نافذة على مؤسسة تعليمية: جامعة موسكو الحكومية للعلاقات الدولية مصنع الدبلوماسية الروسية

تصنف جامعة موسكو الحكومية للعلاقات الدولية واحدة من أكثر المؤسسات التعليمية الروسية هيبة ووقاراً، في روسيا وخارجها. ويحلم كثيرون بالدراسة على مقاعدها، فهي ليست جامعة عادية تديرها وزارة التربية، وإنما مصنع حقيقي للدبلوماسية، تابع لوزارة الخارجية الروسية، وقبلها كان تابعا للخارجية السوفياتية.
ويعود تاريخ ظهور جامعة العلاقات الدولية إلى السنوات الأخيرة من الحرب العالمية الثانية، وتحديداً إلى عام 1943، حين تم افتتاح كلية للعلاقات الدولية، ضمن جامعة موسكو الحكومية. وفي 14 أكتوبر (تشرين الأول) عام 1944 قرر «مجلس مفوضي الشعب» السوفياتي، تحويل كلية العلاقات الدولية إلى معهد مستقل أطلق عليه اسم «معهد موسكو الحكومي للعلاقات الدولية»، وما زال حتى يومنا الحالي يحمل هذا الاسم، حتى بعد أن حصل على تصنيف «جامعة». وفي العام الأول من عمله استقبل المعهد مائتي طالب.
ومنذ عام 1946 فتح أبوابه أمام الطلاب الأجانب. واقتصر التدريس في المعهد بداية على ثلاثة تخصصات: الدولي، والاقتصادي، والقانوني. وفي عام 1954 تم افتتاح كلية لعلوم الاستشراق.
واعتمدت السلطات السوفياتية على معهد موسكو الحكومي في إعداد الدبلوماسيين والإعلاميين، وجرى التدريس باعتماد مناهج تواكب تطورات العصر. ونظراً لتصاعد أهمية العامل الاقتصادي في السياسة الخارجية، قررت الحكومة عام 1958 ضم معهد التجارة الخارجية، التابع لوزارة التجارة الخارجية السوفياتية، إلى معهد موسكو الحكومي. وبعد سنوات برزت الحاجة إلى تعزيز الكادر الدبلوماسي المتخصص في مجال القوانين الدولية ولذلك تقرر افتتاح كلية خاصة لتدريس القانون الدولي، وأخرى لتدريس الصحافة الدولية.
وفي السنوات اللاحقة، واصل المعهد توسيع مجالات عمله العلمي التدريسي والبحثي، ومع تحول روسيا مطلع التسعينات من القرن الماضي إلى سياسة السوق، وانفتاحها كليا على العالم الخارجي، تقرر عام 1991 افتتاح كلية «البيزنس والأعمال الدولية» وكلية «إدارة الأعمال»، ومن ثم كلية «العلوم السياسية» عام 1998. ولرفد قطاع الطاقة الروسي بكوادر مؤهلة لتنفيذ مهام دبلوماسية - اقتصادية، افتتح عام 2000 «المعهد الدولي لسياسة الطاقة والدبلوماسية»، وذلك بمبادرة من شركات النفط والغاز الروسية الكبرى.
ومنذ تأسيسها خرجت جامعة موسكو الحكومية أكثر من 40 ألف طالب من مختلف التخصصات، بينهم أكثر من 5500 طالب أجنبي. وفي الوقت الحالي يدرس على مقاعد الكليات التابعة لجامعة «معهد موسكو الحكومي للعلاقات الدولية» أكثر من 6500 طالب، من نحو 70 كياناً في الاتحاد الروسي، وقرابة 67 دولة أجنبية. وخرجت الجامعة كثيرا من الأسماء الشهيرة في عالم السياسة والصحافة، منهم على سبيل المثال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، والرئيس الأذربيجاني إلهام علييف، ووزير الخارجية الروسي الأسبق أندريه كوزيريف، وقسطنطين كوساتشوف رئيس لجنة العلاقات الدولية في البرلمان الروسي، وفيتالي تشوركين الذي شغل حتى وفاته عام 2017 منصب مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة.