جولة مفاوضات جديدة حول «بريكست» وسط انتقادات متبادلة

«العمال» البريطاني يدعم البقاء مؤقتاً داخل السوق المشتركة

ناشطون رافضون لـ«بريكست» يرفعون علم الاتحاد الأوروبي على قارب في نهر التيمس الأسبوع الماضي (إ.ب.أ)
ناشطون رافضون لـ«بريكست» يرفعون علم الاتحاد الأوروبي على قارب في نهر التيمس الأسبوع الماضي (إ.ب.أ)
TT

جولة مفاوضات جديدة حول «بريكست» وسط انتقادات متبادلة

ناشطون رافضون لـ«بريكست» يرفعون علم الاتحاد الأوروبي على قارب في نهر التيمس الأسبوع الماضي (إ.ب.أ)
ناشطون رافضون لـ«بريكست» يرفعون علم الاتحاد الأوروبي على قارب في نهر التيمس الأسبوع الماضي (إ.ب.أ)

تبدأ اليوم في بروكسل جولة مفاوضات جديدة بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي بشأن «بريكست»، على أن تمتد حتى نهاية الأسبوع، وهي الثالثة من نوعها منذ انطلاق محادثات الخروج في 29 يونيو (حزيران) الماضي.
وتنتاب المفاوضين الأوروبيين حالة من «الإحباط والارتياب»، وفق مصدر في المفوضية الأوروبية؛ لأن لندن برأيهم تكثر من إعلان المبادئ العامة من دون الدخول في تفصيل الآليات التطبيقية. أما الجانب البريطاني، فيتحدث عن «غموض بناء» سيرى الأوروبيون نتائجه الإيجابية لاحقاً.
ويؤكد مصدر في بروكسل، أنه رغم نشر بريطانيا الأسبوع الماضي وثائق فيها بعض الإيضاحات، فإن الالتباسات كثيرة، ولا شيء واضحاً بعد بشأن عدد من المسائل الجوهرية. والأغرب من وجهة نظر بروكسل هو التهرب البريطاني من الموافقة على الأجندة الأوروبية القائمة على المادة 50 من معاهدة لشبونة التي تحكم خروج أي عضو من الاتحاد. فوفقاً لهذه المادة، يجب قبل نهاية أكتوبر (تشرين الأول) تحديد أسس الطلاق بشكل واضح تماماً، على أن تبدأ بعد ذلك مفاوضات أخرى حول العلاقة المستقبلية بين الطرفين، ثم تتويج كل ذلك بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في 2019.
ويقول المصدر الأوروبي: إن «لندن تتصرف كما لو أن المادة 50 غير ملحة، ولا تستعجل في الرد على ضرورة احترام التوقيت الخاص بالطلاق أولاً. لذا نرى اختلافاً في أولويات كل طرف. وتتعمد بريطانيا خلط جملة من الموضوعات، ما يدل على رغبة واضحة لديها في تجاوز توقيت أكتوبر المقبل من دون إعلان أسس الانفصال كما يريد الأوروبيون وفقاً للمادة 50 التي تحولت إلى قانون ملزم منذ 2009.
ومن أمثلة الالتباسات، تذكر المصادر، أن هذه الجولة من المفاوضات تطرح قضية إعادة الحدود الفاصلة بين شطري آيرلندا. وهناك تفاهم لدى الجميع يعترف بأن الحدود إذا عادت ستهدد اتفاقات السلام بين شمال آيرلندا وجنوبها. لذا؛ اقترحت لندن ترك الحدود مفتوحة في إطار اتفاق أكبر خاص بالعلاقة التجارية بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي. لكن بروكسل تخشى هذا السيناريو، لأنه يأخذ اتفاقات السلام الآيرلندية «رهينة» في مفاوضات «بريكست»، فتظهر لندن كما لو أنها متحكمة بهذه الورقة لضمان السلام الآيرلندي مقابل علاقات تجارية وثيقة مع الاتحاد الأوروبي. وهذا ما يرفضه الأوروبيون الذين قرروا، بإجماع أعضاء الاتحاد الـ27، ألا استفادة من السوق الأوروبية المشتركة، ومن امتيازات أعضاء الاتحاد لأي جهة من خارج هذه المنظومة.
ومن القضايا التي ترغب بروكسل في حسمها أيضاً، تحديد المبلغ الذي على لندن دفعه نظير التزامات عليها، أو ما بات يسمى «فاتورة الخروج». فأمام المطالبة بوثيقة خطية بريطانية تحدد المبلغ، تستمر لندن في إعلانات شفهية بسيطة حول الأبعاد القانونية لتلك الفاتورة.
إلى ذلك، يريد الاتحاد إعلاناً بريطانياً يضمن وجود مرجعية قانونية واضحة لأي أوروبي مقيم في المملكة المتحدة إذا شعر أو وجد نفسه في وضع غير منصف له. وهذا الهاجس مرده إلى إعلان سابق للحكومة البريطانية أكد أن التشريعات الأوروبية لن تعود نافذة في بريطانيا، ثم عادت لتؤكد لاحقاً أنها لا تمانع بإقامة علاقة وثيقة مع محكمة العدل الأوروبية. من هذه المنطلقات الغامضة وغيرها الكثير، لا يتوقع الأوروبيون اختراقات جوهرية في مفاوضات هذا الأسبوع.
في المقابل، يرى المفاوضون البريطانيون «أنه لا داعي للخوض في مسار طلاق صعب؛ لأن الطرفين تحكمهما ضرورة البحث عن تسويات». ومن هذا المنطلق، عادت لندن لتطمئن بشأن الوضع القانوني للأوروبيين المقيمين على أرضها. ويرى مصدر بريطاني، أن الأوروبيين عبّروا عن ارتياحهم عندما أكدنا ضرورة إقامة علاقة وثيقة مع محكمة العدل الأوروبية. ووافقنا على إمكان اعتماد آليات التحكيم التي تحكم علاقة الاتحاد مع دول شريكة تجارياً مع الاتحاد، مثل النرويج وآيسلندا وليشنشتاين. وهذا يعني اعترافا غير مباشر من قبلنا بأن القانون الأوروبي يستمر بتأثيره على المملكة المتحدة. لذا؛ عليهم ألا ينزعجوا من حديث إقامة علاقات وثيقة مع السوق الأوروبية المشتركة. فنحن أمام سلة واحدة لا يجوز أن نختار منها ما نشاء ونترك ما نشاء». وأضاف قائلاً: «تحدث المفاوض البريطاني ديفيد ديفيس عن (غموض بناء)، وهذا ما لا يفهمه الأوروبيون حتى الآن، لكنهم سيفقهون معناه لاحقاً»!
على صعيد آخر، أعلن حزب العمال البريطاني أمس، أنه يريد بقاء المملكة المتحدة في السوق الموحدة الأوروبية لفترة انتقالية بعد الـ«بريكست»، في حين دعا مصدر حكومي الاتحاد الأوروبي إلى «عدم المماطلة» في مفاوضات الخروج كما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.
وكتب كير ستارمر، مسؤول عملية «بريكست» في حزب العمال، في مقالة نشرتها صحيفة «ذي أوبزرفر»، أن حزب العمال كان سيسعى لو كان في الحكم «إلى اتفاق انتقالي يحافظ على الشروط الأساسية نفسها التي نستفيد منها في الوقت الراهن، في إطار الاتحاد الأوروبي».
وأضاف، أن «ذلك يعني أننا سنسعى للبقاء في الاتحاد الجمركي الأوروبي وداخل السوق الموحدة خلال هذه الفترة (...) وأننا سنحترم قواعد» هذين الكيانين؛ ما يعني استمرار العمل بحرية تنقل الأفراد والبضائع خلال هذه الفترة الانتقالية. وذهب كير ستارمر إلى حد التلميح بأن حزب العمال في حال وصوله إلى الحكم قد لا ينسحب من الاتحاد الجمركي الأوروبي. وكتب «سنعطي الأولوية على الدوام للوظائف والاقتصاد. هذا يعني أن البقاء في شكل من الاتحاد الجمركي داخل الاتحاد الأوروبي هو نتيجة ممكنة برأي حزب العمال، لكن يجب أن يكون هذا الموضوع موضع مفاوضات».
وكان حزب العمال يرد حتى الآن بغموض والتباس على السؤال عما إذا كان سيتفاوض بشأن البقاء في السوق الموحدة والاتحاد الجمركي، فيكتفي بالقول إنه يريد عملية «بريكست» تحمي الوظائف.
ومن خلال هذا الموقف الأوروبي الصريح، بات حزب العمال يتميز بوضوح عن المحافظين في الحكم الذين رفضوا فكرة البقاء في السوق الموحدة خلال فترة انتقالية بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي.
وتأتي هذه التصريحات في حين بات الحزب المحافظ في موقع هش بعدما خسر غالبيته البرلمانية في الانتخابات العامة الأخيرة في يونيو، وقد اضطر إلى التحالف في السلطة مع الحزب الوحدوي الديمقراطي وهو حزب آيرلندي محافظ متشدد.
في المقابل، عزز حزب العمال موقعه بصفته أول حزب معارض بفوزه بثلاثين مقعدا نيابيا إضافيا، ودعا مرارا رئيسة الوزراء تيريزا ماي إلى الاستقالة وتنظيم انتخابات جديدة. ومنذ أشهر، يدعوه معارضوه وبعض أعضاء الحزب إلى توضيح موقفه من موضوع الخروج من الاتحاد الأوروبي. وندد أيضا بمواقف الوزير المحافظ المكلف بريكست، ديفيد ديفيس: «الخيالية وغير القابلة للتحقيق».
في هذه الأثناء، صدرت إحصاءات بريطانية الأسبوع الماضي أكدت أن 122 ألف أوروبي تركوا بريطانيا بين أبريل (نيسان) 2016 ومارس 2017. أي بزيادة نسبتها 37 في المائة في سنة. وربط محللون ذلك بهبوط قيمة الجنيه الإسترليني، وتباطؤ النمو والمخاطر الاستثمارية التي زادت بعد الاستفتاء على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وعدد الخارجين في الفترة المذكورة هو الأعلى منذ 9 سنوات وفقا للمكتب الوطني للإحصاءات البريطانية، وغالبية الخارجين من الجنسيتين البلغارية والرومانية، كما زاد عدد الخارجين الأستونيين والمجريين والليتوانيين والبولنديين والتشيكيين والسلوفاكيين والسلوفينيين. أما الجنسيات الأوروبية الأخرى، فقد تراجع عدد المهاجرين منها إلى بريطانيا بنسبة 7 في المائة. كما لوحظ تراجع عدد الطلاب الأجانب (من كل الجنسيات) طالبي العلم في المملكة المتحدة بنسبة 16 في المائة خلال سنة. وهذا التراجع بدأ يطرح قضية نقص موارد محتمل ستعاني منه بعض الجامعات الإنجليزية.



اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وجهت الشرطة الفيدرالية الأسترالية اتهاماً لرجل يبلغ من العمر 36 عاماً بعرض رمز منظمة مصنفة «إرهابية» علناً، وذلك خلال مظاهرة في منطقة الأعمال المركزية بمدينة ملبورن في سبتمبر (أيلول) الماضي.

الرجل، المقيم في منطقة فيرنتري غولي، سيمثل أمام محكمة ملبورن الابتدائية في 6 مارس (آذار) المقبل؛ حيث يواجه عقوبة قد تصل إلى 12 شهراً من السجن إذا ثبتت إدانته، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

جاءت المظاهرة ضمن فعاليات يوم وطني للعمل من أجل قطاع غزة، الذي نظمته شبكة الدعوة الفلسطينية الأسترالية في 29 سبتمبر الماضي، وشهد تنظيم مسيرات مماثلة في مختلف أنحاء البلاد احتجاجاً على التصعيد المتزايد للعنف في الشرق الأوسط.

وأطلقت الشرطة الفيدرالية الأسترالية بولاية فيكتوريا عملية تحقيق تحت اسم «أردفارنا»، عقب احتجاج ملبورن؛ حيث تلقت 9 شكاوى تتعلق بعرض رموز محظورة خلال المظاهرة.

ووفقاً للشرطة، تم التحقيق مع 13 شخصاً آخرين، مع توقع توجيه اتهامات إضافية قريباً. وصرح نيك ريد، قائد مكافحة الإرهاب، بأن أكثر من 1100 ساعة قُضيت في التحقيق، شملت مراجعة أدلة من كاميرات المراقبة وكاميرات الشرطة المحمولة، إضافة إلى مصادرة هواتف محمولة وقطعة ملابس تحتوي على رمز المنظمة المحظورة.

تأتي هذه الإجراءات بعد قرار الحكومة الفيدرالية الأسترالية في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية، ومع التشريعات الفيدرالية الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) 2024، التي تحظر عرض رموز النازيين وبعض المنظمات.

وقالت نائبة مفوض الأمن القومي، كريسي باريت، إن الادعاء يحتاج إلى إثبات أن الرمز المعروض مرتبط بمنظمة إرهابية وأنه قد يحرض على العنف أو الترهيب.

المظاهرة، التي استمرت في معظمها سلمية، جاءت بعد إعلان مقتل قائد «حزب الله» حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلية، وهو ما اعتبره العديد تصعيداً كبيراً في الصراع المستمر في الشرق الأوسط.

وفي وقت لاحق، نُظمت مظاهرات أخرى في سيدني وملبورن وبريزبين، وسط تحذيرات للمتظاهرين بعدم عرض رموز محظورة.