إسرائيل والولايات المتحدة تضغطان لمنع نشر {القائمة السوداء}

يعدها مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان للشركات الدولية المتعاملة مع المستوطنات

TT

إسرائيل والولايات المتحدة تضغطان لمنع نشر {القائمة السوداء}

قالت مصادر إسرائيلية إن إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية تمارسان ضغطاً مكثفاً على الأمم المتحدة لمنع نشر «القائمة السوداء»، الخاصة بالشركات الدولية التي تتعامل مع المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية والقدس والجولان. وتحدثت القناة العاشرة الإسرائيلية عن ضغوط متواصلة من تل أبيب وواشنطن لوقف النشر.
كانت صحيفة «واشنطن بوست» قد قالت إن رعد بن زيد الحسين، مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، يعتزم قبل نهاية العام الحالي نشر قائمة سوداء بأسماء الشركات الدولية التي تربطها علاقات عمل بالمستوطنات المقامة على أراضي الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية وهضبة الجولان.
وبحسب الصحيفة، فإن مفوض الأمم المتحدة قدم قائمة للدول التي جاءت منها هذه الشركات، وذلك كي يتسنى له الحصول على ردها قبل مطلع سبتمبر (أيلول) المقبل.
وتظهر في القائمة المنتظرة سلسلة من الشركات الأميركية التي تنشط في المستوطنات، ومنها شركات مثل «كاتربيلر» و«تريبادوايز» و«برايسلاين» و«إير بي إن بي».
وعارضت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب الأمر، وتبين أنها تمارس ضغطاً على الأمم المتحدة منذ فترة لمنع نشر القائمة السوداء.
وانضمت إسرائيل إلى الولايات المتحدة، وشنت هجوماً كبيراً من أجل عرقلة نشرها، خشية أن تشكل «مقدمة لمقاطعة إسرائيل».
وقال داني دانون، مندوب إسرائيل لدى الأمم المتحدة، إن فكرة نشر القائمة تجعل من مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ناشطاً بارزاً في حركة مقاطعة إسرائيل BDS.
وأضاف دانون أن «هذه الخطوة المخجلة هي تعبير عن لا سامية حديثة، وتذكر بعهود مظلمة في التاريخ».
وتابع: «إن مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان يتحول إلى الناشط الأكبر لحركة المقاطعة BDS في العالم، ويضع أمامه هدف المس بإسرائيل، بدلاً من أن يقوم بمهام منصبه». ودعا دانون المجتمع الدولي والأمم المتحدة إلى وقف هذه الخطوة التي وصفها بـ«الخطيرة».
وكان مجلس حقوق الإنسان قد صادق، العام الماضي، على مشروع «القائمة السوداء» الذي يضم أسماء شركات تعمل بصورة مباشرة، أو غير مباشرة، في مستوطنات الضفة الغربية والقدس الشرقية وهضبة الجولان.
وقال تحقيق للأمم المتحدة، في 2013، شكل الأساس للتصويت على قاعدة البيانات، إن المستوطنات تتعارض مع اتفاقية جنيف الرابعة، التي تحظر نقل المدنيين إلى أرض محتلة، وقد ترقى إلى جرائم حرب، وأضاف أن المستوطنات «تؤدي إلى ضم زاحف يمنع إنشاء دولة فلسطينية مترابطة قابلة للحياة».
وتطال «القائمة السوداء» مختلف النشاطات التجارية والاقتصادية، ولا يقتصر الأمر على البناء في المستوطنات، وإنما يشمل أيضاً منع تزويد مواد البناء ومعداته، ومنع تزويد معدات للمراقبة على الجدار الفاصل، وعتاد لهدم البيوت، وخدمات أو معدات حراسة، أو خدمات مالية ومصرفية لمساعدة المستوطنات، بما في ذلك قروض إسكان.
وتدين «القائمة السوداء» المستوطنات، كما تدعو إلى الامتناع عن تقديم أي نوع من المساعدات لها، وتحذير الشركات ورجال الأعمال من الانخراط في مبادرات اقتصادية وصفقات تجارية معها.
وتقاطع السلطة الفلسطينية أيضاً بضائع المستوطنات منذ سنوات طويلة.
وتنشط كذلك حركة المقاطعة، وسحب الاستثمارات، وفرض العقوبات على إسرائيل (BDS)، من أجل مقاطعة دولية للمستوطنات، وتمييز منتجاتها.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.