حماس تفرج عن معتقلين متهمين بالتخطيط لاغتيال هنية

ضمن تفاهمات الحركة مع دحلان و«لجنة المصالحة المجتمعية»

TT

حماس تفرج عن معتقلين متهمين بالتخطيط لاغتيال هنية

أفرجت الأجهزة الأمنية التابعة لحركة حماس في قطاع غزة، عن ثلاثة من عناصر حركة فتح، في سياق اتفاقاتها مع تيار محمد دحلان، القيادي المفصول من فتح، في مؤشر على تعميق التحالف بين الطرفين.
وقالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، إن عملية الإفراج تمت بموافقة المكتب السياسي لحماس وجهات أمنية في الحركة، على الرغم من أن المعتقلين كانوا اعتقلوا وأُدينوا بالتخطيط لتفجيرات وهجمات، منها محاولة اغتيال إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، الذي كان رئيس وزراء حكومة حماس آنذاك.
وأفرجت حماس عن كل من حسن محمد الزنط، وعاهد محمد أبو قمر، وصبحي أحمد أبو ضاحي، وجميعهم عناصر في أجهزة أمن حركة فتح من الموالين لدحلان.
وقال إياد البزم، الناطق باسم وزارة الداخلية: «تم الإفراج عن المعتقلين الثلاثة في إطار السعي المستمر لتحقيق أجواء المصالحة والتوافق الوطني، وضمن تفاهمات لجنة المصالحة المجتمعية». مضيفاً: «تمت تسوية قضاياهم بالتفاهم مع اللجنة، في سبيل أن يكون ذلك خطوةً على طريق تحقيق مصالحة مجتمعية شاملة، بما يعزز حالة الاستقرار الداخلي». وأضاف: «وزارة الداخلية والأمن الوطني تقف دائماً مع كل جهد يسعى لتحقيق الوحدة الوطنية، بما فيه الخير لشعبنا المناضل، ونتمنى أن تزول كل أسباب الفرقة والانقسام».
وكانت حماس اعتقلت الزنط، وهو من سكان مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة، في يناير (كانون الثاني) عام 2008. وعرض وزير الداخلية السابق لحكومة حماس، سعيد صيام، الذي اغتالته إسرائيل عام 2009 في الحرب الأولى على غزة، اعترافات الزنط ومجموعة من عناصر فتح، وقال إنهم خططوا لاغتيال رئيس الوزراء آنذاك، إسماعيل هنية، ووصف الزنط بأنه أبرز المخططين للعملية، وإنه تلقى تعليمات من قيادات أمنية في السلطة الفلسطينية بالضفة الغربية.
أما عاهد أبو قمر، وهو من سكان شمال قطاع غزة، فاعتُقِل مع مجموعة من عناصر الأمن الوقائي في شهر فبراير (شباط) عام 2015، وعرضت حماس اعترافات لهم بدعوى تخطيطهم لتنفيذ عمليات تفجير بغزة، ورصد أهداف للمقاومة بتعليمات من قيادات أمنية في السلطة برام الله.
أما صبحي أبو ضاحي، فاعتقل عام 2016، بتهمة تشكيل خلايا والتخابر مع رام الله، وهو ضابط برتبة مقدم في السلطة الفلسطينية.
وقال النائب عن حركة فتح ماجد أبو شمالة، المحسوب على تيار محمد دحلان: «إن عملية الإفراج عن المعتقلين الثلاثة سيتبعها خطوات أخرى من قبل حركة حماس، التي ستسمح بعودة 90 في المائة من الأشخاص الذين غادروا غزة إثر أحداث الانقسام عام 2006 - 2007».
وأضاف: «سنتلقى كشفاً من حماس حول المسموح بعودتهم إلى غزة، وسيبقى 10 في المائة سيسمح لهم بالعودة بعد الانتهاء من المصالحة المجتمعية».
وتابع: «تلقينا ردوداً إيجابية حول المعتقلين من فتح، وسيتم الإفراج عن بعضهم وتأخير الإفراج عن آخرين لحين إنهاء المصالحة المجتمعية، ومن عليه قضايا دم سينتظر حل المشكلة مع العائلات، ونحن جادون وحماس لديها جدية كبيرة للحل».
وتعد هذه الخطوة الثانية الأبرز في ملف المصالحة المجتمعية التي بدأتها حركة حماس مع تيار دحلان، بدفع ديات مالية تعويضاً لعوائل ضحايا من عناصر حركة فتح قُتِلوا خلال أحداث الانقسام، على يد عناصر من كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس.
ويشارك تيار دحلان في لجنة المصالحة المجتمعية التي أعلنت عن التوصل لتفاهمات جرى بموجبها الإفراج عن المعتقلين الثلاثة.
وجاء في بيان أن الإفراج تم «في إطار جهودها الوطنية لتعزيز وحدة الشعب الفلسطيني، واستناداً لوثيقة المصالحة المجتمعية ضمن اتفاق القاهرة الموقع في سبتمبر (أيلول) 2011، وعملاً على توفير الأجواء المطلوبة لإنجاز المصالحة المجتمعية».
وهنأت لجنة المصالحة المجتمعية المفرج عنهم، معربةً عن أملها في أن تكون هذه الخطوة عبارة عن فتح صفحة جديدة تسودها المودة والاحترام والشراكة، وأن يلتئم الشمل الفلسطيني تحت راية وطنية لمواجهة الاحتلال وتحقيق أهداف الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال، وفق نص البيان.
وتعمل اللجنة الآن على إحصاء أسماء وأعداد الضحايا والجرحى والمعتقلين في غزة، في إطار عملية تفعيل هذا الملف الشائك.
ونشرت اللجنة أمس إعلاناً حول تسوية قضايا دم اليوم، مع عائلات قُتِل أبناؤها في الاقتتال الداخلي، واحد من فتح والثاني من حماس.
ويظهر من أرقام موثقة، حصلت عليها «الشرق الأوسط» من جهات حقوقية، أن عدد القتلى الفلسطينيين من حركتي حماس وفتح، وكذلك بعض المدنيين الذين سقطوا في فترة الاقتتال المسلح الطويل، أكثر من 300 شخص، بينهم 160 شخصاً في الفترة الواقعة ما بين 10 و15 يونيو (حزيران) 2007، وهي الفترة التي تسميها فتح «فترة الانقلاب»، وتعدها حماس «فترة الحسم العسكري».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.