المغرب يتحول إلى «سعر الصرف المرن» نهاية الشهر الحالي

أكد عبد اللطيف الجواهري، محافظ البنك المركزي المغربي، أن نظام سعر صرف الدرهم المغربي سيمر رسميا من السعر الثابت إلى السعر المرن مع نهاية الشهر الحالي. وشدد الجواهري على أن «هذا الانتقال سيكون بالتدرج، ولن يترتب عنه أي تخفيض لقيمة الدرهم المغربي».
ومع اقتراب موعد إعلان المرور إلى نظام الصرف المرن، عرفت سوق العملات بالمغرب خلال الأسابيع القليلة الماضية إقبالا من طرف المتعاملين، وبخاصة المستوردون، على بيع الدرهم مقابل العملات الصعبة تحسبا لانخفاضه. غير أن بنك المغرب تدخل بداية الأسبوع الحالي لدى البنوك من أجل كبح هذا التوجه. وقال الجواهري خلال لقاء صحافي عقده مساء أول من أمس بالرباط على إثر انعقاد الاجتماع الربع سنوي العادي لمجلس بنك المغرب: «لقد شكلت لجنة لمراقبة عمليات الصرف. فعندما يتعلق الأمر بعمليات عادية من قبيل تحويل أرباح المستثمرين أو تسديد فواتير الاستيراد، فلا بأس في إجراء العمليات. أما عندما يتعلق الأمر بشراء العملات من أجل المضاربة، فلن نسمح بذلك».
وأضاف الجواهري، أنه اتصل هاتفيا برؤساء البنوك المغربية ليعبر لها عن استيائه لهذه الممارسات. وأشار الجواهري إلى أن عمليات بيع الدرهم مقابل العملات اتخذت أبعادا غير مقبولة؛ إذ ناهزت قيمتها 4.5 مليار دولار خلال شهري مايو (أيار) ويونيو (حزيران)، الشيء الذي دفعه إلى التدخل.
وأضاف الجواهري «أغضبتني هذه الممارسة لأنها تمس بمصداقية بنك المغرب. لقد أكدت للجميع بأن الانتقال سيمر بسلاسة وعلى مراحل ممتدة في الزمن، وأنه لن يترتب عن ذلك أي تخفيض في قيمة العملة الوطنية. غير أن هناك من أشار على المتعاملين بضرورة التحوط من انخفاض الدرهم، ودفعهم إلى هذا السلوك». وردا على سؤال حول ما إذا كان سيتخذ إجراءات تأديبية ضد البنوك المتورطة، قال الجواهري: «هدفي الآن هو معرفة ما يحصل». وأضاف، أن الأمر يكتسي طابعا أخلاقيا أكثر منه قانونيا، مشيرا إلى أن العملاء الذين اختاروا مسايرة هذا التوجه سيكتشفون أنهم قدموا عمولات لشراء أدوات احترازية من دون جدوى ولا مقابل؛ لأن الدرهم لن ينخفض.
وحول مراحل تحرير سعر صرف الدرهم، قال الجواهري «في مرحلة أولى سيبقى سعر صرف الدرهم مرتبطا بسلة العملات الصعبة التي تتكون حاليا بنسبة 60 في المائة من اليورو وبنسبة 40 في المائة من الدولار، وسنسمح خلال هذه المرحلة بهامش تذبذب بنسبة 0.6 في المائة. بعد ذلك سنوسع الهامش تدريجيا في اتجاه إرساء نظام أكثر مرونة».
ودعا الجواهري رجال الأعمال إلى التريث والهدوء وانتظار الإعلان الرسمي خلال الأسبوع المقبل عن الإجراءات التي ستواكب هذا الانتقال، ومنها على الخصوص وضع أدوات الاحتراز من مخاطر الصرف من طرف مكتب الصرف (الهيئة المغربية المكلفة مراقبة تحويل العملات وسوق الصرف). وحول المقارنات التي تجرى بين المغرب وبلدان أخرى سبقته إلى تحرير سعر الصرف، أشار الجواهري إلى أن التجربة المغربية خاصة ومتميزة. وقال: «في البلدان الأخرى جرى الانتقال في ظل ظروف الأزمة وتحت الضغط، الشيء الذي أدى إلى انخفاض قيمة العملة الوطنية وتدهور القدرة الشرائية. أما لدينا في المغرب فقد بدأنا الاستعداد لهذه الخطوة منذ 2010. وكنا ننتظر اجتماع الشروط الملائمة للقيام بها. وخلال الأشهر الماضية نظمت اجتماعات مع البنوك ومع شركات الاستيراد والتصدير وكل المعنيين بسوق الصرف لشرح ما نقوم به وإعداد الجميع من أجل إنجاح هذا الإصلاح».
وأضاف الجواهري، أن المشكلة تكمن في الخلط بين «تخفيض العملة» و«تغيير نظام الصرف»، وقال: «لو كنا نريد تخفيض الدرهم لقمنا بذلك بصمت، حتى يكون التخفيض وراءنا قبل أن نشرع في المرور إلى نظام الصرف المرن».
وشبه الجواهري المرور إلى نظام الصرف المرن بوضع جهاز قياس الحرارة على جسم الإنسان. وقال: «إذا كان الجسم محموما ومريضا فطبيعي أن الجهاز سيعكس هذا الوضع، أما إذا كان الجسم سليما فدرجة الحرارة التي ستظهر على الجهاز هي 37 درجة». وأضاف: «الاقتصاد المغربي معافى وسليم؛ لذلك من المستبعد أن تعكس مؤشرات صرف العملة شيئا مختلفا».
وأوضح الجواهري، أن خيار الانفتاح وتعدد اتفاقيات التجارة الحرة التي أبرمها المغرب أصبحت تفرض عليه الانتقال إلى نظام صرف أكثر مرونة. وقال: إن هذا النظام سيمكن المغرب من مواجهة الصادرات الخارجية بشكل أفضل، كتقلبات أسعار البترول مثلا.
وبشأن قرارات مجلس إدارة البنك المركزي، أشار الجواهري إلى أنه قرر الاحتفاظ بسعر الفائدة المرجعي في مستواه الحالي 2.25 في المائة. وقال: إن التضخم المتوقع خلال العام الحالي لن يتجاوز 0.9 في المائة قبل أن يرتفع إلى 1.6 في 2018. كما أشار إلى أن بنك المغرب يتوقع نمو الاقتصاد المغربي بمعدل 4.4 في المائة خلال العام الحالي بفضل الإنتاج الزراعي القياسي، ارتفاعا من 1.2 في المائة خلال سنة 2016 التي تأثر فيها الإنتاج الزراعي بالجفاف.