صفقة «حزب الله» و«داعش» تعمّق الانقسام اللبناني

خبير استراتيجي يرجّح تداعيات أمنية وسياسية لنتائجها

TT

صفقة «حزب الله» و«داعش» تعمّق الانقسام اللبناني

عمّقت الصفقة التي أبرمها «حزب الله» مع تنظيم داعش، وأفضت إلى إخراج مقاتليه من الحدود اللبنانية - السورية، ونقلهم برعاية النظام السوري إلى مدينة البوكمال في دير الزور، الانقسام الداخلي، وفتحت الوضع على مزيد من السجال السياسي عالي النبرة.
وقلل القيادي في «تيار المستقبل» مصطفى علوش، من الارتدادات السلبية للعملية على لبنان، وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «الصفقة ستزيد من تمسك المجتمع الدولي بدعم الجيش اللبناني وتقويته»، مشيراً إلى أن «دول القرار تعرف أن لبنان مخطوف من (حزب الله)، وهي لن تعاقب الدولة اللبنانية على ما يجنيه الأخير». وقال: «الصفقة الأخيرة قطعت الشك باليقين، حيال وجود قطبة مخفية بين (داعش) ونظام بشار الأسد»، لافتاً إلى أن «السجال الداخلي سيستمر، والكل يعرف أن الحزب يتحرك بخيارات إيرانية بحتة، وما دفع نصر الله إلى رفع سقف هجومه على القوى الأخرى، هو الإجماع الذي تحقق حول الجيش، والذي وجه ضربة قاضية لثلاثية الجيش والشعب والمقاومة».
ورغم الأسباب التي ساقها أمين عام «حزب الله» في خطابه مساء أول من أمس لتبرير الصفقة وشرح مسوغاتها، فإن هذا الكلام لم يقنع أهالي العسكريين الذين اختطفهم تنظيم داعش وسلّم رفاتهم قبل مغادرته الجرود اللبنانية، حيث سأل حسين يوسف، والد الجندي المخطوف محمد يوسف: «بأي حق يسمح لقتلة الجنود اللبنانيين، بمغادرة لبنان بدل القبض عليهم وتقديمهم للعدالة؟ وكيف قدمت التسهيلات لانتقال هؤلاء إلى دير الزور، حتى قبل التثبت من أن الرفات الذي تسلمه الجيش يعود للعسكريين المخطوفين؟». وقال: «لن نسامح على هذه الصفقة، التي لم تحفظ للعسكريين تضحياتهم ولم تراعِ عذابات أهلهم».
ولا يزال رفات الجثامين الثمانية التي تسلمها الجيش اللبناني، يخضع لفحوص الحمض النووي، للتثبت علمياً مما إذا كان عائدا للعسكريين الذين كانوا مختطفين لدى «داعش» منذ 2 أغسطس (آب) 2014. وأعلن المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، أن الرفات يعود للجنود اللبنانيين، وهو شبه متأكد من ذلك، ويبقى للفحوص المخبرية أن تحسم هذه المسألة.
أما في التداعيات السياسية للقضية، فقد استنكرت كتلة «المستقبل» النيابية، ما سمته «الموقف المخادع الذي اعتمده (حزب الله) تجاه الفصل الأخير، من المواجهة التي خاضها ببطولة ومهنية عالية الجيش اللبناني ضد التنظيم الإرهابي (داعش) في جرود القاع وراس بعلبك». وقالت الكتلة في بيان بعد اجتماعها الأسبوعي أمس: «حاول (الحزب) وعبر حديث أمينه العام، جرّ الدولة اللبنانية لتنسيق علني مع النظام السوري فيما يقوم الحزب والنظام السوري بالتفاوض مع (داعش) على جثامين شهداء الجيش اللبناني، على هامش مفاوضاتهم لاسترجاع أسراهم وجثامين قتلاهم، ومن هؤلاء جثمان الأسير التابع للحرس الثوري الإيراني، وذلك حسب ما أذاعته وكالة أنباء (فارس)».
وأضافت كتلة «المستقبل»: «يبدو أن النظام السوري و(حزب الله) يتشاركان مع (داعش) في كثير من الأمور، علما بأن الحزب كان يعترض بشدة في السابق على أي نوع من أنواع التفاوض لإطلاق العسكريين اللبنانيين في عام 2014».
من جهته، أشار رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع إلى أنه لم يفهم سرّ الصفقة التي تمت بين «حزب الله» و«داعش». ورأى أن «ما يدحض نظرية أن الصفقة تمت لمعرفة مصير العسكريين المخطوفين، هو أن (داعش) كان مطوقاً من كل الجهات، وبالتالي لو تم الإطباق عليه لكان وقع المئات من عناصره في الأسر، مما كان سيؤدي حكماً إلى معرفة مصير العسكريين المخطوفين»، عادّاً أن الحزب «كان قادراً على إبرام الصفقة بعد أن يطرد الجيش اللبناني (داعش) كلياً من الأراضي اللبنانية، وليس قبل ذلك كما جرى».



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.