نواب في الكنيست يستأنفون اقتحام الأقصى بعد عامين من منعهم

اتهامات فلسطينية لإسرائيل بالتخطيط لتقسيمه وتحذيرات من حرب دينية

عناصر من الشرطة الإسرائيلية تقود أحد أعضاء الكنيست خلال اقتحام الأقصى أمس (رويترز)
عناصر من الشرطة الإسرائيلية تقود أحد أعضاء الكنيست خلال اقتحام الأقصى أمس (رويترز)
TT

نواب في الكنيست يستأنفون اقتحام الأقصى بعد عامين من منعهم

عناصر من الشرطة الإسرائيلية تقود أحد أعضاء الكنيست خلال اقتحام الأقصى أمس (رويترز)
عناصر من الشرطة الإسرائيلية تقود أحد أعضاء الكنيست خلال اقتحام الأقصى أمس (رويترز)

استأنف نواب إسرائيليون اقتحام المسجد الأقصى بعد نحو عامين على منعهم، في خطوة أثارت توتراً وغضباً فلسطينيين، واتهامات لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بالعمل على تقسيم المسجد ومن بعدها هدمه وجر المنطقة إلى حرب دينية.
وتقدم عضو الكنيست يهودا غليك المقتحمين إلى المسجد، ليكون أول نائب في الكنيست يفتتح موجة جديدة من الاقتحامات، ثم تبعته من أعضاء الكنيست شولي معلم، وحاخامات ومتطرفون، فيما امتنع أعضاء الكنيست العرب عن زيارة المسجد حتى لا يكون نتنياهو هو الذي يحدد لهم متى يزورونه.
وقال غليك: «أرسل الصلوات والتهاني من الحرم القدسي الشريف إلى رئيس الحكومة، متمنياً له أن ينجح في أعماله من أجل دولة إسرائيل. أرجو من الله أن يساعده هو وعقيلته على التخلص من كل التورطات والتحقيقات التي يتعرضان لها، وعلينا أن نكون أقوياء. نتنياهو رئيس حكومة جدير بالاحترام، ونحن نرغب في أن يواصل عمله أكثر فأكثر. أتقدم إليه وإلى عائلته من هذا الموقع».
وجاء الاقتحام الذي استمر لفترات على الرغم من الاستنفار الكبير للمصلين داخل الأقصى، ومظاهرات لليسار الإسرائيلي قرب المسجد ضد الاقتحامات. وقد حذر اليسار من الاقتحامات التي قال إنه لا داعي لها.
وقال أعضاء الكنيست من «القائمة المشتركة»، إن «نتنياهو لا يُقرر متى وكيف نزور الحرم القدسي الشريف». واتهم النائب أحمد الطيبي، عضو الكنيست من القائمة المشتركة، نتنياهو بالتخطيط لتقسيم المسجد زمانيا ومكانيا.
وقال الطيبي في مؤتمر صحافي: «إنهم يريدون تهويد القدس وتقسيم المسجد الأقصى. إنهم يضللون المجتمع الدولي والعالم». وتنفي إسرائيل نيتها إحداث أي تغيير على الوضع القائم في المسجد الأقصى. ودخل اليهود من باب المغاربة تحت حراسة إسرائيلية مشددة، وهتف المصلون ضد المقتحمين، فيما منعت الشرطة الإسرائيلية أي التحام بين الطرفين.
وكانت الحكومة الإسرائيلية، قررت السماح لعدد محدد من أعضاء الكنيست من اليهود ما وصفته بـ«زيارة» المسجد الأقصى أمس، كخطوة «تجريبية» لقياس مدى رد فعل الشارع الفلسطيني والعربي والإسلامي على مثل هذه الخطوة.
واتخذ رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، قراراه بناء على توصية من الشرطة الإسرائيلية بإلغاء أمر منع النواب والوزراء، الذي كان صدر في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2015، من زيارة الأقصى بسبب تقييم الأجهزة الأمنية، آنذاك، بأن اقتحام نواب ومسؤولين إسرائيليين للأقصى يزيد التوتر. وقال مسؤول في مكتب نتنياهو، إنه اتخذ قراره «بعد التشاور مع الأجهزة الأمنية في ضوء الهدوء وتحسن الوضع الذي يسود موقع جبل الهيكل»، وهي التسمية التي يطلقها الإسرائيليون على المسجد الأقصى. وجاءت الزيارة قبل أيام من عيد الأضحى المبارك الذي يصادف يوم الجمعة، الأول من شهر سبتمبر (أيلول)، الأمر الذي قد يثير توترا كبيرا.
وقال وزير الأوقاف والشؤون الدينية، يوسف أدعيس، إن سماح حكومة الاحتلال الإسرائيلي لأعضاء الكنيست وغلاة المستوطنين باقتحام المسجد الأقصى، «يشكل خطوة تصعيدية كبيرة ومتقدمة في اتجاه عودة الأمور إلى نقطة الصفر». مضيفا أن «أكثر من 100 اعتداء ارتكبها الاحتلال في المسجد الأقصى ودور العبادة الشهر الماضي».
ورفض أدعيس القرار واستنكره مع كل ما من شأنه أن يمس المسجد الأقصى. وقال إن «هذا القرار يأتي وسط تدنيس يومي للمسجد الأقصى وسياسة الحصار والحواجز والمنع والتهويد، وتواصل الاعتداءات على المصلين الآمنين فيه، والمحاولات الإسرائيلية الجادة لتقسيمه زمانيا ومكانيا، وصولا إلى هدمه وبناء الهيكل المزعوم مكانه».
وتابع: «المسجد الأقصى يتعرض كل يوم لاعتداء وتدنيس وسرقة آثاره وحفريات طالت أساساته، وأن الاقتحامات والاعتداءات على الأقصى ودور العبادة والمقامات هذا الشهر، تجاوزت الـ54، فيما وصلت إلى 700 منذ بداية العام».
وتابع أدعيس، أن «الاحتلال يسعى لتطويق مدينة القدس والمسجد الأقصى المبارك بالبناء الاستيطاني والكنس اليهودية، التي كان آخرها بمنطقة بطن الهوى، وتتويج ذلك على المستوى الرسمي للحكومة بقيام وزير الأمن الداخلي أردان بالتجول في أحياء بلدة سلوان جنوب الأقصى وزيارته للكنيس».
وحذر أدعيس من أن قرار الحكومة الإسرائيلية بالسماح لأعضاء الكنيست باقتحام المسجد الأقصى «ينذر بعواقب وخيمة، ويدل على سعي الاحتلال لتوتير الأجواء». ودعا أدعيس إلى النفير للأقصى من أجل حمايته. كما رفضت المرجعيات الدينية وشخصيات وطنية الخطوة الإسرائيلية.
ودعت المرجعيات الدينية في مدينة القدس، الفلسطينيين، إلى شد الرحال إلى المسجد الأقصى بشكل مستمر، خلال الأيام المقبلة. وقالت إن القرار الصادر عن الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة، بالسماح لأعضاء الكنيست باقتحام الأقصى، «هو قرار استفزازي غير شرعي وغير قانوني وغير إنساني، وهو صادر عن سلطة غير مسؤولة، فالأقصى للمسلمين وحدهم».
وأضافت أن «التجاوزات والاعتداءات الاحتلالية لم ولن تكسب اليهود أي حق في المسجد الأقصى المبارك».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.