انخفاض الصفقات العقارية السعودية أكثر من 170 % الشهر الماضي

سجلت عدد الصفقات العقارية السعودية انخفاضاً قياسياً شهرياً خلال شهر يونيو (حزيران)، مقارنة بالشهر الذي سبقه، بنسبة تزيد على 170 في المائة، بعد انخفاض في أداء جميع القطاعات العقارية بجميع أفرعها، خصوصاً قطاع الأراضي الذي يعتبر المحرك الرئيسي للحركة، والذي يستحوذ عن ما يزيد على 80 في المائة من إجمالي الحركة العقارية العامة بشقيها التجاري والسكني، بتأثير مباشر من القرارات الحكومية التي بدأت تعيد بلورة القطاع، خصوصاً بعد البدء الفعلي في دفع رسوم الأراضي، وهو القرار التاريخي الأكثر تأثيراً حتى الآن على مراحل أداء العقار المحلي.
وحققت السوق العقارية السعودية 8597 صفقة عقارية شاملة خلال شهر يونيو الماضي، كانت نسبة السكني منها 7578 صفقة مقابل 1019 لصالح التجاري منها، مقارنة بـ22984 صفقة خلال شهر مايو (أيار) الذي سبقه، وسيطر بشكل كبير القطاع السكني بـ20119 صفقة مقابل 2865 لصالح التجاري.
وتعددت أسباب انخفاض إجمالي عدد الصفقات على القطاع التجاري بالتحديد، إلى انعكاسات رسوم الأراضي وضغطها على قيمة الاستثمارات العقارية ككل، بالإضافة إلى تخوف المستثمرين من المخاطرة بالشراء في هذا الوقت، في ظل الضغوطات الكبيرة التي تعيشها السوق، أهمها الرسوم التي تظل الأكثر تأثيراً بحسب تسلسل نسبة الانخفاض منذ اعتمادها من مجلس الوزراء، والتوجس من مستقبل العقار الذي يعتبر هاجساً كبيراً لدى المهتمين فيه، مدعوماً بالعزوف الكبير؛ نظراً للفجوة الكبيرة بين أسعار البائعين وقدرة صغار المشترين، ويتوقع أن ينعكس تضاؤل الطلب على الأسعار بشكل إيجابي عبر انخفاضها لمستويات تتماشى مع قدرات المشترين.
قال صالح الغنام، المدير العام لشركة الغنام للتطوير العقاري، إن نزول عدد الصفقات بحسب المؤشر العقاري دليل على رفض المشترين الشراء بالأسعار الحالية التي يرونها مرتفعة، رغم أن المطورين يرغبون بشكل كبير في البيع ولو برأس المال لضمان جريان السيولة وعدم توقفها، وذلك باعتبار أن للمشروعات عمرا محددا تنخفض كلما تأخر بيعها أو تصريفها، موضحاً أن السوق العقارية مترابطة إلى حد كبير بين أفرعها مهما اختلف النشاط، لذا تجد تأثير أي فرع على الآخر بشكل مباشر، ويتضح ذلك من الانخفاض الحاصل في عدد الصفقات بالنسبة إلى القطاع التجاري الذي تأثر بلا شك نتيجة الضغوطات على العقار السكني، الذي يعاني من انخفاضات متتالية.
وأضاف: «كما أن ملاك العقار التجاري والسكني يعتبرون الجهات والأشخاص نفسها، مما يعني أن التأثير يكون بشكل مباشر على عمليات البيع والشراء بشكل أو بآخر، موضحاً أن ذلك يبين إلى أين تسير السوق العقارية بعد مقاومة القطاع التجاري الذي يعتبر آخر الفروع التي تأثرت فيما يحدث في العقار المحلي».
وزاد الغنام، بأن المستثمرين العقاريين سيعيدون النظر في أسعار ما يمتلكونه أو يعرضونه من عقارات، وبالتحديد مع الانخفاض الكبير الحاصل في الطلب، في الوقت الذي تدفع فيه الحكومة بكل قوتها في سبيل إعادة الأسعار إلى طبيعتها، وهو الهدف الرئيسي للقضاء على تضخم أسعار العقار بكل أفرعه، وهو ما يوضح أن هناك إحكاما للسيطرة على كامل نشاط العقار، وهو ما يهيئ أرضاً خصبة للانخفاض في القيمة، خصوصاً أن أسعار العقار انخفضت لما يزيد على 20 في المائة في أقل من 12 شهرا، وهو ما يؤكد سطوة القرارات الحكومية على واقع السوق.
يشار إلى أن عدد الصفقات في شهر يونيو 8597 استحوذت الأراضي على 7339 كانت حصة الأسد بـ6473 للسكني على حساب التجاري الذي لم تتجاوز عدد صفقاته 866. في حين توالى النشاط على الشقق بـ782 صفقة تلتها الأراضي الزراعية بـ285 صفقة، ومن ثم البيوت بـ86، والفلل بـ48 صفقة، وتعتبر الحركة العامة لشهر يونيو منخفضة بشكل كبير؛ نظراً لتقاطعه مع شهر رمضان المبارك الذي يعتبر أحد أكثر الشهور انخفاضا في الحركة.
من جانبه أكد عبد اللطيف العبد اللطيف المستثمر العقاري، أن هناك انخفاضات متتالية في قيمة الصفقات أيضاً وهو ما يميز السنة الأخيرة بشكل خاص، مما يوحي بأن هناك نزولاً أكبر في القيمة بعد موجة عريضة من الارتفاعات لامست الضعف خلال العقد الماضي فقط، في أكبر سلسلة ارتفاعات شهدها القطاع العقاري السعودي، لافتاً إلى أن ما يحدث الآن ما هو إلا تصحيح للوضع العقاري الذي بدأت ملامح السيطرة عليه تتضح، معرباً عن أنهم كعقاريين يرغبون في انخفاض في قيمة العقار ليتمكنوا من إعادة الحركة والتكسب من نشاط السوق بشرط عدم تحقيق خسائر فيما يمتلكونه أو يعرضونه، وأن الخروج برأس المال جيد إلى حد كبير، مفضلاً هذا السيناريو على بقاء الحال جامداً والذي يشهد عزوفاً من المشترين وتعنتاً من البائعين، في ظل التضاؤل المتزايد لعدد الصفقات؛ رغبة في تحسن الأسعار بالنسبة إلى المشترين.
وأضاف العبد اللطيف أن الأمر منفصل فيما يحدث بين تزايد وقوة الاقتصاد السعودي، وفي تناقص قيمة صفقات القطاع التجاري العقاري، حيث إن من مصادر التضخم ارتفاع أسعار العقارات التجارية التي تعتبر مرتفعة إلى حد كبير، مقارنة بالخدمات التي تقدمها، أو حتى بالنسبة إلى موقعها والمميزات التي تحتويها، وأن أي تصحيح في قيمتها سيلقي بظلاله بشكل مباشر على الاقتصاد المحلي، باعتبار أن انخفاض قيمة العقار التجاري سيخفض تكاليف المشروعات العقارية، وبالتالي نزول الأسعار.
وبين «أن العقار السعودي في حركة تصحيح وليس ضعفاً، وأن ذلك سينعكس بشكل إيجابي على الاقتصاد المحلي، خصوصا أن هناك انخفاضا كبيرا واستجابة للضغوطات التي يعيشها القطاع العقاري المحلي، حيث تشهد السوق نزولا ملحوظا في الأسعار تماشيا مع الطلب لمستويات معقولة ومغرية، خصوصاً أن السوق بدأت فعلياً بدفع فواتير الرسوم، وهو القرار الذي من المتوقع أن يشهد زخماً كبيراً في السوق والأسعار، بدليل تسييل كميات كبيرة من الأراضي الفترة الماضية».
وبمقارنة عدد الصفقات خلال الربع الثاني من العام الجاري مقارنة بالربع الأول من العام ذاته، يلاحظ انخفاض في عدد إجمالي الصفقات، حيث بلغت خلال الربع الثاني 52022 صفقة عقارية، استحوذ السكني منها على 45394 صفقة عقارية، مقابل 6628 للقطاع التجاري، في حين بلغت عدد الصفقات للربع الأول من العام الجاري 62960 صفقة، وحصد السكني منها 54506 صفقة، مقابل 8454 لصالح التجاري، في حين ظلت الأراضي هي المسيطر على العمليات المنفذة دون منازع.
من جانبه، أبان وليد الرويشد، الذي يدير شركة «مستقبل الإعمار» العقارية، بأن هناك انخفاضات متتالية في قيمة الصفقات، إلا أن ما يميز هذا الانخفاض المتتالي أن هناك نزولا ملحوظا في القيمة، رغم أنه غير مكافئ للانخفاض في الطلب، مما يوحي بأن هناك انخفاضات مقبلة في القيمة بعد موجة عريضة من الارتفاعات لامست الضعف خلال السنوات الأخيرة، لافتاً بأن ما يحدث الآن ما هو إلا تصحيح للوضع العقاري الذي بدأت ملامح السيطرة عليه تتضح، معرجاً بأنهم كعقاريين يرغبون في انخفاض في قيمة العقار ليتمكنوا من إعادة الحركة والتكسب من نشاط السوق، بشرط عدم تحقيق خسائر فيما يمتلكونه أو يعرضونه، وأن الخروج برأس المال جيد إلى حد كبير، مفضلاً هذا السيناريو على بقاء الحال جامداً يشهد عزوفاً من المشترين وتعنتاً من البائعين.