في آخر إيجاز صحافي يقدّمه بصفته متحدّثا باسم التحالف الدولي لمكافحة «داعش»، قال الجنرال روبرت جونز إن التنظيم الإرهابي على شفا الهزيمة، وإن «الأسطورة» التي بناها لأنصاره انهارت مع سقوط معقله بالعراق وبداية استعادة الرقة بسوريا. وتابع جونز، متحدثاً من بغداد مع صحافيين في لندن، أن حلفاء التحالف على الأرض، في إشارة إلى «قوات سوريا الديمقراطية» في سوريا، وقوات الأمن العراقية، اكتسبوا زخماً كبيراً أمام إرهابيي «داعش».
وتزامناً مع دخول القوات الحكومية العراقية إلى قضاء تلعفر وسيطرتها على أول ثلاثة أحياء في المدينة؛ مركز القضاء، قدّر الجنرال جونز عدد المقاتلين المنتمين إلى «داعش» في تلعفر بألفين، مشيراً إلى أن هذا الرقم قد يكون أكبر بكثير. وتابع أن عدد المدنيين يتراوح بين 10 آلاف و50 ألفاً، وفق بيانات الأمم المتحدة.
وقال جونز إن القوات العراقية بدأت صباح الأحد الماضي معركتها لتحرير تلعفر، الواقعة على بعد 70 كيلومتراً غرب الموصل، وتمكنت خلال 48 ساعة من استعادة 300 كيلومتر مربع، لافتاً إلى أن الجيش العراقي يستعد لتطويق المدينة من الغرب والجنوب. وأضاف: «لن نعرف حجم التحدي الذي سنواجهه في معركتنا ضد «داعش»، (هناك)، إلى أن نصل إلى المدينة نفسها»، لافتاً إلى أن التحالف الدولي والجيش العراقي يتوقعان لجوء «داعش» إلى «التكتيكات» نفسها التي استخدمها في الموصل، بما يشمل استخدام المدنيين دروعاً بشرية والعبوات الناسفة.
وعدّ المتحدث أن تحرير تلعفر وما تبقى من محافظة نينوى سينهي وجود «داعش» في شمال العراق، لافتاً إلى أن كل أذرع القوات العراقية تشارك في العملية، بما يشمل الجيش والشرطة الاتحادية وجهاز مكافحة الإرهاب و«الحشد الشعبي» بقيادة رئيس الوزراء حيدر العبادي. وتابع أنه «فيما انطلقت المعركة لاستعادة تلعفر بقوة، فإننا نتوقع قتالاً شرساً». وأوضح أن التحالف الدولي يدعم القوات العراقية بالمعدات وتبادل المعلومات الاستخباراتية، وبتنفيذ غارات جوية دقيقة. وشدد على أن مهمة التحالف وحلفائه العراقيين لن تنتهي بعد تحرير تلعفر؛ إذ «ينبغي بعد ذلك تطهير الحويجة وما تبقى من حوض نهر الفرات على الحدود السورية». وأثنى المتحدث على قوات الأمن العراقية وقدرتها على تطهير بقية المناطق من أعضاء التنظيم الإرهابي.
وعبّر جونز عن اقتناعه بأن التحدّي الحقيقي سيبدأ بعد انتهاء المعارك، وقد بدأت الحكومة العراقية والأمم المتحدة في مساعدة النازحين على العودة إلى مناطقهم، وإعادة الخدمات الأساسية. وساهمت هذه الجهود، كما قال، في عودة 330 ألف شخص إلى منازلهم في الرمادي، ونحو 14 ألفاً و500 تلميذ إلى مدارس أعيد إعمارها. وشهدت الفلوجة ظاهرة مماثلة، حيث عاد 400 ألف مدني إلى بيوتهم.
ورداً على سؤال حول الضحايا المدنيين الذين سقطوا بسبب غارات التحالف، قال جونز إنه «لا يمكن الانتصار على (داعش) دون ثمن، ومهمتنا هي أن يكون هذا الثمن صغيراً بقدر المستطاع». وقدّر عدد الضحايا غير المقصودين بـ624 في العراق.
كما عدّ جونز أن الحرب على «داعش» من أكثر الحملات العسكرية دقّة في التاريخ، إلا أنه عاد وقال إن ذلك لا يعني أنه لم ترتكب أخطاء. وأوضح: «يستحيل التأكد مائة في المائة من أن القنابل التي نستهدف بها مقاتلي (داعش) لن تتسبب في أي ضرر. ندرك ذلك، ونسعى بكل الوسائل المتاحة إلى التقليل من هذه الأضرار».
وعن التهديد الذي تطرحه عودة الإرهابيين إلى بلدانهم الأصلية، قال جونز إن حركة التنقل من وإلى مناطق الصراع انخفضت بشكل كبير للغاية مقارنة مع عام 2014. وأوضح أن ذلك يرجع إلى أكثر من عامل؛ أحدها أن آيديولوجية «داعش» انكشفت، وأنها لا تمثل عامل جذب للمقاتلين الأجانب. أما السبب الثاني، فيتعلق بجهود التحالف الدولي للحد من قدرة المقاتلين على الحركة من وإلى سوريا والعراق، وخصّ بالذكر الجهود التي بذلتها تركيا لمراقبة الحدود. واقتبس جونز عبارة استخدمها رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي الأحد مخاطبا الإرهابيين في تلعفر: «استسلموا أو موتوا»، لافتاً إلى أنه لا يعتقد أن «مقاتلي (داعش) العالقين في الرقة يخططون لهجوم في برمنغهام أو بروكسل، إنهم يفكرون في إنقاذ حياتهم». وأضاف أن هناك إحساساً بالخذلان في صفوف مقاتلي «داعش» في سوريا والعراق، بعد اختفاء زعيمهم أبو بكر البغدادي.
وعن النجاحات التي حققها التحالف وحلفاؤه على الأرض، أكد الجنرال أنه بالمقارنة مع عام 2014، تمكن التحالف مع شركائه على الأرض من تحرير 4 ملايين شخص في العراق، ومليون ونصف المليون في سوريا، فضلا عن نحو 82 ألف كيلومتر مربع إجمالاً، ما يعادل مساحة النمسا.
وفي إفادته الأخيرة، حرص جونز على التشديد على دور الدول المشاركة في التحالف. وقال إنه في الوقت الذي تقود فيه الولايات المتحدة تحالف الدول الـ69، فإن النجاحات التي تحققت شارك فيها الأعضاء جميعهم. وأشار إلى أن هناك نحو 3800 من القوات غير الأميركية على الأرض في العراق اليوم.
التحالف الدولي يتوقع «قتالاً شرساً»
التحالف الدولي يتوقع «قتالاً شرساً»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة