رئيس البرلمان العراقي: عدم السماح بعودة النازحين غير أخلاقي

القضاء يدين وزير المالية الأسبق رافع العيساوي

TT

رئيس البرلمان العراقي: عدم السماح بعودة النازحين غير أخلاقي

في أوضح رد من مسؤول أعلى سلطة تشريعية في البلاد على قرار مجلس محافظة بابل الذي صدر الأسبوع الماضي، وقضى بـ«مقاضاة المطالبين بعودة المهجرين في جرف الصخر»، وجه رئيس مجلس النواب سليم الجبوري انتقادات لاذعة إلى القرار، معتبراً أن أي «قرار يصدر عن أية جهة في عدم السماح بعودة النازحين هو غير دستوري، ومجافٍ للمنطق أو الأخلاق».
كلام الجبوري جاء خلال مؤتمر صحافي عقده في بغداد أمس، وتناول فيه القضايا المتعلقة بمجلس النواب، والحرب ضد «داعش»، وقضية النازحين. لكن الجبوري لم يشر إلى الحكم القضائي الصادر بحق وزير المالية الأسبق رافع العيساوي و3 من مساعديه السابقين بتهمة «الإهدار المتعمد للمال العام».
واعتبر الجبوري أن ما «تحقق في تلعفر إنجاز كبير تقر به العين، وأن (داعش) انكسر جناحه في العراق، وفقد قوته»، مشيراً إلى استعادة العراق لمكانته في صناعة القرار على المستويين العربي والإقليمي، وأنه تمكن من «تجاوز مرحلة الصراع الطائفي والمجتمعي».
وبشأن ملف النازحين، أشار الجبوري إلى عدم وجود «أي مبرر لعدم السماح بعودة عوائل نازحة مضى على تحرير مدنها أكثر من سنتين»، معتبراً أن «أي قرار يصدر عن أية جهة بعدم السماح بعودة النازحين هو غير دستوري، ومجافٍ للمنطق أو الأخلاق»، في إشارة إلى النازحين في منطقة جرف الصخر.
وحول التشريعات والإنجازات التي قام بها مجلس النواب في دورته الحالية، قال الجبوري: «أنجزنا تشريعات هامة بقيت في أدراج مجلس النواب لثمانية سنين، ومارسنا عملنا الرقابي بطريقة غير مسبوقة، حيث أحلنا جميع الملفات والقضايا التي تم الحديث عنها في وسائل الإعلام إلى الجهات القضائية المختصة للنظر فيها».
ودعا من سماهم «العقلاء» في محافظة ديالى المضطربة، التي ينحدر الجبوري منها، إلى «الحوار من أجل الحفاظ على استقرار المحافظة، لأننا نعتقد أن التنازع السياسي في أي محافظة سيكون منفذاً للاضطراب والانفلات الأمني، وهو ما لن نسمح به».
وتناول الجبوري الاضطرابات الأمنية في كركوك، ومنها قيام جماعات مسلحة بقتل امرأتين في المحافظة، وشدد على أن «كركوك ترتبط أمنياً وإدارياً بالحكومة الاتحادية»، داعياً إلى ضرورة «عدم السماح للعصابات الإجرامية بخلط الأوراق في كركوك، عبر استهداف الأبرياء أو اختطاف النساء أو إجبار العوائل على النزوح».
ولفت الجبوري إلى ضرورة توفير الأمن والاستقرار، وإعادة النازحين، باعتبارها إجراءات ضرورية ولازمة لإجراء الانتخابات المقبلة ونجاحها، معتبراً «عمل مفوضية الانتخابات سينتهي الشهر المقبل، وسيتم تشكيل مفوضية جديدة».
من جهة أخرى، أصدرت المحكمة المختصة بالنظر في قضايا النزاهة قرارات حكم بالإدانة، اكتسب بعضها الدرجة القطعية، بحق وزير المالية الأسبق رافع العيساوي و3 من مساعديه. ولم يذكر الكتاب الصادر عن مكتب المفتش العام في وزارة المالية اسم الوزير، لكن مصدراً في هيئة النزاهة أكد لـ«الشرق الأوسط» أن الوزير المشار إليه هو رافع العيساوي، الذي تولى منصبه عام 2010، ثم أصدرت حكومة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي أوامر قبض بتهم إرهاب ضده، فاضطر إلى مغادرة العراق. ولا يستبعد المصدر «الدوافع السياسية التي تقف وراء إصدار الحكم»، ذلك أن «الأحكام القضائية الغيابية لا تأخذ درجة الحكم القطعي عادة».
وذكر الكتاب الصادر عن مكتب المفتش العام في وزارة المالية أن المحكمة المختصة أصدرت «قرارات حكم بالإدانة، بعضها اكتسب الدرجة القطعية، بحق وزير المالية الأسبق و3 من الدرجات الخاصة فيها (الوزارة)، علاوة على حجز الأموال المنقولة وغير المنقولة، وإصدار أوامر قبض بحقهم». واستناداً إلى البيان، فإن العقوبات تتراوح بين الحبس لمدة سنة واحدة و7 سنوات، ذلك أن «المتهمين قاموا بإحداث ضرر عمدي بأموال الجهة التي كانوا يعملون فيها (وزارة المالية)، وهدر بالمال العام يقدر بمليارات الدنانير».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.