النظام يدخل حدود دير الزور... وموسكو تعلن إنهاء أقوى مجموعة لـ«داعش»

«سوريا الديمقراطية» تتقدم وسط الرقة وهجوم انتحاري ضدها في الحسكة

عناصر من «مجلس دير الزور العسكري» المكون من عشائر عربية تحارب «داعش» تحت راية «سوريا الديمقراطية» قرب بلدة الشدادي الجمعة الماضي (أ.ف.ب)
عناصر من «مجلس دير الزور العسكري» المكون من عشائر عربية تحارب «داعش» تحت راية «سوريا الديمقراطية» قرب بلدة الشدادي الجمعة الماضي (أ.ف.ب)
TT

النظام يدخل حدود دير الزور... وموسكو تعلن إنهاء أقوى مجموعة لـ«داعش»

عناصر من «مجلس دير الزور العسكري» المكون من عشائر عربية تحارب «داعش» تحت راية «سوريا الديمقراطية» قرب بلدة الشدادي الجمعة الماضي (أ.ف.ب)
عناصر من «مجلس دير الزور العسكري» المكون من عشائر عربية تحارب «داعش» تحت راية «سوريا الديمقراطية» قرب بلدة الشدادي الجمعة الماضي (أ.ف.ب)

دخلت قوات النظام السوري يوم أمس حدود محافظة دير الزور من محور مدينة السخنة حيث بات يفصلها عن المدينة ما لا يزيد على 65 كيلومترا. وفي وقت استمرت فيه قوات سوريا الديمقراطية بالتقدم في وسط مدينة الرقة بينما كانت مراكزها هدفا لهجوم عنيف لانتحاريين من عناصر «داعش» في جنوب الحسكة حيث سجّل سقوط عدد من القتلى والجرحى.
وأعلنت وزارة الدفاع الروسية «إن مجموعة من قوات النظام بقيادة الجنرال سهيل الحسن تتقدم نحو دير الزور لفك الحصار عن المدينة، مشيرة في بيان لها، إلى «أن وحدات القوات الحكومية السورية تمكنت من القضاء على أقوى مجموعة لتنظيم داعش بمنطقة غانم علي بوادي نهر الفرات، في ريف الرقة الشرقي، وذلك بدعم من سلاح الجو الروسي». ولفتت إلى أنه «تمت تصفية أكثر من 800 إرهابي، بالإضافة إلى إعطاب 13 دبابة، و39 سيارة دفع رباعي مزودة برشاشات ثقيلة وتسع وحدات من وحدات المدفعية الثقيلة وقذائف الهاون».
وشكّك كل من رامي عبد الرحمن مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان وأحمد الرمضان، مدير موقع «فرات بوست» بعدد قتلى التنظيم الذي أعلنت وزارة الدفاع الروسية عن سقوطهم في محيط الرقة واصفين إياها بـ«المبالغ بها»، وقال الرمضان لـ«الشرق الأوسط»: «في الرقة ومحيطها هناك ما لا يزيد على 1200 عنصر من تنظيم داعش، وبالتالي لا يمكن أن يتعدى عدد القتلى في هذا الهجوم العشرات».
ووضعت وزارة الدفاع الروسية تقدم قوات النظام نحو دير الزور في خانة التحضير لتحريرها، وهو ما أشار إليه مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمن قائلا لـ«الشرق الأوسط»، إن «هذا التقدم يأتي في سياق التحضير للمعركة بعد إنهاء البادية أو إشغال التنظيم في دير الزور قبل الانتهاء من ريف حمص الشرقي».
في المقابل، اعتبر الرمضان أنه لا يمكن وضع هذا التقدم ضمن بداية معركة دير الزور، موضحا: «معركة دير الزور لا يمكن أن تبدأ من محور واحد نظرا لصعوبتها، علما بأنه لغاية الآن لم يتم التوافق على الجهة التي ستتولاها»، معتبرا في الوقت عينه أن تولي (سوريا الديمقراطية) هذه المهمة ليس أمرا سهلا، نتيجة الخلافات بينها وبين العشائر العربية في المنطقة.
يجدر بالذكر أن فصائل معارضة عدة كانت قد أعلنت قبل أيام توحّدها وبدء الاستعداد لمعركة دير الزور من جهة البادية السورية، بين التنف وريف دمشق الشرقي منطلقا لعملياتها.
وأمس أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، أنه و«ضمن العمليات الأولى لاستعادة دير الزور دخلت قوات النظام حدود المحافظة من محور السخنة، بحيث بات يفصلها نحو 65 كلم عن المدينة». وأوضح «إن هذا التقدم تحقق عقب اشتباكات مع تنظيم داعش ترافقت مع قصف مكثف من قبل قوات النظام والطائرات الحربية على محاور القتال»، مشيرا إلى تسجيل تقدم على مسافة نحو 25 كلم، شمال شرقي مناطق تمركز التنظيم على بعد نحو 36 كلم من مدينة السخنة في بادية حمص الشرقية، وذلك تمهيداً لاستعادة المناطق التي يسيطر عليها «داعش» في المحافظة حيث يفرض التنظيم سيطرته على غالبيتها باستثناء مناطق في مدينة دير الزور ومحيطها. إذ تسيطر قوات النظام من جهة محطة «تي تو» ومن جهة السخنة ومن جهة ريف الرقة الشرقي في حين تسيطر «قوات سوريا الديمقراطية» على مناطق في الريف الشمالي الغربي للرقة.
وفي جنوب الحسكة، هزت انفجارات ناجمة عن هجوم من قبل عناصر «داعش» مدينة الشدادي التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية، وأشار المرصد إلى أن اشتباكات عنيفة دارت بين المهاجمين ومقاتلي قوات سوريا الديمقراطية، ترافقت مع تفجير أكثر من 6 عناصر من «داعش» لأنفسهم بأحزمة ناسفة، مستهدفين مواقع «سوريا الديمقراطية»، حيث سجلت خسائر بشرية فيما استمرت عمليات التمشيط في أطراف المدينة، للتأكد من عدم وجود عناصر متوارين من التنظيم، كما قتل عدد من عناصر من المهاجمين قبيل تمكنهم من تفجير أنفسهم، ولفت المرصد إلى أن العناصر المهاجمين عمدوا إلى ارتداء زي عسكري مشابه لزي قوات سوريا الديمقراطية لتسهيل عملية التسلل.
في موازاة ذلك، استمرت الاشتباكات بشكل عنيف بين قوات سوريا الديمقراطية وعناصر «داعش» على محاور في أحياء مدينة الرقة القديمة وفي وسطها. وقال المرصد: «بدأت سوريا الديمقراطية هجوماً جديداً، تهدف من خلاله لتحقيق المزيد من التقدم لتقليص نطاق منطقة التنظيم الذي بات يسيطر على نحو 39 في المائة من مساحة مدينة الرقة». وأكد «المرصد» أمس، أن «سوريا الديمقراطية» تقدمت في جنوب حي نزلة شحادة وسيطرت على القسم الجنوبي من حي المرور «الحرامية»، في وسط المدينة، فيما ترافقت الاشتباكات العنيفة مع قصف مكثف من قبل قوات عملية «غضب الفرات» ومن طائرات التحالف الدولي على مناطق في المدينة، مشيرا إلى مقتل وإصابة العشرات من الطرفين في هذه الاشتباكات العنيفة.
وكان المرصد السوري أعلن قبل ثلاثة أيام أنه ومنذ انطلاقة معركة الرقة الكبرى في 6 يونيو (حزيران) الماضي وحتى 23 أغسطس (آب)، من السيطرة على مساحة تقدر بـ60.1 في المائة من مدينة الرقة والتي تقدر بـ17.6 كلم مربع من مساحة المدينة، فيما تبقى للتنظيم مساحة تقدر بنحو 39.9 في المائة من مساحة المدينة، والمقدرة بنحو 11.7 كلم مربع.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.