» بإرسال الإرهابيين إلى حدود العراق، بواسطة باصات مكيفة، مشيراً إلى أن «نظام الأسد يعيش على المتاجرة بورقة الإرهاب، وهو بحاجة إلى الإرهاب ليمارس إرهابه على الشعب السوري، وعلى دول الجوار»، وأوضح أن الروس «يقولون في الغرف المغلقة إنهم غير متمسكين بالأسد، لكنهم يتجنبون إثارة هذه المسألة عبر الإعلام، لكي لا يؤدي ذلك إلى انهيارات سريعة في صفوف جماعة النظام».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.