أنقرة تقترح حل «هيئة تحرير الشام» لتجنيب إدلب مصير الرقة

وسط أنباء عن التسريع بعملية تقودها أميركا

TT

أنقرة تقترح حل «هيئة تحرير الشام» لتجنيب إدلب مصير الرقة

تكثف أنقرة اتصالاتها مع المعارضة السورية والتنظيمات الفاعلة في مدينة إدلب بغية التوصل إلى حل ينهي أسباب القيام بعملية عسكرية في المحافظة التي وقعت أجزاء منها تحت سيطرة جبهة النصرة لتفويت الفرصة على محاولات تدخل عسكري بقيادة أميركية، مما قد تنشأ عنه كارثة إنسانية جديدة.
وذكرت صحيفة «يني شفق» القريبة من الحكومة التركية، أمس، أن هذه الاتصالات والمساعي التي تقوم بها أنقرة حالياً تهدف إلى تجنيب إدلب مزيداً من الويلات ومنع وقوع كارثة إنسانية في المحافظة التي باتت مأوى لمئات آلاف المهجرين من المناطق الأخرى في سوريا، وسط تحضيرات لعملية عسكرية تخطط لها واشنطن مع كل من روسيا وبريطانيا وفرنسا يجري الإعداد لها تسريع خطواتها، تحت دعوى الحرب على الإرهاب المتمثل في بقايا تنظيم القاعدة وعناصر «هيئة تحرير الشام».
وبحسب مصادر رسمية تحدثت للصحيفة، فإن أنقرة تقدمت للأطراف المختلفة بمقترح من 3 نقاط رئيسية، هي: تشكيل هيئة إدارة محلية مدنية للمدينة تتكفل بإدارة شؤونها الإنسانية والحياتية مع تحييد التنظيمات المسلحة عن إدارتها، ونقل العناصر المسلحة في المعارضة السورية إلى جهاز شرطة رسمي يتكفل بحفظ الأمن، بالإضافة إلى حل «هيئة تحرير الشام» التي تتزعمها النصرة.
وأعلن رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم، الأحد الماضي، أن الأمر لم يحسم بشأن عملية عسكرية تركية في إدلب بعد أن كان تحدث الجمعة عن عملية «درع فرات» جديدة في المحافظة السورية المتاخمة للحدود التركية، لكنه قال إن بلاده سترد بطريقة مناسبة على الإرهاب بكل أشكاله، وخصوصاً خارج حدودها.
وتواصل أنقرة مشاوراتها بشأن الوضع في إدلب مع أطراف مختلفة في مقدمتها موسكو وطهران في مسعى للتسريع بإعلان منطقة خفض التصعيد هناك في إطار عملية آستانة، كما سيطرح الأمر خلال الزيارة التي سيقوم بها وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس لأنقرة اليوم (الأربعاء).
وقالت مصادر تركية لـ«الشرق الأوسط»، إن تركيا لا تريد مأساة إنسانية جديدة على حدودها ودفع الآلاف إلى موجة نزوح جديدة إليها، فضلاً عن أن هناك مخاوف من الاعتماد الأميركي على الميليشيات التركية في عملية عسكرية محتملة، على غرار ما حدث في الرقة، ومن هنا فإنها تبذل مساعيها لمحاولة التوصل إلى حل يستبعد التدخل الأميركي.
وكان وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، أعلن الأربعاء الماضي، عن زيارة قريبة لرئيس الأركان الروسي، لأنقرة، لمناقشة إقامة منطقة خفض التصعيد في محافظة إدلب السورية مع نظيريه التركي والإيراني.
ومن المقرر، بحسب تصريحات لرئيس الأركان الإيراني محمد باقري الذي زار تركيا الأسبوع الماضي، أن يقوم رئيس الأركان التركي بزيارة قريبة لطهران لاستكمال بحث الموضوعات التي دار الحديث حولها خلال زيارته لتركيا، وفي مقدمتها التعاون العسكري والتنسيق في مكافحة الإرهاب وتأمين الحدود.
وأعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أول من أمس، أن عملية عسكرية تركية - إيرانية ضد «العمال الكردستاني» وامتداده في إيران واردة في أي لحظة.
ورأى مراقبون أن هذا التعاون لن يتوقف على محاربة «العمال الكردستاني» في جبال قنديل وسنجار بالعراق، وإنما قد يشمل تعاوناً أوسع بين تركيا وإيران بشأن حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي في سوريا.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.