روني يحيي قصة حبه مع إيفرتون من جديد

في كل الأحوال، قدم واين روني هذه المرة أداء أفضل عن مؤتمره الصحافي الأول، مساء أحد أيام يناير (كانون الثاني) 2003، وذلك لدى إعلانه عن توقيعه أول عقد احتراف مع إيفرتون.
في سن الـ17، بدا روني غير مستعد على الإطلاق لتركز سيل من الكاميرات والأضواء عليه. وبالفعل، بدا وكأن الكلمات تعجز عن إيجاد سبيل للخروج من فمه وكان الجمهور يسمع صوته بالكاد أثناء حديثه. وقد تعرض للتوبيخ من جانب المدرب ديفيد مويز لمضغه علكة ومرت لحظة بدا عليه الحرج الشديد بعدما غمغم بكلمات غير مفهومة وحاول الوصول لزجاجة مياه كانت على الطاولة. وكان روني على وشك أن يتجرع الزجاجة بأكملها عندما تدخل مويز قائلاً: «صب الماء في الكوب».
بعد 14 عاماً، بدا روني شخصاً مختلفاً تماماً يتخذ مقعده داخل غوديسون بارك، حاملاً القميص رقم 10 - الذي ظل ملكاً لروميلو لوكاكو حتى وقت قريب - وسرد تفاصيل كيف أنه حرص على إبقاء مفاوضات انتقاله من مانشستر يونايتد سراً حتى عن أقرب أفراد أسرته إليه.
وشرح السبب وراء ذلك بقوله إن والده، روني الأكبر، كان سيشعر بإثارة بالغة حيال الأمر «لدرجة أنه سيعجز عن الاحتفاظ به سراً». وينطبق الأمر ذاته على والدته، جانيت. وقال: «ولم أخبر كاي (نجله الأكبر) كذلك، لأنه يرتاد المدرسة وقد يخبر أقرانه هناك».
وأضاف: «عندما تم الاتفاق على كل شيء حرفياً وجرى إنجاز جميع الأعمال الورقية، أخبرت الجميع. ولدى علمه بذلك، قفز إليّ كاي، وكانت أكثر لحظة رأيته فيها سعيداً. من الواضح أنه من مشجعي إيفرتون، ومع هذا ظل يرتاد مانشستر يونايتد طيلة الأعوام الـ13 الماضية فقط ليشاهدني. اليوم، لن يفصله عن النادي سوى خمس دقائق بالسيارة».
في الواقع، يحتاج المرء إلى قلب مصنوع من الحجر الصوان كي لا يشعر بالتأثر إزاء سعي روني للعودة إلى النادي الذي سبق أن عشقه وحط من قدره في الوقت ذاته؛ فقد سبق له ذات مرة تقبيل شارة مانشستر يونايتد أمام المدرجات التي كان يتحدث منها الآن. واليوم، يرغب روني في كسب حب الجماهير من جديد.
اليوم، يقترب روني من عامه الـ32، وقد سارع خلال المؤتمر الصحافي الأخير لتوضيح أنه يعود إلى إيفرتون سعياً وراء الفوز ببطولات، وليس لمجرد أن غوديسون بارك تشكل «منزل تقاعد» مناسباً له. إلا أنه اعترف في الوقت ذاته بتفهمه للأسباب التي دعت كثيرين للتشكك في أن مسيرته الكروية في انحدار، وقال: «من المؤكد هذا ينطبق على العام الماضي»، ولم يكن الأمر بحاجة لمرافقته لفترة طويلة لإدراك أن الموسم الوحيد الذي قضاه تحت قيادة المدرب جوزيه مورينيو في مانشستر يونايتد كان بمثابة محنة شخصية له.
وفي رده على سؤال حول متى شرع في التفكير في الرحيل عن «أولد ترافورد»، أجاب روني: «نوفمبر (تشرين الثاني)». واستطرد قائلاً: «بدأت الموسم بأداء جيد وأبليت بلاءً حسناً حتى مشاركتي في مباراة أمام واتفورد خارج أرضنا قدمت فيها أداء سيئاً. ومنذ ذلك الوقت، فوجئت بنفسي خارج الفريق».
وماذا بعد ذلك؟ قال روني: «كان الجزء الأصعب في الأمر حمل كأس بطولتين: كأس رابطة الأندية الإنجليزية المحترفة والدوري الأوروبي. شعرت حينها أنني لا أستحق هذا الشرف لأنني لم أشارك في صنع هذه الانتصارات. وكان هذا أمراً شاقاً عليّ، فمن الطبيعي أنني أشعر بالسعادة لأننا فزنا بهاتين البطولتين، لكنك لا تشعر بذات القدر من البهجة الذي تشعره أثناء الاحتفال بالفوز داخل الملعب».
وأضاف: «كانت فترة شعرت خلالها بالإحباط، فقد كانت هذه أول فترة في مسيرتي المهنية لا أشارك خلالها في اللعب، وإنما كنت أجلس على مقعد البدلاء، الأمر الذي لم أعتَدْه من قبل قط. لقد كنت بحاجة للمشاركة في اللعب، لكنني في الوقت ذاته قائد مانشستر يونايتد، لذا كان يتعين علي الاحتفاظ بروح إيجابية داخل المكان وتجنب إثارة روح سلبية. وقد تحدثت إلى جوزيه مورينيو في يناير للتعرف على رأيه، وقد أخبرني دوماً أنه يرغب في استمراري مع الفريق ومعاونة أقراني حتى نهاية الموسم. وبالفعل، التزمت بذلك، لكنني كنت مدركاً لأنه من الضروري أن أرحل من أجل مصلحة مسيرتي المهنية».
وانتقل روني إلى جناح يطل على استاد غوديسون وأوضح أنه تخلى عن رغبته في إعادة اكتشاف نفسه كلاعب خط وسط وأنه سيحرص على قيادة الفريق من الأمام تحت قيادة رونالد كويمان.
وفيما وراء ذلك، هناك بطولة كأس العالم العام المقبلة، وربما أصبح روني مضطراً الآن للحديث عن مسيرته مع المنتخب الإنجليزي في صيغة الماضي. وقال روني: «لو كنت انتقلت إلى الصين، وكان ذلك خياراً قائماً أمامي بالفعل، كنت سأتخلى عن حلم العودة إلى المنتخب»، إلا أن هذا القول لا ينطبق على إيفرتون. وقال روني: «أود اللعب باسم إنجلترا. ولا يمكن للاعب نيل شرف الانضمام إلى المنتخب الإنجليزي لمجرد إنجازاته السابقة، وإنما يتعين عليه تقديم أداء جيد لينال شرف تمثيل بلاده. إنني أتفهم هذا الأمر تماماً وأحترمه. وهذا تحديداً ما يتعين علي عمله الآن».
ومن المقرر أن تبدأ فترة عودته الثانية بمباراة على أرضه أمام ستوك سيتي في 12 أغسطس (آب) . ومن الخطأ افتراض أن عودته إلى «أولد ترافورد» في 17 سبتمبر (أيلول) للمشاركة في المواجهة المقررة ذلك اليوم هي الحدث الأهم بالنسبة له خلال الموسم المقبل.
في الواقع، يبدو روني جامد العواطف تماماً حيال هذا الأمر لدرجة تجعلنا نؤمن بأنه سيعود إلى مانشستر يونايتد، النادي الذي فاز في صفوفه بـ12 بطولة كبرى وسجل أهدافا لصالحه أكثر عن أي لاعب آخر بالتاريخ، حاملاً بداخله هدفاً واحداً يتمثل في السعي وراء الفوز بثلاث نقاط. ومع هذا، أضاءت عينيه ببريق غريب لدى سؤاله حول ما إذا كان ثمة تاريخ بعينه يحمل دائرة حمراء مميزة حوله داخل مفكرته، وأجاب: «هناك بالفعل موعد ينطبق عليه هذا الوصف: مباراة ليفربول؛ 9 ديسمبر (كانون الأول). لقد كان ذلك واحداً من أكبر الأشياء التي ندمت عليها عندما رحلت عن إيفرتون، أنني لم أسجل أهدافا في لقاءات الديربي. خلال أول ديربي شاركت به، صوبت الكرة نحو المرمى لكنها اصطدمت بالعارضة وانتهى اللقاء بالتعادل السلبي، وذلك في ديسمبر 2002، والمؤكد أنه سيكون أمراً رائعاً أن أسجل هدفاً بمرمى ليفربول لحساب إيفرتون».
وخلال المؤتمر، حرص روني على تذكير الجماهير بأنه كان حاضراً في استاد ويمبلي عندما فاز إيفرتون بآخر بطولاته: كأس الاتحاد الإنجليزي عام 1995.
أما المشكلة الوحيدة التي ظهرت في المؤتمر الصحافي فكانت تأخر روني عن موعده، الأمر الذي اضطر كويمان لانتظاره في أحد الممرات لمدة 25 دقيقة، بيد أن أحداً لم يجرؤ على توضيح أن جماهير أكبر كانت تحتشد في الخارج ترقباً لعودة دنكان فيرغسون عام 2000.
من جانبه، لم يبد كويمان اهتماماً كبيراً بالأمر، وأخيرا عندما ظهر روني كان من الصعب تذكر آخر مرة بدا فيها على هذه الدرجة الكبيرة من السعادة. وقد اختتم روني المؤتمر الصحافي بقوله: «شعرت بأنني أسير في الطريق الصواب، لقد شعرت بارتياح بالغ لدى قدومي إلى هنا».
وبالفعل يبدو أن روني بدأ خطوة في المسار الصحيح بإحرازه أول أهدافه مع إيفرتون في رحلته التجريبية بأفريقيا في مرمى فريق جورماهيا التنزاني.