قيمة الصفقات العقارية في السعودية خلال الربع الثاني تصل إلى 11.8 مليار دولار

سجل القطاع العقاري السعودي خلال الربع الثاني من العام الحالي انخفاضا في إجمالي قيمة الصفقات بنسبة تجاوزت الـ17 في المائة لتبلغ 11.8 مليار دولار، مقارنة بالربع الأول من العام الحالي التي تجاوزت الـ14.8 مليار دولار، ويتضح من خلال المؤشرات العقارية انخفاض الأنشطة كافة بلا استثناء مع اختلاف معدلات الانخفاض.
ورغم تعدد أسباب الانخفاض في القيمة والطلب، فإن الرسوم تظل الأكثر تأثيراً بحسب تسلسل نسبة الانخفاض منذ اعتمادها من مجلس الوزراء، مدعوماً بعزوف المشترين نظراً للفجوة الكبيرة بين عروض أسعار البائعين وقدراتهم على الشراء.
وقال خالد الباز الذي يدير شركة محاورون العقارية،: «تشهد السوق نزولا ملحوظا في الأسعار تماشيا مع الطلب لمستويات معقولة ومغرية، خصوصا أن السوق بدأت فعلياً بدفع فواتير الرسوم وهو القرار الذي من المتوقع أن يشهد زخماً كبيراً في السوق والأسعار بدء عروض كميات كبيرة من الأراضي الفترة الماضية، إلا أن ما يميز هذا الربع أن هناك نزولا ملحوظا في القيمة رغم أنه غير مكافئ للانخفاض في الطلب، مما يوحي بأن هناك انخفاضات مقبلة في القيمة بعد موجة عريضة من الارتفاعات لامست الضعف خلال العقد الماضي فقط، في أكبر سلسلة ارتفاعات شهدها القطاع العقاري السعودي».
ولفت إلى أن ما يحدث الآن ما هو إلا تصحيح للوضع العقاري الذي بدأت ملامح السيطرة عليه تتضح، معرجاً بأنهم كعقاريين يرغبون في انخفاض في قيمة العقار ليتمكنوا من إعادة الحركة والتكسب من نشاط السوق بشرط عدم تحقيق خسائر فيما يمتلكونه أو يعرضونه وأن الخروج برأس المال جيد إلى حد كبير.
وزاد الباز بأن ما أظهرته المؤشرات العقارية عن انخفاض في إجمالي قيمة الصفقات العقارية أمر ليس بجديد، لافتا إلى أن الانخفاض جاء بعد توقف الطلب أو تقلصه إلى حد كبير بضغط من الواقع الذي يعجز المستثمرون على تطويره والسيطرة عليه لتحريك السوق وفتح جبهات استثمارية جديدة، تمكنهم من جني الأرباح بشكل مضاعف وهو ما لا سيحدث في حال استمرار الأسعار مرتفعة، وهو ما فهمته الحكومة وأصدرت على أثرها الكثير من القرارات التاريخية للسيطرة على القطاع من جديد وهو ما بدأ بوضع بصمته الخاصة على العقار المحلي، موضحاً بأن قدرات المشترين تتوقف مع نزول حقيقي في الأسعار وأن الحديث عن حلول تمويلية مختلفة غير مجد لوجود تضخم في الأسعار يعيق عمليات التملك.
يشار إلى أن القطاع العقاري السعودي شهد انخفاضات متتالية في قيم الصفقات خصوصاً منذ إقرار الرسوم على الأراضي البيضاء وهو القرار الذي كان الفيصل في بدء مرحلة جديدة في تاريخ العقار المحلي، ويذكر أن الحكومة تسعى جاهده إلى السيطرة على الأسعار عبر فرض الكثير من القرارات الصارمة وفي الوقت نفسه إطلاق رزمة من المشاريع السكنية غير الربحية لتنويع الخيارات لدى الراغبين في التملك للقضاء على الملف الأكثر أولوية بالنسبة إلى المواطن السعودي.
من جانبه أكد محمد الدريهم المدير العام لشركة أملاك نماء العقارية، بأن الانخفاض الملحوظ في إطلاق المشاريع التجارية التي باتت محدودة بشكل ملحوظ يعكس حال السوق، خصوصاً أن الإعلان عن مشاريع جديدة بات الآن عملية متهورة في ظل انخفاض الطلب ونقص سيولة المشترين وتشدد جهات التمويل»، لافتاً بأن انخفاض الصفقات خلال أسبوع بهذا الحجم يوضح الحال التي وصل إليه القطاع العقاري.
وأوضح بأن من يراقب السوق يجد أن هناك اختلافا في الأسعار ونزولا ملحوظا ولو بنسب محددة إلا أن ذلك مؤشر جيد على ما ستؤول إليه الأمور في القريب العاجل في انخفاض ملائم للأسعار بضغط مختلف من الطلب والقرارات والمشاريع الحكومية.
وقال الدريهم إن فقد السوق لما يزيد على 17 في المائة خلال 3 أشهر مقارنة بالربع المنصرم، معدل كبير يحتاج إلى تدعيم أكبر من ناحية انخفاض ملائم للسعر، ورغم سعي الدولة إلى احتواء الأسعار وإعادتها إلى ما كانت عليه عبر سن التشريعات التي تدعو إلى ذلك، إلا أن الحلقة المفقودة تتمثل في ارتفاع أسعار العقار إلى مستويات كبيرة، مما يعكس الحال في السوق التي تعيش أسوأ أيامها منذ سنوات طويلة في ظل شح السيولة لدى المشترين، خصوصا لقطاع الإسكان الذي يعيش أياما عصيبة في ظل عدم وضوح الرؤية، بانتظار ما تفضي إليه الرسوم عبر انخفاض حقيقي في الأسعار وبالتالي التمكن من الشراء، وأن المشكلة الحقيقية تكمن في الفجوة بين قدرة المشتري وسعر البائع وهو ما تحاول الدولة إيجاد توافق فيه بطرق مختلفة.
هذا وسيطرت حركة العقار السكني على ما يزيد على 70 في المائة بما يزيد على 8.9 مليار دولار قيمة للصفقات خلال الربع الثاني من العام الحالي مقابل 3.4 مليار دولار قيمة للصفقات للقطاع التجاري الذي يسيطر على النسبة المتبقية خلال الربع الثاني، ورغم اختلاف الأنسب من ربع إلى آخر إلا أن القطاع السكني ظل مسيطراً على الحركة بشكل كبير ويحقق أرقاما مرتفعة مقارنة بالتجاري الذي يعيش معدلات قيم أقل بكثير.
من جانبه أبان عبدالعزيز الربيعان الذي يدير مجموعة التفوق العقارية، بأن الضغوطات ترمي إلى خفض الأسعار لتكون في متناول الجميع وهو ما يحصل الآن، ورغم عدم ملاءمة الأسعار إلى حد كبير مع قدرات المشترين فإنه يعتبر بأن هناك بصيص أمل نحو واقع جديد، يفتح فرضية وقوع المزيد من الانخفاضات خلال الفترة المقبلة في ظل تبلور الأسباب المؤدية إلى ذلك، مبيناً بأن الاستجداء بالتمويلات العقارية لن يكون مجدياً خصوصاً أن جوهر الحركة تكمن في قيمة العقار التي تعتبر مرتفعة وأكبر من قدرة شريحة كبيرة من الراغبين في التملك.
وأضاف الربيعان، أن المستثمرين العقاريين الآن يعيدون النظر في أسعار ما يمتلكونه أو يعرضونه من عقارات بعد انخفاض الطلب لمستويات كبيرة، مبينا أن المواطنين يتريثون بالشراء في الوقت الحالي لحين البت فيما ستفضي إليه الخطوات الحكومية المقبلة التي باتت تفاجئ المستثمرين، وأن العمليات الحكومية الأخيرة ستثري بشكل كبير في ميزان العرض الذي يعيش تناقصا كبيرا بالنسبة للطلب الذي يفوق قدرة الجميع، لافتاً أن السوق بحاجة ماسة لمثل هذه المشاريع لترغم الأسعار على الانخفاض، وأن التوافق على سعر معقول بين البائع والمشتري هو المخرج الوحيد للأزمة التي تشهد جموداً في المبيعات رغم تزايد الطلب وهو ما يوضح الحاجة إلى التوافق على الأسعار بحسب قدرة المشتري الذي يجد فجوة كبيرة بين قدرته والأسعار الحالية.