أوروبا ترحب بتحرير بنغازي... والسراج يهنئ الليبيين ويتجاهل حفتر

بدأت مدينة بنغازي، ثاني كبريات المدن الليبية، تستعيد عافيتها بعد ساعات قليلة من إعلان المشير خليفة حفتر، قائد الجيش الوطني الليبي «التحرير الكامل» للمدينة من المسلحين المتطرفين، وذلك بعد أكثر من ثلاث سنوات من المعارك الضارية.
وخرج آلاف الليبيين في عدة مدن في شرق وجنوب البلاد في مسيرات، انطلقت فيها الألعاب النارية تعبيرا عن فرحتهم بدحر الجماعات الإرهابية التي سيطرت على بنغازي قبل نحو ست سنوات. لكن رغم ذلك لا تزال قوات الجيش الوطني الليبي تقوم بعملية تمشيط واسعة للبحث عن الألغام التي زرعها المتطرفون قبل هزيمتهم، وطالب المواطنين بعدم الاقتراب من منطقتي الصابري وسوق الحوت حتى تأذن القوات لهم بذلك، بسبب وجود ألغام ومفخخات لم تتم إزالتها بعد.
وأصدر فائز السراج، رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني المدعومة من بعثة الأمم المتحدة في العاصمة الليبية طرابلس، بيانا، هنأ فيها أهالي بنغازي بتحريرها. لكنه لم يشر صراحة إلى اسم المشير خليفة حفتر ولا إلى قواته.
وقال السراج في بيانه، إنه يهنئ الشعب الليبي كافة، وأهالي وسكان بنغازي خاصة بإعلان تحرير المدينة، وانتهاء سنوات المعاناة لبدء مرحلة البناء والتعمير، موضحا أنه «يتطلع إلى أن تكون المرحلة المقبلة بداية الدولة الديمقراطية المدنية الموحَّدة بجيش واحد، ومؤسسات سيادية موحَّدة، وأن يسود الأمن والاستقرار ربوع ليبيا».
ورأى السراج أن «الأولوية اليوم أصبحت لإعادة الإعمار، وتفعيل المؤسسات الخدمية بطريقة أفضل في مدينة بنغازي ومدن ليبيا التي اكتوت بنار الإرهاب والتطرف»، مشيرا إلى أن المجلس الرئاسي يعمل ويسخر كل إمكاناته على أن تعود المؤسسات الحيوية الأخرى المتوقفة إلى العمل بأسرع وقت.
وفى أول رد فعل دولي بعد الإعلان عن تحرير بنغازي أشادت فرنسا أمس بما وصفته بـ«التقدم» الذي أحرزته قوات الجيش الوطني الليبي، إذ قالت إنياس روماتي، المتحدثة باسم الخارجية الفرنسية، إن باريس «تشيد بكل تقدم في مجال مكافحة الإرهاب، مثل الذي أحرزته حاليا قوات المشير خليفة حفتر ضد المجموعات الإرهابية في بنغازي... وحتى تكون هذه النجاحات مستدامة يجب تشكيل جيش ليبي نظامي تحت إمرة السلطة المدنية لمراقبة مجمل الأراضي الليبية والحدود». وكان المشير حفتر قد شن خلال ربيع 2014 عملية أطلق عليها «عملية الكرامة» لتحرير بنغازي من المتطرفين الإرهابيين. لكنه لا يعترف بشرعية حكومة الوفاق الوطني التي يرأسها السراج التي تعترف بها المجموعة الدولية، بينما يتهمه خصومه، وخصوصا مجموعة مصراتة (غرب) بالسعي إلى إقامة نظام عسكري في ليبيا.
وكانت فرنسا التي تدعم حكومة السراج، قد أرسلت مستشارين عسكريين لدى حفتر الذي يعتبر السد الرئيسي أمام الإرهاب. فيما تؤكد باريس علنا أن حفتر «جزء من الحل» في ليبيا، وأنها تسعى إلى إطلاق مبادرة مع باقي اللاعبين الإقليميين، وخصوصا مصر والإمارات.
من جانبه، رحب السفير البريطاني لدى ليبيا بيتر ميليت، بتحرير بنغازي من الإرهاب، متمنياً أن يجلب ذلك الأمن والازدهار إلى أهل المدينة، وذلك في أول رد فعل غربي على إعلان تحرير المدينة من الإرهاب. وقال ميليت عبر حسابه على موقع «تويتر»: «أرحب بتحرير بنغازي. الإرهاب لا مكان له في ليبيا. وأتمنى أن يجلب ذلك السلام والأمن والازدهار إلى أهل بنغازي».
من جهتها، رحبت بعثة الأمم المتحدة بتحرير بنغازي، وقالت في بيان مقتضب: «نأمل في أن تكون هذه خطوة نحو الاستقرار والسلام والمصالحة في ليبيا»، كما اعتبرت أنه «لا مكان للإرهاب في البلاد». وسيمثل هذا الانتصار في بنغازي تقدما كبيرا لحفتر، الذي يتقدم حثيثا في شرق وجنوب ليبيا، وذلك في تحد لحكومة السراج في العاصمة طرابلس التي تواجه صعوبات لتمديد نفوذها.
وتكبدت قوات الجيش الوطني الليبي خلال «عملية الكرامة»، التي بدأها قبل ثلاثة أعوام خسائر فادحة في اشتباكات مع متشددين، ومعارضين سابقين للقذافي، كانوا يقاومون ما وصفوه بحكمه العسكري للمدينة.
وغرقت ليبيا في الفوضى منذ الإطاحة بنظام معمر القذافي عام 2011.