- من آخرها… مستقبل النقد السينمائي أو المسرحي أو الفن عموماً يتبع مستقبل الثقافة. هذه تهبط درجات السلم اليوم، ماذا عن الغد؟
- من حين إلى آخر تفتح مجلات السينما، الورقية أو الإلكترونية، أسئلتها القلقة حول مستقبل النقد السينمائي. وما تخرج به - في معظم الأحيان - هو أن النقد قد تحوّل من صرح ثقافي إلى كيان إعلامي يشارك فيه من يشاء. الناقد المحترف والناقد الهاوي والناقد الذي يحب أن يُـقال عنه أنه ناقد.
- في الحقيقة يشارك فيه قراء عاديون ليس بالرأي، بل في دخول تجربة النقد ذاتها. هذه الحرية متاحة ليس منذ الأيام الأولى لعصر الإنترنت، بل كانت متاحة منذ زمن بعيد، وهذا حق كل من يريد التعبير عن رأيه. لكن الفارق الأساسي هو بين نقاد الأمس ونقاد اليوم. أن سابقاً ما كان النقد متصلاً بالغطاء الثقافي العام الذي يشمل الناقد والسينما معاً. اليوم هو إنشاء كلمات لها علاقة بالرأي وحده، علماً بأن النقد ليس رأياً، بل علماً. سابقاً ما كان بحثاً في فن اللغة السينمائية. اليوم هو بحث عن العنوان الجاذب والكلمات التي تتوجه إلى القارئ بلغة المخاطبة كما لو كان الكاتب والقارئ يتحدثان في مقهى أو خلال نزهة في الهايد بارك.
- هذا له أيضاً علاقة بالغطاء الثقافي الشامل عندما شهدت الستينات ثورات في لغة السينما وفي أساليب التعبير، وبرزت إلى المقدّمة الرغبة في أن يكون الفيلم انعكاساً للذات وليس فرجة للعين فقط. هذا كله كان نتيجة ثقافة شملت أنواع الأدب وأنواع الفنون في كل مكان حول العالم. كان لا بد، نتيجة ذلك، أن يظهر الناقد اللامع وطوابير طويلة من السينمائيين المبدعين الذين نفتقر إلى أمثالهم اليوم. حتى أفلام المهرجانات لم تعد كما كانت عليه أفلام الأمس.
- نقد الإنترنت القائم والمنتشر الآن هو أحب ولا أحب. يعجبني ولا يعجبني. حبة بندورة طازجة وأخرى ممعوسة. الأولى تعني إعجاب الناقد بالفيلم والأخرى عكس ذلك. وكل واحد يكتب. عرف ما يكتب فيه أو لم يعرف. لذلك من حق شركات السينما أن تتضايق وتتذمر، لكنها ليست أزمتها وحدها، بل أزمة النقاد الفعليين الذين يدركون أن المستقبل لن يكون، على الأغلب، سوى المزيد من انحدار المهنة وصولاً إلى حضيضها.
- وهذا، بالعودة إلى بداية الحديث، له علاقة بالثقافة التي تمشي في خط هابط بدورها: هل نقرأ؟ هل نشاهد المسرحيات؟ هل نحضر المعارض؟ هل نبحث في الفن والأدب والثقافة؟ أعتقد أن الأجوبة واضحة والكثير منها يعود إلى عصر غريب نعيشه بات قوامه توحيد جهود المؤسسات الكبيرة لتحويل هذا العالم إلى شبكة تجارية صرفة.
- لاحظ، إذا شئت، أن «فيسبوك» اشترى «واتساب» بـ19 مليار دولار؟… ليس لقتل المنافسة، بل لاحتواء عشرات ملايين المستخدمين وأرشفتهم وبيعهم منتجات. كل هذا وسواه لا يمكن له أن ينتج ثقافة. ومن دونها لا وجود لنقد سينمائي فعلي.
م. ر
المشهد: مستقبل النقد
المشهد: مستقبل النقد
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة