تعديل قانون رسوم تسجيل الأراضي في الأردن يثير جدلاً نيابياً بين مؤيد ومعارض

أحال مجلس النواب الأردني مشروع قانون معدل لقانون رسوم تسجيل الأراضي إلى لجنته القانونية، وهو المشروع الذي أثار جدلاً نيابياً بين مؤيد للمشروع ومعارض له. ففي الوقت الذي أشار فيه عدد من النواب إلى أن القانون سيشكل مدخلاً للجباية، واللجوء إلى جيوب المواطنين، اعتبر آخرون أن إقرار القانون أمر إصلاحي سيحمي أصحاب الأراضي من «المزاجية» في التعامل.
وتساءل نواب حول قدرة الحكومة الأردنية على تطبيق القانون على أرض الواقع، قبل أن يجيب وزير المالية عمر ملحس على هذا التساؤل بالتأكيد على أن المشروع يعد خطوة إصلاحية للتخلص من المزاجية في تحديد قيم الأراضي مسبقاً.
وأضاف ملحس أنه لدى وزارة المالية الأردنية القدرة على تطبيق القانون لأن كل من لديه أرض سيعلم مسبقاً ما هي المبالغ المترتبة عليه، موضحاً أن الحكومة لم تُضف مبالغ على الملكية، بل وضعت أسسا شفافة، وستضع أنظمة إلكترونية للتحقق من ذلك.
كان النائب عبد الكريم الدغمي قد قال إن هذا القانون سيقرّ رسوماً كحد السيف لا تخضع للنقاش حول المبلغ الحقيقي، وأشار إلى أنه سيتم تدمير المتاجرة بالعقارات، وهي من أهم التجارات الناجحة للأردنيين، واقترح رفض مشروع القانون ورده.
أما النائب مصطفى ياغي، فرأى أن هذا القانون يحتاج إلى مزيد من الدراسة، مطالباً بإحالته إلى اللجنة المالية بما لا يتغول على جيوب المواطنين.
ومن جهته، وصف النائب علي الخلايلة بنود القانون بالركيكة، معتبراً أن المشروع قد توسع في الإعفاءات، وطالب برده.
واعتبر النائب حسين القيسي أن مشروع القانون يعالج التشوه الموجود في رسوم الأراضي، ويعالج نقصاً تشريعياً في جانب الرسوم المستوفاة، مطالباً بإحالته إلى اللجنة القانونية.
ومن جانبها، قالت النائب وفاء بني مصطفى إن مشروع هذا القانون مهم جداً، ولا بدّ من تعديله لإلغاء حالة المزاجية المستشرية في كل المناطق، التي تخضع لاعتبارات لا نريد أن نتحدث عنها، ولا بد أن نعتمد على المؤسسية، ضمن تقديرات تسري على الجميع، لا اعتبارات شخصية لدائرة الأراضي. وشددت على أهمية ألا يكون القانون باباً من أبواب الجباية. ولإخراج الموضوع بأفضل صورة، طالبت بإحالته إلى اللجنة المالية التي لديها الخبرة الكافية لإخراجه بأفضل صورة.
ومن جهته، أكد النائب خالد رمضان أن المجلس محكوم بخياراته في التعاطي مع مشروع القانون، إذ إن الرد يعني التنازل عن حق النقاش، ولا بد من عدم الاستسهال في اللجوء إلى جيوب المواطنين، ويجب أن يكون لنا رأينا في القانون، من خلال اللجنة التي يجب أن تكون مشتركة للجنة القانونية والمالية.
أما النائب فيصل الأعور، فقال إن هذا التشريع يخلو من أي شيء جديد، فهنالك لجان مركزية ولجان اعتراض، وبينما نحن نبحث عن اللامركزية، فأين دور هذه المجالس؟ وزاد: «القانون لا نجد فيه أي تطور نوعي أو فني، وأنا مع رد القانون».
وبيّن النائب خالد البكار أنه لا تزال هنالك ممارسات تؤثر بشكل مباشر على الاستثمار، وأضاف أن القانون حافظ على الإعفاءات في قطاع الإسكان، وهو خطوة إصلاحية، ولا بد من إحالته إلى اللجنة القانونية.
أما النائب عبد المنعم العودات، فأوضح أن الفكرة التي جاء بها القانون في غاية الأهمية، وهي وضع حد للتفاوت والمزاجية في تقدير الأراضي، والوصول إلى التقدير المسبق للعقار أو المنشأة التي يملكها.
ومن جهته، قال النائب مصلح الطراونة إنه لا زيادة في الرسوم، حسب ما ورد في القانون، مطالباً بإحالته إلى مجلس النواب، وأضاف: «نحن نعاني من المزاجية في تقدير قطعة الأرض، ويجب قيام دراسة معمقة للإعفاءات التي ترد، حيث قد تكون النصوص الواردة في المشروع منافذ لتنفيع البعض».
وتضمن مشروع قانون رسوم تسجيل الأراضي لسنة 2017، المعدل للقانون رقم (26) لسنة 1958، إضافات تسهل عملية تقدير قيمة الأراضي لغايات استيفاء الرسوم بعيداً عن الاجتهاد.
وتعتمد طريقة تقدير الأراضي والعقارات لغايات استيفاء الرسوم حالياً، بالدرجة الأولى، على الاجتهاد، ويعتريها كثير من السلبيات، حسب دائرة الأراضي والمساحة، فيما تعد طريقة المعالجة لاستيفاء فرق الرسوم بدائية، وتسهم في عدم استقرار المعاملات.
وقالت الدائرة، في بيان، إنه لهذه الأسباب مجتمعة «تم النص في التعديل على إيجاد قيمة إدارية من خلال لجان تقوم بالتقدير مرة كل 3 سنوات على الأقل».
وبموجب التعديلات المقترحة، فقد أضاف مشروع القانون تعريفات جديدة، لم تكن موجودة بالقانون الأصلي، مثل قيمة الأرض الخلاء، وهي القيمة المقدرة المعتمدة من قبل اللجان المشكلة لهذه الغاية، كذلك قيمة المنشآت، مثل الأبنية وأية منشآت ثابتة على الأرض، تحدد وفقاً لتعليمات يصدرها وزير المالية بتنسيب مدير عام دائرة الأراضي والمساحة.
وأضاف مشروع القانون تعريفاً لقيمة المال غير المنقول، وهي قيمة الأرض الخلاء والمنشآت، في حين كان يقصد بالمال غير المنقول في القانون الأصلي القيمة المدونة في سجلات دوائر تسجيل الأراضي على أنه «إذا رأى مدير التسجيل أن تلك القيمة المدونة ليست القيمة الحقيقية للمال غير المنقول حين التسجيل، فيجب عليه أن يقدر قيمة له، ويستوفى الرسم بنسبة القيمة المقدرة».
وبموجب التعديلات الجديدة، أعطى مشروع القانون وزير المالية الحق بتشكيل لجنه أو أكثر بناء على تنسيب مدير عام دائرة الأراضي والمساحة، وفي كل مديرية تسجيل أراضي، وتسمى لجنة التقدير من موظفي دائرة الأراضي والمساحة والمقدرين المعتمدين، وتتولى تحديد القيمة للأحواض أو أجزائها في جميع مناطق المملكة، وفقاً لتعليمات يصدرها وزير المالية لهذه الغاية، على أن يعاد النظر في هذا التقدير كل 3 سنوات مرة على الأقل.
وأحدث تعديل القانون لجنة مركزية لاعتماد القيم والنظر في الاعتراضات، يشكلها وزير المالية في مركز الدائرة، فيما اعتمد التعديل القيمة المقدرة للمال غير المنقول، ما عدا الإنشاءات فهي قيمة الأرض، وفقاً لما تحدده لجنة التقدير، على أن يتم نشر هذه القيم في الجريدة الرسمية.
وبحسب بيان الأراضي، فإنه نظراً لما شهده سوق العقار الأردنية من تطور في مجال التمليك، فكان لا بد من مراجعة الجهات التي تستحق الإعفاء من رسوم معاملات تسجيل الأراضي بموجب القانون، إضافة إلى ما ورد في القانون الأصلي من جهات معفاة، تم إضافة السفارات أو القنصليات الأجنبية شريطة المعاملة بالمثل، وكذلك معاملات البيع اللاحق من خلال عقود بيع المرابحة التي تجريها البنوك الإسلامية والمؤسسات المالية للوحدات السكنية خلال 30 يوماً من تاريخ امتلاك البنك للوحدة أو المسكن، وعقود تمليك العقارات دون مقابل التي تجري باسم الخزينة أو لصالحها.
كما أعطى تعديل القانون مجلس الوزراء الحق في أن يعفي من رسوم تسجيل الأراضي، بناء على تنسيب وزير المالية، ووفقاً للأسس والشروط التي يحددها لهذه الغاية، معاملات تسجيل الأراضي المتعلقة بمشاريع الإسكان الخاصة بمؤسسة الإسكان والمؤسسة العامة للضمان الاجتماعي والتطوير الحضري وجمعيات الإسكان التعاونية ومعاملات الإسكان الفردية التي تجريها البنوك والشركات، وتم تمويلها من دون فوائد، وذلك عند إعادة تسجيلها مع الأبنية القائمة عليها بأسماء المستفيدين.
أما فيما يتعلق برد رسوم التسجيل المستوفاة لدافعيها عن المعاملات التي لم تكتمل إجراءاتها، فقد أعطى تعديل القانون الحق برد الرسوم، إذا كانت إحدى الدوائر الرسمية سبباً في عدم إتمام المعاملة، وكذلك إذا صدر قرار حكم مكتسب الدرجة القطعية عن إحدى المحاكم المختصة بإلغاء المعاملة، أو إذا كان المشتري قد تسبب في ذلك، على أن يتم خصم قيمة التكلفة الإدارية، وفقاً لنظام يصدر لهذه الغاية. وتأتي هذه التعديلات على القانون الأصلي أيضاً لتعزيز الشفافية، ورفع مستوى المصداقية، وتحييد الاجتهاد والعامل البشري ما أمكن في عملية التقدير، وتحسين وسائل تحديد الرسوم والضريبة.
كما يأتي لتجنيب دائرة الأراضي للدعاوى الكثيرة التي ترفع عليها للمطالبة برد الرسوم المستوفاة عن معاملاتهم غير المكتملة، حيث بموجب مشروع القانون المعدل، ستحدد الأسعار والرسوم بدقة، وبعيداً عن الاجتهاد، مما يساهم في استقرار سوق العقار الأردنية، ويشجع المستثمرين على الانخراط في السوق عند وجود بيئة اقتصادية آمنة.