النظام يسيطر على حقول غاز في البادية ويضيّق الخناق على «داعش»

التنظيم يشنّ هجوماً معاكساً في ريف حمص ويستهدف منطقة علوية

TT

النظام يسيطر على حقول غاز في البادية ويضيّق الخناق على «داعش»

حققت قوات النظام السوري تقدماً جديداً في البادية، فأحكمت سيطرتها على أربعة حقول جديدة للغاز، وضيقت الخناق على تنظيم داعش في وسط المنطقة الصحراوية، فيما شنّ التنظيم هجوماً معاكساً في الريف الشرقي لمحافظة حمص، وفي منطقة يقطنها مواطنون من الطائفة العلوية، وخاض مواجهة عنيفة مع قوات النظام والميليشيات الموالية له، ما أدى إلى سقوط عدد كبير من القتلى بين الطرفين.
وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن قوات النظام «تمكنت من فرض طوق عسكري على كامل منطقة عقيربات، وريفي سلمية الشرقي والشمالي الشرقي، وجبل الجراح وجبال الشومرية في ريف حماة والمتصلين بريف السلمية»، مشيراً إلى أن ذلك حصل «بالتزامن مع قتال مستمر بين قوات النظام المتقدمة من أثريا ومن منطقة الكوم، لتحقق مزيداً من التقدم وتقلص المسافة المتبقية بينهما في أقصى شمال شرقي حمص».
هذا التقدم في ريف حمص الشرقي، الذي شهدته الساعات الـ24 الماضية، مكَن النظام - وفق «المرصد» السوري - من «استعادة السيطرة على مساحة تقدّر بألف كيلومتر مربع من مساحة البادية السورية، وعلى حقل توينان للغاز ومحطة الغاز ومعمل غاز توينان، بالإضافة لاستعادة حقول الأكرم والغدير وغرب الحسين»، مشيراً إلى أن ذلك «ترافق مع بدء عمليات تمشيط المنطقة، بعد انسحاب معظم عناصر التنظيم منها»، مؤكداً أن هذه العمليات «أدت إلى مقتل عدد كبير من عناصر الطرفين، جراء التفجيرات والقصف والاشتباكات».
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مدير «المرصد» رامي عبد الرحمن قوله إن قوات النظام «باتت تحاصر بلدة عقيربات ونحو 44 قرية في محيطها، في منطقة تمتد بين محافظتي حماة وحمص في وسط البلاد». وأوضح أنه «لم يبق أمام الجيش السوري سوى 25 كيلومتراً لتلتقي قواته الآتية من منطقة الكوم في أقصى ريف حمص الشمالي الشرقي، مع تلك القادمة من مدينة السخنة إلى الجنوب منها، ولتفرض حصاراً كاملاً على التنظيم في هذا الجزء من البادية المحاذي لمحافظتي الرقة ودير الزور».
ويخوض جيش النظام السوري بدعم روسي منذ مايو (أيار) الماضي، حملة عسكرية واسعة للسيطرة على البادية التي تمتد على مساحة 90 ألف كلم مربع وتربط وسط البلاد بالحدود العراقية والأردنية.
وأكدت وزارة الدفاع الروسية أن تنظيم داعش أصبح محاصرا في هذه المنطقة (البادية السورية)، وأن آخر طرق الإمداد بالسلاح والذخائر في منطقة عقيربات «باتت تحت مرمى نيران الجيش السوري». وأوضحت أن «القوات الجوية الروسية تقوم دائماً بطلعات جوية للاستطلاع، عبر الطائرات المسيرة لتدمير مدرعات وشاحنات البيك آب المحملة بالأسلحة الثقيلة وسيارات المتطرفين الذين يحاولون الفرار من هذه المنطقة باتجاه محافظة دير الزور القريبة، الواقعة بمعظمها تحت سيطرة تنظيم داعش»، فيما أعلنت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، أن «بلدة عقيربات باتت محاصرة، وتمت السيطرة على حقول الغاز».
تقدّم النظام في مناطق واسعة في البادية، ردّ عليه تنظيم داعش، بهجوم معاكس واشتباكات عنيفة دارت بينه وبين قوات النظام في ساعة متقدمة من ليل الخميس - الجمعة، على محوري مكسر الحصان وجب الجراح بريف حمص الشرقي، وأكد «المرصد» أن عناصر التنظيم «شنوا هجوماً على هذه المنطقة التي تبعد نحو 50 كيلومتراً عن مدينة حمص، ويقطنها مواطنون من أبناء الطائفة العلوية». وأضاف أن الاشتباكات «ترافقت مع قصف من قبل قوات النظام على محاور القتال، ما أدى إلى خسائر بشرية في صفوف الطرفين».
وفي موازاة معارك البادية، واصلت قوات النظام عمليتها العسكرية ضد «داعش» في ريف الرقة الجنوبي، وهي عملية منفصلة عن حملة «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة أميركياً لطرد التنظيم من معقله الرئيسي في مدينة الرقة، ويهدف النظام من خلال عملياته هذه إلى استعادة محافظة دير الزور من «داعش» عبر ثلاثة محاور وهي: جنوب محافظة الرقة، وجنوب البادية، فضلا عن المنطقة الحدودية من الجهة الجنوبية الغربية.
وفي ريف حماة الشرقي، نفذت الطائرات الحربية بعد منتصف ليل الخميس - الجمعة، غارات عدّة على بلدات جب الأبيض، مسعدة، المكيمن، الدكيلة، صلبا، جب المزاريع وجنى العلباوي، والخاضعة لسيطرة لـ«داعش»، وسط اشتباكات في محوري دكيلة وجب المزاريع، وقصف متبادل بين الطرفين، أسفر عن خسائر بشرية في صفوف الطرفين.


مقالات ذات صلة

تركيا: لا مكان لـ«الوحدات الكردية» في سوريا الجديدة

المشرق العربي حديث جانبي بين وزيري الخارجية التركي هاكان فيدان والأميركي أنتوني بلينكن خلال مؤتمر وزراء خارجية دول مجموعة الاتصال العربية حول سوريا في العاصمة الأردنية عمان السبت (رويترز)

تركيا: لا مكان لـ«الوحدات الكردية» في سوريا الجديدة

أكدت تركيا أن «وحدات حماية الشعب الكردية» لن يكون لها مكان في سوريا في ظل إدارتها الجديدة... وتحولت التطورات في سوريا إلى مادة للسجال بين إردوغان والمعارضة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الولايات المتحدة​ أحمد الشرع مجتمعاً مع رئيس حكومة تسيير الأعمال محمد الجلالي في أقصى اليسار ومحمد البشير المرشح لرئاسة «الانتقالية» في أقصى اليمين (تلغرام)

«رسائل سريّة» بين إدارة بايدن و«تحرير الشام»... بعلم فريق ترمب

وجهت الإدارة الأميركية رسائل سريّة الى المعارضة السورية، وسط تلميحات من واشنطن بأنها يمكن أن تعترف بحكومة سورية جديدة تنبذ الإرهاب وتحمي حقوق الأقليات والنساء.

علي بردى (واشنطن)
المشرق العربي فصائل الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا تدخل منبج (إعلام تركي)

عملية للمخابرات التركية في القامشلي... وتدخل أميركي لوقف نار في منبج

يبحث وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في تركيا الجمعة التطورات في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي مواطنون من عفرين نزحوا مرة أخرى من قرى تل رفعت ومخيمات الشهباء إلى مراكز إيواء في بلدة الطبقة التابعة لمحافظة الرقة (الشرق الأوسط)

ممثلة «مسد» في واشنطن: «هيئة تحرير الشام» «مختلفة» ولا تخضع لإملاءات تركيا

تقول سنام محمد، ممثلة مكتب مجلس سوريا الديمقراطي في واشنطن، بصفتنا أكراداً كنا أساسيين في سقوط نظام الأسد، لكن مرحلة ما بعد الأسد تطرح أسئلة.

إيلي يوسف (واشنطن)
المشرق العربي مقاتلون من المعارضة في حمص يتجمعون بعد أن أبلغت قيادة الجيش السوري الضباط يوم الأحد أن حكم بشار الأسد انتهى (رويترز)

«داعش» يعدم 54 عنصراً من القوات السورية أثناء فرارهم

أعدم تنظيم «داعش» 54 عنصراً من القوات الحكومية في أثناء فرارهم في بادية حمص وسط سوريا، تزامناً مع سقوط الرئيس بشار الأسد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.