تعتبر ندوة «جاكسون هول» واحدة من أبرز الأحداث الاقتصادية السنوية على نطاق واسع، وتزيد أهميتها بسبب المتحدثين؛ لكن الأهم أنها استخدمت في عدة مناسبات سابقة كمنصة للتحذيرات من السياسات القادمة للبنوك المركزية.. وكان أول من استخدمها كمنصة للتحذير هو آلان غرينسبان (رئيس الفيدرالي الأميركي الأسبق في الفترة من 1987 إلى 2006)، وأعقبه بن بريانكي (رئيس الفيدرالي السابق في الفترة من 2006 إلى 2014)، ويطرح الآن السؤال ذاته إذا ما كانت رئيسة الفيدرالي الحالية جانيت يلين ستنهج نفس الطريق.
وفعليا، فإن الأشهر الأخيرة من العام ستكون «مثيرة» للاهتمام فيما يتعلق بسياسات الاحتياطي الفيدرالي والبنك المركزي الأوروبي.. خاصة أنه بعد اتجاه البنوك المركزية الكبرى نحو تشديد السياسة النقدية، فإن ذلك يجعل من ظهور جانيت يلين رئيس الاحتياطي الفيدرالي وماريو دراغي رئيس البنك المركزي الأوروبي أكثر «ترقبا»، على الرغم من أن البنك المركزي الأوروبي يمشي في مسار أكثر «مواءمة» عن نظيرة الأميركي، لكن في كل الحالات يترقب المستثمرون الخطط المستقبلية للضلعين الكبار في منظومة صانعي السياسات المالية بالاقتصاد العالمي.
وبدأ الاحتياطي الفيدرالي بالفعل في إحراز تقدم كبير مع رفع أسعار الفائدة، بدايته منذ عامين تقريبا، رغم أن التضخم لا يزال متخلفا عن الهدف، لكن القلق يعتري لجنة السياسة داخل المركزي حول ما إذا كانت الوتيرة الحالية مناسبة. ومساء أمس، كان الجميع يترقب يلين إذا ما كانت ستتناول الأهداف المقبلة لأسعار الفائدة أو ستتناول تخفيض الميزانية العمومية (الذي من المتوقع الإعلان عنه في سبتمبر/أيلول المقبل) وهو الأمر الأقل أهمية للمستثمرين.
ومع انتعاش منطقة اليورو الآخذ في الارتفاع، أعلن المركزي الأوروبي عن خفض برنامج شراء الأصول في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، بعدما اتخذ نهجا أكثر حذرا في أعقاب أزمة أشد حدة خلال السنوات القليلة الماضية. ومن المتوقع أن يعلن المركزي عن خفض آخر قبل نهاية العام، ويترقب المستثمرين الإعلان عن مزيد من المعلومات حول برنامج الشراء، لكن كان المستبعد أن يعلن دراغي عن خططه خلال ندوة مساء أمس بسبب عدم ارتياحه لردود فعل السوق الماضية. وقبل الجلسة، تتوقع «الشرق الأوسط» أن يتم الإعلان عن خفض جديد بعد اجتماع الشهر المقبل، حيث إنه من الواضح أن دراغي لا يرغب في تشديد الأوضاع المالية والتأثير على الأسواق في ظل قوة نسبية لليورو.
وقبل خطاب جاكسون هول، حققت أسواق أوروبا افتتاحية إيجابية لنهاية الأسبوع، وارتفع مؤشر فايننشال تايمز بنسبة 0.2 في المائة، كما صعد مؤشر داكس الألماني بنحو 0.11 في المائة، وزاد مؤشر كاك الفرنسي بمقدار 0.15 في المائة، و0.2 في المائة لمؤشر إيبكس الإسباني. وكان من المتوقع على نطاق واسع أن تتسم تعاملات المستثمرين بالحذر وترقبهم لأي حدث طارئ على مدار يوم أمس.
وبالتوافق مع الأسواق الأوروبية، ارتفعت الأسهم الأميركية في بداية التعاملات أمس بدعم من أنباء عن أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب سيولي اهتمامه لإصلاح الضرائب الأسبوع المقبل، ومع ترقب المستثمرين يلين للاسترشاد بها على مسار زيادات أسعار الفائدة في المستقبل.
وزاد المؤشر داو جونز الصناعي 57.23 نقطة أو 0.26 في المائة إلى 21840.63 نقطة. وارتفع المؤشر ستاندرد آند بورز 500 بمقدار 8.09 نقطة أو 0.33 في المائة إلى 2447.06 نقطة. وصعد المؤشر ناسداك المجمع 24.07 نقطة أو 0.38 في المائة إلى 6295.40 نقطة.
وعصر أمس، توقع كارلوس مورس، محلل أسواق المال، لـ«الشرق الأوسط»، أن تكون الجلسات في الولايات المتحدة وأوروبا «ودية» قبل الخطابات المنتظرة من يلين ودراغي.
الترقب يسيطر على الأسواق قبيل خطابات «جاكسون هول»
الترقب يسيطر على الأسواق قبيل خطابات «جاكسون هول»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة