اشتباكات صنعاء تعيد خلط أوراق الانقلاب

هدوء حذر وسط انتشار أمني غداة مناوشات غير مسبوقة في العاصمة اليمنية

عناصر أمنية حوثية في واحدة من عشرات نقاط التفتيش التي يقيمونها في صنعاء غداة اشتباكات مع أتباع صالح (إ.ب.أ)
عناصر أمنية حوثية في واحدة من عشرات نقاط التفتيش التي يقيمونها في صنعاء غداة اشتباكات مع أتباع صالح (إ.ب.أ)
TT

اشتباكات صنعاء تعيد خلط أوراق الانقلاب

عناصر أمنية حوثية في واحدة من عشرات نقاط التفتيش التي يقيمونها في صنعاء غداة اشتباكات مع أتباع صالح (إ.ب.أ)
عناصر أمنية حوثية في واحدة من عشرات نقاط التفتيش التي يقيمونها في صنعاء غداة اشتباكات مع أتباع صالح (إ.ب.أ)

شهدت صنعاء اشتباكات غير مسبوقة بين الحوثيين وصالح، أظهرت تبعاتها «شللاً في مؤسسات الانقلاب» الذي استحدثها منذ سبتمبر (أيلول) 2014.
وقتل ضابط برتبة عقيد في القوات الموالية لصالح، ومسلحان من المتمردين الحوثيين، ووضعت صنعاء على حافة حرب جديدة، وسط ترجيحات بأنها تحسب أيضا على أنها «إعادة ترتيب أوراق بين طرفي الانقلاب».
وسبق لمحللين وسياسيين أن وصفوا تبعات تجمع «المؤتمر الشعبي» الخميس الماضي بأنها «تأجيل لاشتباكات مؤجلة»، ولم يمض أكثر من 48 ساعة حتى بدأت أولى مراحل الاشتباك.
ورغم هدوء حذر قالت وكالات الأنباء أمس إنه يشوب صنعاء، فإن الانتشار الأمني يظهر لافتا وجليا في عدة مفاصل في العاصمة اليمنية.
وكشف البرلمان الخاضع لسلطة الانقلاب في صنعاء؛ فريقي الحوثي وصالح، عن الشلل القائم، بحضهما على «تنفيذ المعاهدات الموقعة»، فضلا عن مطالبته بضرورة أن يعرف ماهية المعاهدات التي أورد أنها لم تمر على البرلمان.
ويصف الباحث السياسي اليمني نجيب غلاب ما حصل في صنعاء في اتصال مع «الشرق الأوسط» بأنه «تفجير للأزمة لإعادة ترتيب أوراق الانقلاب».
ويفتح الشرخ الذي ورد في بيان البرلمان ونشره الموقع الإلكتروني لـ«المؤتمر الشعبي» العام أمس، باب التساؤلات حول خيارات كل من الفريقين اللذين أخذ يتصاعد خلافهما ويتجاوز الأبواب المغلقة.
يقول سام الغباري، الكاتب والسياسي اليمني، إن «أبرز معاهدات لم يلتزم بها الحوثي تكمن في المجلس السياسي الذي أفرغه الحوثيون من جدواه، وحتى الحكومة صارت مجرد سلطة كرتونية، وبالطبع علينا أن نتذكر أولا أن (المؤتمر) رفض الإعلان الدستوري في فبراير (شباط) 2015، ومسألة تغيير المناهج، وكل الاتفاقات الخاصة بتقاسم سلطة الانقلاب».
ويضيف في اتصال مع «الشرق الأوسط»: الحوثيون لا يلتزمون بأي اتفاقية منذ عام 2004».
وخرج القيادي في «المؤتمر الشعبي العام» خالد الشجاع بمنشور في صفحته على «فيسبوك» ليصف الحوثيين بالقول: «نحن أمام لوثة فكرية يجب التخلص منها مثلما تم التخلص من (القاعدة) و(طالبان)، و(داعش) في الموصل». وأضاف: «تتغذى هذه الجماعة (يقصد الحوثيين) على استمرار الصراع بين الأحزاب والقوى السياسية اليمنية واستمرار الحرب».
وبالعودة إلى اشتباكات صنعاء التي وقعت بحي جولة المصباحي جنوب العاصمة مساء أول من أمس، فإن حزب «المؤتمر الشعبي العام» الذي يتزعمه الرئيس السابق قال في بيان إن العقيد خالد الرضي تعرض «للغدر والنهب» في حي جولة المصباحي «أثناء عودته من مقر عمله متوجها إلى بيته».
ويربط الغباري مقتل خالد الرضي في صنعاء، بمشهد مكرر للتحرك العسكري للحوثيين عندما طوقوا سلطة هادي في عام 2014. ويقول: «كل ضربة كان يتلقاها رجال هادي يسارع الحوثيون إلى الاعتذار ثم التقدم، والتقدم وتنفيذ ضربة جديدة ثم الاعتذار.
وكان الرضي أحد خبراء القوات الخاصة وجهاز مكافحة الإرهاب حتى عام 2012. وعين قبل نحو 6 أشهر من قبل «المؤتمر الشعبي» العام نائبا لرئيس دائرة العلاقات الخارجية.
ولم يسم البيان المتمردين الحوثيين، مكتفيا بالإشارة إلى أنه قتل على يد «جماعة لا تعرف الأخلاق والعهود والمواثيق»، عادّاً أن «السكوت عن هذه الحادثة قد يفتح الباب لجرائم كثيرة من هذا النوع إذا تم التهاون مع القتلة».
أمام ذلك، قال المتمردون الحوثيون، بحسب ما نقلت عنهم وكالة الأنباء «سبأ» المؤيدة لهم، إن «عناصر مسلحة» قامت مساء السبت بمهاجمة نقطة أمنية في حي جولة المصباحي، وإن اثنين من أفراد الأمن واللجان الشعبية (المسلحون الحوثيون) قتلا جراء الاعتداء على النقطة الأمنية. وزعمت الوكالة أنه يجري حاليا استكمال حل المشكلة وأنه لا يوجد ما يبعث على القلق.
ونقلت «الصحافة الفرنسية» عن مراسلها في صنعاء أن الهدوء يعم المدينة، إلا إن هناك معلومات غير مؤكدة تفيد بأن الحوثيين يتجهون نحو منع قيادات حزب صالح من مغادرة العاصمة.
كما ذكر شهود أن القوات الموالية لصالح نفذت ظهر أمس الأحد انتشار أمنيا كثيفا في حي جولة المصباحي وفي المنطقة المحيطة به والتي تشمل حي حدة وميدان السبعين وقصر الرئاسة.
«الخلاف عميق جداً وقد كان مدفوناً تحت الرمال في السابق، وكل طرف منهم يجامل الآخر ويده على الزناد»، وفقا لسام الغباري؛ الذي أضاف أن «صالح يعرف جيداً أن الحوثيين يحملون مشروعاً سلالياً واضحاً، يقدس العرق الهاشمي ويمنحهم أحقية الولاية والحُكم المطلق في قيادة الدولة وفي مختلف عموم الوظائف والإدارات الحكومية».
وتشهد صنعاء منذ أسابيع توترات بين القوات المؤيدة لصالح والحوثيين الشيعة الذين يسيطرون على العاصمة اليمنية منذ سبتمبر 2014. والخميس الماضي، أحيا مئات آلاف اليمنيين من مناصري صالح في المدينة الذكرى الـ35 لتأسيس حزبه، في استعراض كبير للقوة.
وعكست أعداد المناصرين النفوذ الكبير الذي لا يزال يتمتع به صالح و«المؤتمر»؛ الحزب الذي حافظ على حضوره القوي رغم النزاع المسلح وحركة الاحتجاج التي أجبرت زعيمه قبل 5 سنوات في فترة «الربيع العربي» على مغادرة السلطة بعدما حكم البلاد لعقود.
بيد أن مراقبين وصفوا صالح بأنه مراوغ، وذهبوا إلى أنه «خدع أتباعه بتصعيد أعقبته تهدئة، وخيب آمالهم بنفوذ أقوى ضد الجماعة الحوثية التي بدأت تعاملهم بدونية وتفرض عليهم ثقافتها وسيطرتها».
وظهرت إلى العلن بوادر انشقاق بين صالح والمتمردين الشيعة بعدما اتهمه هؤلاء بـ«الغدر»، مؤكدين أن عليه تحمل تبعات وصفه لهم بـ«الميليشيا».
ويشير الغباري إلى أن صالح بات الآن أمام خيارين: «المشروع الحوثي الذي يستنسخ التجربة الخمينية بمؤسسات تتبع الولي الفقيه، ومشروع الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي المؤسس لليمن الاتحادي»، وزاد: «لكن أن يعتقد علي صالح بهذه المعمعة والفوضى أنه يستعيد نظامه السابق، فالأمر صار مستحيلا، خصوصا بعد إظهار خلافه مع الحوثيين إلى العلن بعدما كان مستترا».


مقالات ذات صلة

انعدام الأمن الغذائي يتفاقم في 7 محافظات يمنية

المشرق العربي الأمم المتحدة تخطط للوصول إلى 12 مليون يمني بحاجة إلى المساعدة هذا العام (إ.ب.أ)

انعدام الأمن الغذائي يتفاقم في 7 محافظات يمنية

كشفت بيانات أممية عن تفاقم انعدام الأمن الغذائي في 7 من المحافظات اليمنية، أغلبها تحت سيطرة الجماعة الحوثية، وسط مخاوف من تبعات توقف المساعدات الأميركية.

محمد ناصر (تعز)
المشرق العربي الشراكات غير العادلة في أعمال الإغاثة تسبب استدامة الأزمة الإنسانية في اليمن (أ.ف.ب)

انتقادات يمنية لأداء المنظمات الإغاثية الأجنبية واتهامات بهدر الأموال

تهيمن المنظمات الدولية على صنع القرار وأعمال الإغاثة، وتحرم الشركاء المحليين من الاستقلالية والتطور، بينما تمارس منظمات أجنبية غير حكومية الاحتيال في المساعدات.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي لقاء نسوي حوثي في صنعاء حول مهام الزينبيات في شهر رمضان (إعلام حوثي)

رمضان... موسم حوثي لتكثيف أعمال التعبئة والتطييف

تستعد الجماعة الحوثية لموسم تعبئة وتطييف في شهر رمضان بفعاليات وأنشطة تلزم فيها الموظفين العموميين بالمشاركة وتستغل المساعدات الغذائية بمساهمة من سفارة إيران.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي مضامين طائفية تغلب على رسائل الشهادات العليا في جامعة صنعاء تحت سيطرة الحوثيين (إكس)

انقلابيو اليمن يعبثون بالشهادات الجامعية ويتاجرون بها

أثار حصول القيادي الحوثي مهدي المشاط على الماجستير سخرية وغضب اليمنيين بسبب العبث بالتعليم العالي، بينما تكشف مصادر عن تحول تزوير الشهادات الجامعية لنهج حوثي.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي القوات اليمنية نجحت بشكل محدود في وقف تدفق المهاجرين الأفارقة (إعلام حكومي)

15 ألف مهاجر أفريقي وصلوا إلى اليمن خلال شهر

رغم الإجراءات التي اتخذتها الحكومة اليمنية للحد من الهجرة من «القرن الأفريقي»، فإن البلاد استقبلت أكثر من 15 ألف مهاجر خلال شهر يناير الماضي.

محمد ناصر (تعز)

الشرع يؤكد للسيسي حرصه على بدء صفحة جديدة من العلاقات مع الدول العربية

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يستقبل الرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع خلال القمة العربية الطارئة بالعاصمة الإدارية الجديدة في مصر 4 مارس 2025 (أ.ب)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يستقبل الرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع خلال القمة العربية الطارئة بالعاصمة الإدارية الجديدة في مصر 4 مارس 2025 (أ.ب)
TT

الشرع يؤكد للسيسي حرصه على بدء صفحة جديدة من العلاقات مع الدول العربية

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يستقبل الرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع خلال القمة العربية الطارئة بالعاصمة الإدارية الجديدة في مصر 4 مارس 2025 (أ.ب)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يستقبل الرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع خلال القمة العربية الطارئة بالعاصمة الإدارية الجديدة في مصر 4 مارس 2025 (أ.ب)

أكد الرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي حرصه على بدء صفحة جديدة من العلاقات مع الدول العربية وخاصة مصر، وذلك خلال لقاء جمعهما على هامش القمة العربية الطارئة بالقاهرة، اليوم (الثلاثاء).

من جهته، دعا الرئيس المصري إلى إطلاق عملية سياسية شاملة تضم كافة مكونات الشعب السوري خلال لقائه الشرع. وقال المتحدث باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي، إن السيسي أكد في لقائه مع الشرع حرص مصر على دعم الشعب السوري «ومراعاة إرادته واختياراته لتحقيق الاستقرار والتنمية». وأضاف أن السيسي شدد خلال الاجتماع على أهمية إطلاق عملية سياسية شاملة «لا تقصي طرفاً». وأوضح المتحدث أن الرئيس المصري شدّد على حرص مصر على وحدة الأراضي السورية وسلامتها وعلى «رفض مصر لأي تعدٍ على الأراضي السورية».

وذكرت الرئاسة المصرية أن الرئيس السوري أكّد حرصه على «بدء صفحة جديدة من علاقات الأخوة مع الدول العربية، وخاصة مصر».