أضافت الهجمات الإرهابية التي وقعت في برشلونة، مساء أول من أمس، والمخاوف المستمرة حول رئاسة دونالد ترمب، ضغوطاً إضافية على أسواق الأسهم العالمية في آخر أيام تداولات الأسبوع، لتنهي الأسواق الأوروبية تعاملاتها على تراجع بعد قيادة الخسائر من السوقين الآسيوية والأميركية بين عشية وضحاها.
وشهدت أسهم شركات الطيران أكبر الانهيارات، خشية أن تكون الهجمات الأخيرة ضربة أخرى للقطاع السياحي... بينما يتجه المستثمرون (مرة أخرى) بالتزامن - وللأسبوع الثاني على التوالي - بعيداً عن الأسهم إلى استثمارات أكثر «أماناً» مثل الين الياباني والذهب.
وحاولت وكالة التصنيف الائتماني «ستاندرد آند بورز» طمأنة الأسواق قليلاً، أمس، بالإبقاء على تصنيفها لكوريا الجنوبية عند مستوى «AA»، وذلك على الرغم من الأوضاع التي اشتعلت «كلاميّاً»، الأسبوع الماضي، بين جارتها الشمالية والولايات المتحدة، قائلة في بيان صدر أمس: «نحن نعتقد أن الصراع المسلح المباشر غير محتمَل».
وشهدت الأسواق تراجعات كبرى أمس، إذ انخفض مؤشر «فاينانشيال تايمز» البريطاني بأكثر من 1 في المائة أو بما يتخطى 70 نقطة، وخسر «داكس» الألماني بنسبة 0.3 في المائة، و«كاك» الفرنسي بنسبة 0.9 في المائة، و«إيبكس» الإسباني بنسبة 0.75 في المائة، وانخفض مؤشر السفر والترفيه الأوروبي بنسبة 1.1 في المائة، الأمر الذي يعكس جزئيّاً تراجعات أسهم شركات الطيران والسياحة.
وفتحت الأسهم الأميركية دون تغير يُذكَر، أمس (الجمعة)، بعد يوم من تكبد المؤشر «ستاندرد آند بورز 500» أكبر خسائره اليومية بالنسبة المئوية في نحو ثلاثة أشهر وسط مخاوف بشأن قدرة الرئيس الأميركي دونالد ترمب على تطبيق برنامجه الداعم للنمو.
وتراجع المؤشر «داو جونز» الصناعي 12.56 نقطة أو 0.06 في المائة إلى 21738.17 نقطة، وانخفض المؤشر «ستاندرد آند بورز» 500 بمقدار 2.29 نقطة أو 0.09 في المائة إلى 2427.72 نقطة. وفقد المؤشر «ناسداك» المجمع 0.12 نقطة ليصل إلى 6221.79 نقطة.
وفي ظل دائرة لا تنتهي من الإزعاج للمستثمرين، يخرج ترمب من جدلٍ إلى آخر، ما يراه البعض أنه تحوّل إلى نمط معتاد للرئيس.
وخلال الأسبوع الماضي، أشار المحللون إلى أن الوضع المتوتر الأخير مع كوريا الشمالية كان من الممكن تجنّبه مبكراً، وأنه كان من الممكن أن يتطور إلى وضع «مكلف للغاية». كما أجبر ترمب الأسبوع الماضي على حل مجلس التصنيع والمنتدى الاستراتيجي السياسي، في حين أن مجلسه للبنية التحتية لم يُنفَّذ أبداً على الأرض، خصوصاً بعد انسحاب كثير من المديرين التنفيذيين من المبادرات بسبب رده على مسيرة ضد التعصب في تشارلوتسفيل بولاية فيرجينيا الأسبوع الماضي.
ومع احتمالات استقالات غاري كوهن رئيس إصلاحات الضرائب ومبادرات الإنفاق في تعديلات ترمب الضريبية، والإنفاقية من منصبه كمدير للمجلس الاقتصادي الوطني، فإنها ستكون ضربة «مريرة» لترمب، وستكون كالقشة الذي قصمت ظهر البعير بعد أسبوع مروع للرئيس الأميركي، وكلها أمور تلقي بظلالها مجتمعة على تدفق السلبية إلى الأسواق العالمية، خصوصاً مع تزايد الشكوك حول الوعود الرئاسية للمستقبل منذ الانتخابات، وحتى الآن لا يوجد أي دليل على أن الرئيس السابق لـ«غولدمان ساكس» يخطط لمغادرة منصبه رغم تصريحات البيت الأبيض بأنه باقٍ في منصبه، لكن التكهنات حول بقائه من عدمه تضيف حالة من عدم اليقين في الأسواق.
وبحسابات بيانات «بنك أوف أميركا ميريل لينش»، فقد ظهر أن التحذيرات التي أطلقها ترمب بصب «النار والغضب» على كوريا الشمالية قد أعقبها أكبر نزوح عن الأسهم في عشرة أسابيع. وأظهرت البيانات الأسبوعية، التي ترصد تدفقات الأموال على مدار أسبوع من الأربعاء إلى الأربعاء، أن المستثمرين سحبوا 1.3 مليار دولار من صناديق الأسهم مع تركز التخارجات من الخميس إلى الاثنين، بعد تصاعد التوترات بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية.
وقال «بنك أوف أميركا» إن المستثمرين اتجهوا إلى ما يعتبرونه ملاذاتٍ آمنةً في السندات التي جذبت 3.5 مليار دولار، والمعادن الثمينة التي استقطبت 500 مليون دولار، في أكبر تدفقات تسجلها في عشرة أسابيع. ويجري تداول الذهب حالياً عند أعلى مستوى في تسعة أشهر.
وتصدرت الأسهم الأميركية مجدداً قائمة الأسهم التي تحملت العبء الأكبر لعمليات البيع، وبقيمة بلغت أربعة مليارات دولار. وسجلت أسهم الأسواق الناشئة أول تدفقات خارجة في 22 أسبوعاً لتخسر 1.6 مليار دولار، في الوقت الذي عزف فيه المستثمرون عن الأصول عالية المخاطر.
وأنهى مؤشر «إم إس سي آي» لأسهم الأسواق الناشئة الأسبوع الماضي منخفضاً 2.3 في المائة في أسوأ أداء أسبوعي له منذ ديسمبر (كانون الأول) الماضي مع انخفاض الأسواق الآسيوية، مثل كوريا الجنوبية، بما يزيد على ثلاثة في المائة.
وشهدت صناديق ديون الأسواق الناشئة أول نزوح في 29 أسبوعاً، وإن كان بحجم متواضع بلغ 100 مليون دولار. في حين جرى سحب 2.3 مليار دولار من صناديق السندات ذات العوائد المرتفعة في أكبر تدفقات خارجة في نحو ستة أشهر.
وما زال المستثمرون يفضلون الأسهم الأوروبية واليابانية، التي جذبت 500 مليون دولار و2.5 مليار دولار على الترتيب خلال الأسبوع، في حين جذبت اليابان أكبر تدفقات في 20 أسبوعاً.
ولأن مصائب قوم عند قوم فوائد، فقد استفاد الإسترليني من الأحداث في الولايات المتحدة وأوروبا، ولكن ذلك لم ينفِ معاناته منخفضاً من أعلى مستوياته في 11 شهر أوائل أغسطس (آب) الحالي، عندما تداول حينها أمام الدولار 1.326 دولار إلى مستوياته الحالية حول 1.29 دولار للإسترليني الواحد.
وقفز الذهب إلى أعلى مستوياته في أكثر من تسعة أشهر، أمس، مع تراجع الدولار بفعل حالة الضبابية السياسية في الولايات المتحدة وهجوم في إسبانيا، وهو ما عزَّز الإقبال على المعدن الأصفر باعتباره ملاذاً آمناً، حيث لامس سعره في المعاملات الفورية أعلى مستوى له منذ التاسع من نوفمبر (تشرين الثاني) عند 1300.80 دولار للأوقية (الأونصة)، وبحلول الساعة 13:33 بتوقيت غرينتش جرى تداوله مرتفعاً 0.8 في المائة عند 1298.51 دولار للأوقية.
وصعد الذهب في العقود الأميركية الآجلة تسليم ديسمبر واحداً في المائة إلى 1305 دولارات للأوقية. بينما نزل الدولار إلى أدنى مستوياته في أربعة أشهر أمام الين الياباني الذي يعتبر ملاذاً آمنا كالذهب في أوقات الاضطرابات السياسية والاقتصادية.
ومن بين المعادن النفيسة الأخرى، زادت الفضة واحداً في المائة إلى 17.17 دولار للأوقية، بعدما لامست أعلى مستوياتها في شهرين عند 17.25 دولار للأوقية. وارتفع البلاتين 1.2 في المائة إلى 974.80 دولار للأوقية، متجهاً لتحقيق ثالث مكاسبه الأسبوعية على التوالي. فيما لامس البلاديوم أعلى مستوياته في 16 عاماً عند 934 دولاراً للأوقية قبل أن يتخلى عن بعض مكاسبه ليجري تداوله مرتفعاً 0.2 في المائة عند 927 دولاراً للأوقية، ويتجه المعدن صوب تحقيق زيادة أسبوعية تقارب أربعة في المائة.
أسواق العالم تنهي الأسبوع «متوترة»
برشلونة ترفع القلق... و«نار وغضب» ترمب كبدت الأسهم 1.3 مليار دولار
أسواق العالم تنهي الأسبوع «متوترة»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة