«الاحتياطي الأجنبي» يثير ضجة في تونس

إثر حصول البلاد على قرض من البنك الدولي

TT

«الاحتياطي الأجنبي» يثير ضجة في تونس

أعلن البنك المركزي التونسي عن ارتفاع الاحتياطي المحلي من العملة الأجنبية إلى مستوى 103 أيام من التوريد، وذلك إثر حصول البلاد على قرض من البنك الدولي بقيمة 456 مليون يورو أول من أمس.. لكن ذلك الإعلان لم يمر دون أن يثير ضجة واسعة وجدلا كبيرا في تونس بين الحكومة وبين خبراء الاقتصاد.
وقال الشاذلي العياري محافظ البنك المركزي التونسي إن «التصرف في مخزون الموجودات (الاحتياطي) من العملة الأجنبية يعرف بعض التفاوت»، بين النفقات التي حل أجلها والمدخلات المبرمجة، وهو ما يؤدي في بعض الأحيان إلى انخفاض ملحوظ نسبيا لهذا المخزون مثلما حدث في منتصف شهر أغسطس (آب) الحالي، إذ بلغ مستوى الاحتياطي 90 يوما من التوريد إثر تسديد أصل وفوائد قرض ياباني بقيمة 12.7 مليار ين.
أكد العياري أن الاحتياطات من العملة الأجنبية تعتبر صمام أمان مالي يتم استخدامها لتلبية الحاجيات الاستراتيجية من السيولة للاقتصاد المحلي في حالة وجد ضغوط على الحسابات الخارجية. واعتبر أيضا أنها بمثابة ضمان بالنسبة للدائنين والمستثمرين الأجانب بشأن قدرة البلاد على سداد ديونها وتأمين استمرارية التحويلات مع الخارج.
وقدم البنك المركزي التونسي إفادته إثر تعبير عدد من الاقتصاديين عن قلقهم من تقلص المخزونات التونسية من العملة الأجنبية إلى مستويات حرجة لا تزيد على 90 يوما، كما أكدت وكالة التصنيف العالمية «موديز» أن المستوى المنخفض لهذه الاحتياطات قد يمثل ضغوطا على العملة المحلية وبالتالي ارتفاع مستوى التداين الخارجي.
ويأتي ذلك الإعلان خلال هذه المرحلة الاقتصادية التي تعرف تراجعا على مستوى مخزونات الدولة من العملة الصعبة، وربط خبراء في مجال المال والاقتصاد بين هذا الإعلان ومحاولة طمأنة التونسيين بشأن التطورات الاقتصادية التي لم تكن معظم مؤشراتها مطمئنة، ومن ذلك تصريح وزراء في حكومة الشاهد بتعطل معظم آليات الإنتاج وتحقيق نسبة نمو دون المأمول خلال النصف الأول من السنة الحالية.
وفي هذا الشأن، قال عز الدين سعيدان الخبير المالي والاقتصادي التونسي لـ«الشرق الأوسط» إن «أسوأ مسالك توفير مخزونات العملة الصعبة تكمن في القروض الخارجية التي لا تعتمد على مقابل لها على مستوى إنتاج الثروة». وأشار إلى عدة طرق أفضل توفر العملة الصعبة الضرورية لحركية الاقتصاد، وهي تتأتى بالخصوص في تونس من عمليات التصدير والتبادل التجاري، وعائدات القطاع السياحي، وتحويلات التونسيين العاملين في الخارج إلى جانب الاستثمارات المالية الأجنبية المباشرة.
وأكد سعيدان أن معظم وسائل توفير العملة الصعبة في تونس قد تضررت خلال السنوات الأخيرة، وتوقع استعادتها لعافيتها السابقة خلال السنوات المقبلة بصفة تدريجية، خاصة بالنسبة للقطاع السياحي والاستثمار الأجنبي المرتبطين بالاستقرار السياسي والأمني على حد تعبيره.



«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
TT

«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

من المتوقع على نطاق واسع أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي تكاليف الاقتراض خلال اجتماعه، يوم الأربعاء المقبل، مع احتمال أن يسلط المسؤولون الضوء على كيفية تأثير البيانات الاقتصادية الأخيرة على قراراتهم بشأن أسعار الفائدة في العام المقبل.

وتضع الأسواق المالية في الحسبان احتمالات بنسبة 97 في المائة أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية بمقدار ربع نقطة مئوية، ليصبح النطاق بين 4.25 في المائة و4.5 في المائة، وفقاً لأداة «فيد ووتش».

ومع ذلك، تضاءل مبرر بنك الاحتياطي الفيدرالي لخفض الفائدة مؤخراً بعد التقارير التي تشير إلى أن التضخم لا يزال مرتفعاً بشكل مستمر مقارنةً بالهدف السنوي لـ«الفيدرالي» البالغ 2 في المائة، في حين أن سوق العمل لا تزال قوية نسبياً. وكان البنك قد خفض أسعار الفائدة في سبتمبر (أيلول) ونوفمبر (تشرين الثاني) بعد أن أبقاها عند أعلى مستوى في عقدين طوال أكثر من عام، في محاولة للحد من التضخم المرتفع بعد الوباء.

ويؤثر سعر الأموال الفيدرالية بشكل مباشر على أسعار الفائدة المرتبطة ببطاقات الائتمان، وقروض السيارات، وقروض الأعمال. ومن المتوقع أن تكون أسعار الفائدة المرتفعة في الوقت الحالي عقبة أمام النشاط الاقتصادي، من خلال تقليص الاقتراض، مما يؤدي إلى تباطؤ الاقتصاد لتخفيف الضغوط التضخمية والحفاظ على الاستقرار المالي.

لكن مهمة بنك الاحتياطي الفيدرالي لا تقتصر فقط على مكافحة التضخم، بل تشمل أيضاً الحد من البطالة الشديدة. وفي وقت سابق من هذا الخريف، أدى تباطؤ سوق العمل إلى زيادة قلق مسؤولي البنك بشأن هذا الجزء من مهمتهم المزدوجة، مما دفعهم إلى خفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في سبتمبر. ورغم ذلك، تباطأ التوظيف، فيما تجنب أصحاب العمل تسريح العمال على نطاق واسع.

توقعات الخبراء بتخفيضات أقل في 2025

تدور الأسئلة المفتوحة في اجتماع الأربعاء حول كيفية موازنة بنك الاحتياطي الفيدرالي بين أولويتيه في مكافحة التضخم والحفاظ على سوق العمل، وكذلك ما سيقوله رئيس البنك جيروم باول، عن التوقعات المستقبلية في المؤتمر الصحفي الذي سيعقب الاجتماع. وبينما تبدو التحركات المتعلقة بأسعار الفائدة في الأسبوع المقبل شبه مؤكدة، فإن التخفيضات المستقبلية لا تزال غير واضحة.

وعندما قدم صناع السياسات في بنك الاحتياطي الفيدرالي آخر توقعاتهم الاقتصادية في سبتمبر، توقعوا خفض المعدل إلى نطاق يتراوح بين 3.25 في المائة و4.5 في المائة بحلول نهاية عام 2025، أي بتقليص بنسبة نقطة مئوية كاملة عن المستوى المتوقع في نهاية هذا العام.

وتوقع خبراء الاقتصاد في «ويلز فارغو» أن التوقعات الجديدة ستُظهر ثلاثة تخفيضات ربع نقطة فقط في عام 2025 بدلاً من أربعة، في حين توقع خبراء «دويتشه بنك» أن البنك سيُبقي على أسعار الفائدة ثابتة دون خفضها لمدة عام على الأقل. فيما تتوقع شركة «موديز أناليتيكس» خفض أسعار الفائدة مرتين في العام المقبل.

التغيير الرئاسي وتأثير التعريفات الجمركية

يشكّل التغيير في الإدارة الرئاسية تحدياً كبيراً في التنبؤ بمستقبل الاقتصاد، حيث يعتمد مسار التضخم والنمو الاقتصادي بشكل كبير على السياسات الاقتصادية للرئيس المقبل دونالد ترمب، خصوصاً فيما يتعلق بالتعريفات الجمركية الثقيلة التي تعهَّد بفرضها على الشركاء التجاريين للولايات المتحدة في أول يوم من رئاسته.

وتختلف توقعات خبراء الاقتصاد بشأن شدة تأثير هذه التعريفات، سواء كانت مجرد تكتيك تفاوضي أم ستؤدي إلى تأثيرات اقتصادية كبيرة. ويعتقد عديد من الخبراء أن التضخم قد يرتفع نتيجة لنقل التجار تكلفة التعريفات إلى المستهلكين.

من جهة أخرى، قد تتسبب التعريفات الجمركية في إضعاف الشركات الأميركية والنمو الاقتصادي، مما قد يضطر بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة لدعم الشركات والحفاظ على سوق العمل. كما يواجه البنك تحدياً في فصل تأثيرات التعريفات الجمركية عن العوامل الأخرى التي تؤثر في التوظيف والتضخم.

وتزداد هذه القضايا غير المحسومة وتزيد من تعقيد حسابات بنك الاحتياطي الفيدرالي، مما قد يدفعه إلى اتباع نهج أكثر حذراً بشأن تخفيضات أسعار الفائدة في المستقبل. كما أشار مات كوليار من «موديز أناليتيكس» إلى أن التغيرات المحتملة في السياسة التجارية والمحلية تحت إدارة ترمب قد تضيف طبقة إضافية من عدم اليقين، مما يدعم الحاجة إلى نهج الانتظار والترقب من لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية.